عائشة حجّار
يوم الثلاثاء الماضي، شاركت في مؤتمر صغير عُرضت فيه آخر الابحاث حول تأثير الشبكات الاجتماعية على تفكيرنا ثم تصرفاتنا. لفت انتباهي بحث لم ينشر بعد وجد أن كلمات الكراهية في التعقيبات في الشبكات الاجتماعية، التعقيبات وليس بالضرورة المنشور نفسه، تلك التعقيبات إذا حملت طابع الكراهية، فإنها تيقظ في القارئ مشاعر الكراهية، بل وتزيد من احتمال أن يقترف فعلًا يؤذي فيه غيره. نحن بحاجة لمثل هذا التذكير كل فترة، وخاصة في مجتمعنا الدامي، نحن بحاجة إلى من يقول لنا إن كل كلمة نقولها، نكتبها، أو ننسخها تؤثر على ما يحصل لغيرنا. كلنا نعلم ذلك، نحن نعلم أن التعقيبات المحرّضة التي نكتبها قد تكون شرارة تشعل الجريمة القادمة، فلماذا نستمر في الخطأ الذي نعلمه جيدًا؟
نحن نفعل ذلك ببساطة لأننا نستطيع، لأن شعورنا بالرقابة يختفي في عالم الانترنت والهاتف، فنعتقد أننا آمنون من الانتقاد حين نجلس وراء الشاشة، نحن نبث السمّ بكلماتنا لأننا نسينا، أو تناسينا، أن الله يرانا! واجبي يا أخي أن أذكرك كل شهرين أو أقل أن تختار كلماتك بحرص وتكون مسؤولًا عن نفسك ومجتمعك.
لكن الدراسة التي بدأت الحديث عنها كان لها جانب آخر، جانب فحص تأثير الكلمات الايجابية والتي تدعو لفعل الخير. في الواقع يوجد للمنشورات والتعقيبات الايجابية أثر طبيعي إيجابي على النفس، إنها تؤثر على مزاجنا وتدفعنا للقيام بأعمال تفيد عالمنا. المشكلة هي أن تأثير الرسائل الإيجابية أضعف من تأثير تلك السلبية، أي أنك تستطيع إيقاظ الكراهية في قلب شخص ما بمنشور واحد، بينما يلزمك أربعة أو خمسة منشورات لإخمادها. نحن نعلم في أي عالم نحن ونعلم أن تغليب خطاب الخير والهدوء على الشر والغضب أمر صعب جدًا، مع ذلك فهو ليس أمرًا مستحيلًا. ربما حان الوقت لمبادرة تختص فقط في الكلام، مبادرة لنشر حديث الطيبة والهدوء والاحسان. ربما حان الوقت لنساعد شبابنا أن لا يشعروا بالسخافة إذا تلفظوا بكلمات مثل الحنان واللطف والإحسان. نحن بحاجة ماسة إلى مبادرة “تعدل مزاجنا”- حرفيًّا!
لنصل إلى هذه المرحلة، علينا أن نبدأ بتهذيب أنفسنا ونغسل ألسنتنا وأقلامنا من الكراهية، ثم أن نربي أطفالنا على الحب دون أن نخجل أو نعتذر، بعد أن يهتم كلٌّ بنفسه وبيته، سيستطيع الخروج إلى مجتمعه، أن يكتب كلمة لطيفة، ألا يتنمر ولا يشجّع التنمر، أن لا يعقّب إذا غضب. الأهم من كل ما ذكرت، الأهم من أي شيء هو أن نتذكر أننا سنحاسب أمام الله على كل كلمة نقولها، لا يوجد كلمات تقال بدافع الدعابة فقط ولا مكان للعفوية في الخطأ، فلا أحد فينا يريد أن يحاسبه الله على كلمات قالها أو كتبها جعلت فتى يغضب فيقتل فتى آخر. “فليقل خيرًا او ليصمت”.