دارت الأرض حول محورها بسرعة غير معتادة خلال عام 2020، وإذا استمرت سرعتها في التزايد، فقد يؤدي ذلك إلى طرح ثانية من التوقيت العالمي.
جاء ذلك في التقرير الذي نشرته صحيفة "لوبوان Le Point" الفرنسية يوم 12 يناير/ كانون الثاني الجاري، وقالت فيه الكاتبة كلوي دوراند بارنتي إن العالم شهد العام الماضي أقصر 28 يوما على الإطلاق منذ عام 1960، حيث استغرقت الأرض مللي ثانية ونصف المللي أقل من متوسط المدة البالغة 86 ألفا و400 ثانية لإكمال دورة حول محورها.
يعود الرقم القياسي السابق إلى 5 يوليو/تموز 2005 عندما استغرق دوران الأرض أقل بقليل من مللي ثانية من المتوسط. يقول كريستيان بيزوار، عالم الفلك في قسم النظم المرجعية للزمان والمكان في مرصد باريس "في الواقع، لقد لاحظنا تسارعا في نسق دوران الأرض منذ عام 2016 ولا نعرف حقا كيفية تفسير ذلك".
أسباب غير معلومة
أوضح المختص أنه "منذ اختراع ساعات الكوارتز في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، من المعلوم أن طول اليوم قد شهد تقلبات موسمية بمعدل أجزاء من الثانية (أي 0.001 ثانية)، وكان ذلك في يوليو/تموز وأغسطس/آب كحد أدنى، وخلال الشتاء كحد أقصى. ولكن الاختلافات على مدى عقود لم تتجاوز 3-4 مللي ثانية".
وأشارت الكاتبة إلى أن التغير في سرعة الأرض -الذي لوحظ تحديدا خلال السنوات الست الأخيرة- يفسر بعوامل معروفة لدى العلماء، وهي أساسا التقلبات في الغلاف الجوي وفي مستوى المد والجزر. لكن السرعة التي سُجّلت على مدى 6-10 سنوات، وهي الوضعية الراهنة، لا يبدو أنها مرتبطة بنفس التأثيرات.
ويرجح بيزوار أن تكون هذه الاختلافات ناتجة عن التفاعل بين اللب السائل للأرض ووشاحها. وللأسف، لا يمكن للعلماء ملاحظة هذه الظواهر الداخلية إلا بشكل غير مباشر وذلك من خلال مراقبة المجال المغناطيسي للأرض.
ويضيف "إذا استمر هذا التسارع بالمعدل الحالي البالغ 0.3 مللي ثانية في السنة، خلال السنوات الأربع أو الخمس القادمة، فقد نضطر إلى طرح ثانية من التوقيت العالمي" الذي يعتمد على الساعات الذرية بموجب اتفاقية دولية أبرمت سبعينات القرن الماضي، حيث لا يمكن للفارق أن يكون أكثر من ثانية واحدة مقارنة بوقت دوران الأرض. ويؤكد عالم الفلك أن هذه المرة الأولى من نوعها التي نكون فيها مضطرين لطرح ثانية، حيث كان علينا دائما إضافة ثوانٍ للتعويض عن تباطؤ دوران الأرض.
السلبيّات تفوق الإيجابيات
ما لم تُلغ الاتفاقية الدولية المبرمة في السبعينيات ببساطة، فإن العديد من البلدان ستعمل على إلغاء هذا التوقيت الذري المصحح. إن النقاط الإيجابية التي حققها هذا الإجراء عام 1970 لم تعد ذات فائدة فعلية في الوقت الراهن، خاصة أن العديد من الأنشطة، على غرار التداول في أسواق الأسهم، بات يتطلب دقة زمنية أقل بكثير من الثانية.
وأوضحت الكاتبة أن طرح أو إضافة ثانية للتوقيت العالمي يثير العديد من الإشكاليات. حسب بيزوار، عندما تم إنشاء التوقيت العالمي المنسق، استخدم أساسا لتحديد المواقع، لا سيما في مجال الملاحة البحرية. وإذا قمنا بتصحيح الوقت الذري مقارنة بمعدل دوران الأرض، فإننا بذلك نحافظ على الدقة التي كانت تتماشى مع تقنيات ذلك العصر.
ولكن اليوم، يعمل نظام التموضع العالمي الأميركي ونظام غاليليو الأوروبي بدقة تصل إلى 10 ميكروثانية، وهو ما يجعل من التوقيت العالمي المنسق غير دقيق بما يكفي، حيث إن هذه التقنيات الحديثة تعتمد على وقت دوران الأرض مباشرة.
إن وقت دوران الأرض يعتبر أكثر تقلبا ولكنه أكثر دقة لتحديد الموقع الجغرافي. ويعتقد بيزوار أنه "إذا كان مخترعو التوقيت العالمي المنسق قادرين على توقع تطور التقنيات وتسارع دوران الأرض، لتراجعوا عنه" لأن القواعد الدولية يصعب تغييرها دائما.
وسوف يواصل بيزوار مراقبة سرعة دوران الأرض ذلك أنه "من حيث المبدأ، يجب أن يستمر هذا الاتجاه التصاعدي عام 2021، خاصة أن الحد الأدنى للتغيرات العقدية هو 13 عامًا. لكنها قد تستمر أيضًا فترة أطول".