الرئيسية / الأخبار / فلسطين
مقاطعة المنتجات الإسرائيلية و"التجار الإسر-فلسطينيين"
تاريخ النشر: السبت 20/09/2014 21:11
مقاطعة المنتجات الإسرائيلية و"التجار الإسر-فلسطينيين"
مقاطعة المنتجات الإسرائيلية و"التجار الإسر-فلسطينيين"

بقلم: عبد القادر عقل

 قد يبدو للناظر في العنوان منذ الوهلة الأولى، بأن كاتبه بدأ يعيش حالة من التخبط والتناقض وربما بدأ يعيش المراهقة الفكرية إذ من البديهي أن أي فلسطيني سيكون مع مقاطعة المنتجات الإسرائيلية بمفهومها العام وإذا ما توفرت الظروف الملائمة، في هذه السطور البسيطة سأسرد لكم الحقيقة كاملة دون رتوش أو مواربة.

 

بالأمس كنت مع المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الإسرائيلية، وأنا لا زلت معها إذا كانت خياراً شعبياً مجمعاً عليه، ويتم بمتابعة مباشرة وبجهود حثيثة من مختلف المؤسسات الرسمية الفلسطينية على كافة الأصعدة، وأقصد بكافة الأصعدة الداخلية والخارجية، وللتوضيح أكثر تتبادر إلى ذهني عدة أسئلة، تحتاج إلى إجابات شافية من كل الذين يعنيهم أمر المقاطعة، كيف سيقاطع المواطن الفلسطيني التبوزينا الإسرائيلية والجهات الفلسطينية المختصة تكشف النقاب يوماً بعد يوم عن المزيد من المنتجات الفلسطينية الفاسدة؟!، كيف سيقاطع اللحوم الإسرائيلية ومعلباتها وهو رأى اللحم الفلسطيني يغزو الأسواق فاسداً؟!، قولوا لي بربكم كيف سيقاطع الطفل الفلسطيني السكاكر الإسرائيلية وهو رأى العام الماضي بأم عينيه عبر شاشات التلفزة السكاكر المصنعة بأيد فلسطينية فاسدة والحشرات متلذذة وترقص الديسكو في براميل موادها الخام الإسرائيلية؟!.

 

لا يمكننا الحديث عن إمكانية إنجاح مقاطعة فلسطينية اقتصادية للمنتجات الإسرائيلية، دون أن نبدأ بالتغيير داخلياً فالبدء من العقلية مروراً بالقرار ووصولاً إلى الواقع، ربما يختلف معي كثيرون لكنني أعذرهم! فهم جامحون في حب وطنهم، ويركزون على ايجابيات كل قرار، ويصرفون النظر عن تبعاته السلبية والظروف التي تكتنف محيطه.

 

أما على صعيد المنتجات والبضائع والخدمات الاسرائيلية الأساسية والتي لا يمكن الاستغناء عنها فهذه شأن آخر، ولا تشملها أية مقاطعة بطبيعة الحال، وإنه لمن الفخر أن يلحظ كثيرون أن عددا كبيرا من أبناء شعبنا داخل الأراضي المحتلة عام 48 لجؤوا للمناطق الفلسطينية القريبة منهم بالضفة ليتزودوا بالمنتجات الفلسطينية، وهذا ما أكده لي أكثر من صديق من محافظات مختلفة أثناء فترة الحرب على غزة.

 

أمر آخر لك أنت يا صديقي الذي لا تنفك عن دعوة أبناء مخيماتنا وبلداتنا الفلسطينية للمقاطعة، ولا تزال تدعو أولئك البسطاء الفقراء من أبناء شعبي لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، أقول إنه من الحري بك أن تدعو أصحاب الكروش المنتفخة من الأغنياء إلى المقاطعة الاقتصادية، ففقراء شعبي وبسطاءه مقاطعون للمنتجات الإسرائيلية تلقائياً منذ ولدوا، فهم لا يملكون القدرة الشرائية.

 

إن المقاطعة الفلسطينية لها تجارب ناجحة سابقة في التسعينات، وهذه التجارب من الممكن تكرارها إن إعتمدت على أسس قويمة أبرزها التعامل معها –أي المقاطعة- كرزمة كاملة وعدم حصرها بمنتجات المستوطنات على سبيل المثال، إضافة لالتزام كافة الجهات والأطر وإنخراطها في السياق الذي يصب في إنجاح المقاطعة، إنطلاقا من مسؤولياتها الوطنية والإجتماعية والأخلاقية، فعندما يتوفر بديل فلسطيني جيد، وتأخذ الجهات الرقابية إجراءات رقابة أكثر قوة وحزماً وصرامة، عندها فقط سيقاطع المواطن الفلسطيني المنتجات الإسرائيلية من تلقاء نفسه، لأنه ببساطة ستتولد لديه قناعة بمنتجاته الوطنية المحلية وبجودتها المحسّنة.

 

ما يثير حفيظتي في الآونة الأخيرة ما شاهدته من إقدام بعض التجار الفلسطينيين على وضع ثقوب صغيرة في علب الحليب الفلسطيني وتعريضها للشمس حتى تصبح منتهية الصلاحية!، إنه لضرب من الجنون أن يكون شعبنا يرزح تحت وطأة أطول أشرس إحتلال وتحدث مثل هذه الأمور.

 

ختاماً، مع استمرار حالات التسمم والأغذية الفاسدة المختلفة فاعذروني، لن يقاطع المواطن الفلسطيني، فهو ربما يفضل الموت تسمماً بيد جلاده الإسرائيلي على أن يموت بيد أبناء جلدته ولا يجد الترياق!.

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017