الرئيسية / الأخبار / فلسطين
شارع الواد الشامي... شمعة يطفئها الاحتلال قبل أن تشع النور
تاريخ النشر: الثلاثاء 24/11/2020 17:16
شارع الواد الشامي...  شمعة يطفئها الاحتلال قبل أن تشع النور
شارع الواد الشامي... شمعة يطفئها الاحتلال قبل أن تشع النور

تقرير: سنابل صالح
على طول هذا الشارع في قرية عصيره القبليه سالت دماء الحاجة الثمانينه جميلة صالح (أم علي) لتصعد روحها إلى بارئها تاركة خلفها أبناءً وأحفاداً ينتظرون رجوعها إلى المنزل بعد شرائها الحاجات التي تريد من إحدى دكاكين القرية.
صورة من موقع وفاة الحاجة أم علي (تصوير_سنابل صالح)
يوم الخميس الرابع من يونيو من العام 2020 لقيت الحاجه أم علي مصرعها عقب دهسها من شاحنة تابعة لأحد أهالي القرية، وهنا تخبرنا شاهدة عيان كانت في موقع الحادث " كنت جالسة في المحل سمعت صوت شاحنه تمر من الشارع ثم سمعت صوت صراخ فخرجت لأرى ماذا حدث فرأيت الحاجه ملقاة على الارض ودماؤها تنزف، اقتربت منها وحاولت انتشالها من على الأرض لكن الرجال قالوا اتركيها، انتظروا لتصل سيارة الاسعاف، ثم جاء ممرض وفحصها وعندما تأخرت الإسعاف نقلوها بسيارة والقتو باإسعاف في الطريق لكنها كانت مفارقه للحياة قبل وصولها بعد أن كانت نزفت الكثير من الدم"
لم يكن حادث وفاة الحاجة أم علي الأول الذي تسببه الشاحنات التي تمر من القرية، فسبقه العديد من الحوادث في القرية، ففي أكتوبر من العام الماضي تعرضت مُسنة لحادث في وسط القرية أثناء قطعها الشارع الرئيسي، وتُحدثنا شاهدة في موقع الحادث " مررت من جانبها وسلمت عليها ثم تركتها تشتري أغراضا لها من السوبرماكت وذهب للركوب في الحافلة، ونحن جالسون في الحافلة فجأة بدأ السائق بالصراخ (راحت اندهست فغصها) نزل الجميع من الحافلة وكان سائق الشاحنة مازال يسير ولم يرى الحاجة لولا أن من في المنطقة وسائق الحافلة أشاورا له بأن يتوقف"
وتتابع "أنا نزلت بعد ذلك من الحافلة رأيتهم شالوها من مكانها وكانت واقفة على رجليها لكن كانت شبه فاقده للوعي وغير مدركه لما حولها وأخذوها في سيارة للمستشفى، بعد ذلك سمعت الناس يتحدثون أنها كانت تريد قطع الشارع للجهة الأخرى وفي تلك اللحظة كانت الشاحنة قادمة والشاحنة عاليه أما الحاجة فكانت قصيرة القامة، فالسائق لم يكن يراها وكان مسرعا ومع سرعة الشاحنة والهواء المنبعث وقعت على الأرض ولكن سبحان الله ارتمت على الجانب ولو كانت ارتمت بشكل مستقيم لكانت عجلات الشاحنة دهستها لا سمح الله."
ومكثت المسنه بعد ذلك في المشفى حوالي عشرة أيام حيث كانت تعاني من مشاكل في القلب قبل ذلك.
وناهيك عن الحوادث التي تسببها الشاحنات فإن أهالي القرية يشكون أيضاً من الإزعاج الذي تسببه إضافة إلى مخلفاتها من الغبار أو سقوط ذرات الصخور والحجارة الصغيرة المحملة بها مما يتسبب بانزلاق للسيارات المارة من الشوارع أو حتى انزلاق المواطنين أثناء سيرهم على الشوارع.
من جانبه يوضح رئيس مجلس قروي عصية القبليه حافظ صالح لموقع سنابل الإخباري أن" نتيجة لعدم آهلية شوارعنا بسبب ضيق مساحاتها لاستيعاب الكم الهائل من مرور هذه الشاحنات والحركة المرورية جميعها الحوادث المتكررة من هذه الشاحنات من دهس خطورتها على المواطنين والأطفال فعلى مدار عشرات السنين المواطنون يطالبون بإخراج هذه الشاحنات من القرية"

_طريق الطلاب إلى مدارسهم محفوف بالمخاطر:



لا تقتصر مخاوف أهالي عصيره القبلية على أرواحهم فأرواح أبنائهم أغلى ما يملكون خاصة مع وقوع مدارس القرية ورياض الأطفال على الشارع الرئيسي الذي تمر منه الشاحنات، وعن الخطورة التي تقع على طلبة المدارس يتحدث إلينا الأستاذ سليمان صالح _أحد أساتذة مدرسة عصيره القبلية الثانوية المختلطة وأحد سكان القرية _
" هذا الشارع حقيقة يشكل رعب للأطفال أثناء ذهابهم إلى مدارسهم خاصة أن وقت الذروة لهذه الشاحنات هو وقت خروج الطلاب إلى مدارسهم عند السابعة صباحا حيث يتوجه حوالي1000 طالب وطالبه عبر هذا الشارع إلى مدارسهم"
وعن دور المدرسة في حل هذه المشكلة يقول صالح " يمكن أن يكون هناك أنشطه لا منهجيه مثل الكشافة أو أسبوع نشاط لا منهجي يقف فيه الطلاب على مفترقات الطرق لمساعدة الأطفال الصغار في قطع الطريق لكن هذه تكون قليله ونادرة"
ويتابع" أن يكون هناك خروج للمعلمين بشكل دوري أمام أبواب المدرسة لحل هذه المشكلة لا يتم ذلك لأن هذه المشكلة لا تقع على عاتق الهيئة الإدارية في المدرسة ولا المدرسين وإنما يتعلق هذا الموضوع بوزارة الحكم المحلي والمجلس القروي وأولياء الأمور"
من جانبه يقول الأستاذ محمد حسني صالح _أحد أساتذة مدرسة عصيره القبلية الثانوية المختلطة وأحد سكان القرية _ " أنا كولي أمر فمصلحتي من مصلحة أبنائي ومصلحة أبناء بلدنا فمطالبنا واحده هي الحفاظ على أرواح أبنائنا وأرواحنا بإيجاد طريق بديلة تخرج منها الشاحنات التي هي مصدر اقتصادي مهم للقرية ولا غنى عنها وأطالب أصحاب المصالح أن تكون مصلحة أبناء بلدهم قبل المنفعة المادية"

ولحل هذه المشكلة قام المجلس القروي في عام 2018بوضع برنامج للمرور بالاتفاق مع المحافظة ومديرية الشرطة وأصحاب الكسارات يمنع الشاحنات من المرور من الشارع الرئيسي من الساعة السابعة وحتى الثامنة والنصف تخفيفا للازدحام الذي يحصل في وسط القرية بسب خروج المواطنين إلى عملهم وتحرك واسع لقطاع المواصلات العامة للنقل وأيضا ذهاب طلاب المدارس والروضات إلى مدارسهم والفترة الثانية من المنع تكون من الساعة الثانية عشر إلى الواحدة والنصف فتره عودة الطلاب من مدارسهم إلى بيوتهم، وخصص المجلس موظفاً من للقيام بمهمة تنظيم المرور ومنع الشاحنات من المرور.
وعن هذه المبادرة وفاعليتها يقول الأستاذ سليمان صالح" هذه المبادرة هي التي خففت الضغط والعبء على الطلاب وكانت خطوه طيبه وشعور من المجلس بالمسؤولية وشعور أيضا من المواطنين بالمسؤولية عندما يقفوا ويساعدوا هذا الموظف ويناصروه وهذا ما استطاعوا فعله"
وخففت هذه المبادرة جانب من خطر الشاحنات على طلاب المدارس ولكن على الجانب الآخر يقول رئيس المجلس القروي" واجهتنا مشكله هي أن أصحاب الشاحنات أصبحوا يوقفون شاحناتهم على المدخل الرئيسي للقرية الضيق أساساً لحين انتهاء فترة المنع مما يتسبب بإغلاقه بالشاحنات"
ونظراً لخطورة هذا الشارع على أطفال المدارس وعقب الحادث الذي أدى إلى وفاة الحاجة (أم علي) فقام عدد من أطفال القرية بوقفة احتجاجيه على مدخل القرية يطالبون بإخراج الشاحنات من القرية.


 

 

 

_استخراج الصخور عمود اقتصادي مهم لقرية عصيره القبلية:

أدى وقوع قرية عصيره القبليه على منطقه جبليه وطبيعة أراضيها الجبلية إلى احتوائها على أجود أنواع الصخور التي تقوم عليها الصناعات المختلفة، فقام أهالي القرية باستخراج هذه الصخور للاستفادة منها.
وتحوي القرية اليوم على ستِ كساراتٍ، وخمسة مناشير حجر، وحوالي خمسة عشر من المقالع الحجرية، بالإضافة إلى مصنعٍ للباطون ومصنعين للطوب، وبذلك تعود هذه الصخور بمردودٍ اقتصاديٍ مهم للقرية ولقرى المجاورة أيضا فتعيل عدد كبير من العائلات سواء لمالكيها أو العمال الذين يعملون بها، وفي هذا الجانب يحدثنا السيد محمد صالح (أبو إبراهيم)
_الذي يمتلك وإخوته مصنع الباطون وكسارة ومقالع حجرية في القرية_
يقول أبو إبراهيم" كل من هذه الكسارات والمقالع تشغل ما يقارب 30-35 شخص يستفيد منها مع عائلاتهم، وهي مشروع قائم لخدمة أهالي عصيره القبليه والقرى المجاورة ولا يدخر مالكيها أي مجهود لتقديم خدمة للبلد هذه المشاريع يستفيد منها أهالي قريتنا والقرى المجاورة فتشكل هذه المصحله مكان عمل لشباب القرية عوضا عن اتجاههم للعمل في الداخل المحتل وهنا وهناك فإن( خير البلد منها وفيها)
ويوضح لنا أبو إبراهيم عن حادث وفاة الحاجة أم علي "الحادث هو قضاء وقدر ونتمنى أن لا يتكرر غيره من الحوادث، والمشكلة عندنا في البلد أن مدخل البلد ضيق ونعمل على مدار سنوات لإخراج الشاحنات من خارج القرية وأيضاً نقوم بتوسعة مدخل القرية ففي العام الماضي تم توسعة الشارع من منطقتين والآن هناك مشروع آخر للتوسعة في منطقتين أيضاً"
ويتابع" أصحاب المصالح يبذلون أقصى جهودهم حتى لا يصل القرية أي ضرر من المقالع والكسارات فأغلب الكسارات مغلقه في (بركسات) ويفتحون المياه على مدار 24 ساعة من أجل ألا يتصاعد الغبار، ولا يتم إنشاء أي كسارة قبل أن تحضر وزارة الصحة والبيئة والآثار والمجلس القروي يشرفون عليها ويقومون بزيارتها على فترات لمراقبه مدى توفر شروط الصحة والسلامة ويتم بناء على ذلك منحها التراخيص اللازمة أو سحبها منها، وبحمد الله 80 % من الكسارات تتوفر فيها شروط السلامة"

 

_شارع الواد الشامي الحل الجذري للمشكلة:

 

على مدار سنوات طالب أهالي عصيره القبليه بافتتاح شارع تمر منه الشاحنات عوضا عن مرورها من شوارع القرية الضيقة وكانت هذه القضية ما بين مد وجزر بين المجلس القروي وأصحاب الأراضي التي سيمر منها الشارع، فجاءت حادثة وفاة الحاجة (أم علي) تستنهض همم أهل القرية جميعا ليقفوا على قلب رجل واحد وتتظافر جهودهم جميعاً لفتح هذا الشارع، فعقب الحادث تم تشكيل لجنه من أصحاب الكسارات والمقالع الحجرية والمجلس القروي، ويوضح رئيس المجلس القروي " أصحاب المصالح في القرية كل منهم دفع وقدم مساعده في فتح الشارع سواء ماليه أو حتى بتقديم المعدات اللازمة لفتح الشارع (كالجرافات والبواجر)
(صور فتح الشارع_من صفحة مجلس قروي عصيره القبليه على موقع فيسبوك)

 


وتقوم خطة هذا الشارع الذي يبلغ طوله 5كيلو و600 متر من بداية أراضي عصيره القبلية وصولا إلى اماتين غربا ، وكانت البداية فيه عام 2019كمشروع زراعي ممول من الاتحاد الأوروبي يصل بين محافظتي نابلس وقلقيلية، بحيث تكون بدايته من المدخل الشرقي لقرية عصيره القبلية ويتجه إلى الغرب ليصل إلى قرية اماتين التابعة لمحافظة قلقيلية ثم أن يربط شارع القدس بشارع الفندق وجينصافوط، لكن هذه الخطة سرعان ما اصطدمت بقرار قوات الاحتلال بإغلاقه بسبب وجود مستوطنة جلعاد غرباً الجاثمة على أراضي قرية تل.

 ولم يكتف الاحتلال بالإغلاق حتى استفاق أهالي القرية على منشورات من ما يسمى قائد قوات الاحتلال معلقه على أشجار الزيتون تطالب أصحاب الأراضي بهدم الشارع الذي تم تعبيده.

 

 ويضاف إلى ذلك ما يقوم به حرس مستوطنه يتسهار من بحركات استفزازيه للمزارعين والأهالي في تلك المنطقة وبحسب المجلس القروي فإنه يقوم أيضا بالضغط على المعسكر جيش الاحتلال حتى يمنع الناس من الوصول إلى أراضيهم. 

ويوضح رئيس المجلس "عندما تم تعبيد القسم الأول تفاجئنا بهاتف من الاداره المدنية التابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي بأنه يجب الوقف في العمل في هذا المقطع لأنه يخترق مناطق c ونحن مباشره بلغنا أصحاب التعبيد أن يخرجوا مباشره من العمل لان الجيش بناء على تهديداته سيصادرها وقبل أن تنتهي العشر دقائق التي أعطانا إياها كمهله كانت جيبات الاحتلال وصلت المكان وتم مصادرة مدحله وتصارعنا معهم، صادروا المدحله ثلاثة أيام، كنا قد عبدنا حوالي 800 متر باقي 300 متر يعني كنا تجاوزنا المنطقةc التي يتحدثون عنها وهي تقع في منتصف المنطقة التي نعمل بها (وسط الواد) وبقي لنا منطقه B، بعد أربعه أيام أعادوا المدحله بعد تنسيق من قبل الصليب الأحمر الذي جاء وكشف عن الموضوع وصور وكان ادعاء الصليب الأحمر في الجلسة الثانية أننا نريد إكمال الشارع باتجاه الغرب وقرية اماتين وهذا يعرض المستوطنين للخطورة "
ويتابع" أنا جعلته يرى البواجر التي تحفر باتجاه الشمال_ باتجاه القرية منطقهB وصوّرها_ ووضحت له أنا أريد أن أصل للمنطقة الصناعية ولا يعنيني أن أقوم بعمل شارع رئيسي أريد أن أختصر وأدخل إلى المنطقة الصناعية نتيجة وجود حالات إنسانيه وحوادث، في الجلسة التي تلتها اقتنعوا بالحديث لكن لازال لديهم تخوف الآن ينتظروننا حتى نعبد المقطع الثاني وان شاء لله خلال أسبوعين يكون العمل قد بدأ فيه"
وكخطوة للضغط على الجانب الإسرائيلي قام المجلس القروي بدعوة القنصل البريطاني من خلال منظمة (اوشه) تضامنا مع أهالي عصيره القبليه وما يتعرضون له من اعتداءات ومضايقات من الجانب الإسرائيلي فحضر برفقة القنصل البلجيكي والفرنسي والسويسري وتضامنوا مع القرية في المنطقة التي أغلقها الاحتلال ووعدوا بأن يعملوا بالضغط مع الصليب الأحمر والمنظمات الدولية حتى يتم فتح الشارع.
(

من جانبه يوضح السيد محمد صالح أنه" في حال تم فتح هذا المقطع فان 90% من أزمة الشاحنات داخل البلد ستحل وسيؤدي ذلك إلى حفظ امن وأرواح أهالي القرية وطلابنا وطالباتنا وأيضا يكون لمصلحه السيارات وأصحاب المصالح يعني بدلا من أن تدخل السيارة كيلو ونصف لداخل القرية فإنها تأتي من هذا الشارع بأقل خطر وضرر"
ويطالب الأستاذ سليمان صالح وزارة الحكم المحلي والمسؤولين باتخاذ الإجراءات اللازمة لكي يعود الشارع للعمل
ويعلق الأستاذ محمد حسني على إغلاق الشارع "مصالحنا ومصالح العدو لا تلتقي مع بعضها البعض إغلاق الشارع يطرح تساؤل لمصلحة من؟ الاحتلال أغلق الشارع لمصحة من؟ إغلاق الشارع بماذا يفيد لاحتلال؟ إذا لم تحل الهيئات المحلية هذه المشكلة من المفروض أن تصل هذه القضية ليس فقط إلى الحكم المحلي وإنما إلى الوزراء فمصلحة أبناء البلد من مصلحة أبناء الوطن فمن الفروض أن يكون هناك تدخل من الهيئات العليا لحل مشكلة هذا الطريق الذي لا بديل عنه "

لطالما كان إنشاءُ هذا الشارع حُلمًا يُراود أهاليَ قريةِ عصيرة القبلية،وما لبث أن النور حتى اصطدم بقرارٍ مفاجئٍ من قوات الاحتلالِ الإسرائيلي يقضي بإزالتِه عن بِكرة أبيه ما يعني استمرارَ الاحتلالِ الإسرائيلي بسياسةِ تضييقِ الخِناقِ على الفلسطينيين ومصادرةِ أراضيهم والاستيلاء عليها...

 

 

 


 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017