بقلم: الأسير وجدي عزمي جودة
كشفت نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية في العام 2006، عن الحصيلة المرة التي حصدتها القوى اليسارية والديمقراطية الفلسطينية جراء حالة التشرذم والتشتت، وعدم توحدها في قائمة انتخابية واحدة، وما تلاها من ضعف وتراجع لدورها ووزنها الفعلي جماهيريا وسياسيا وكفاحيا، واكتفائها بتقديم البرامج والحلول لأزمة المشروع الوطني، التي لم تكن لديها القدرة على ترجمتها على أرض الواقع.
إن فشل القوى اليسارية والديمقراطية في تحقيق شكل من الوحدة، في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني التحرري، قد أضر بدورها التاريخي في الحركة والمؤسسات والقرارات الوطنية الفلسطينية.
وفي تجارب سابقة، كلما اقتربت هذه القوى من تشكيل جبهة أو تجمع أو تيار تجتمع تحت مظلته وبرنامجه، هرب البعض من هذا الاستحقاق وانساق بحثا عن مواقع وامتيازات ونفوذ داخل السلطة، علاوة عن تراجع البعض الآخر بفضل نرجسيته، ووهم قوة ووزن الماضي، والحسابات الفئوية والشخصية الضيقة.
لم يعد مقنعا اليوم عدم تشكل تيار يساري ديمقراطي في قائمة انتخابية موحدة، ولم يعد الحديث عن التباين في البرامج أمرا حقيقيا، وليس ثمة تباين في البرنامج السياسي والاجتماعي الديمقراطي بين الجبهتين الديمقراطية والشعبية ولا حتى في الموقف السياسي، وإنما نجد التباين في اللغة التي يتم التعبير فيها عن الموقف السياسي.
لقد آن الأوان لتشكيل هذا التيار العريض الذي تتسع صفوفه لقوى اليسار، والقوى الديمقراطية والفعاليات الاجتماعية والنخب الفكرية والاجتماعية والأكاديمية والمستقلين، وبتمثيل واسع للمرأة والشباب، الأمر الذي يمكن من تشكيل قائمة انتخابية موحدة لخوض الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في أيار- مايو من هذا العام.
وهذا متاح وهام، وممكن أن يتحقق بامتلاك الرغبة والإرادة والوعي والثقة، وتجاوز الماضي والمواقف المسبقة، وعدم الانزلاق إلى مربع المحاصصة والتقاسم الفئوي الضيق، وعلى قاعدة التكافؤ والتوافق على برنامج وطني اجتماعي ديمقراطي تحرري.
لماذا التيار اليساري الديمقراطي، وما جدوى تشكيل قائمة موحدة؟
أولا: لإنجاز مهام التحرر الوطني بدحر الاحتلال وانتزاع الحرية والاستقلال.
ثانيا: لقطع الطريق على أي تسوية قد تمس بحقوق الشعب الفلسطيني بالعودة والدولة وحق تقرير المصير.
ثالثا: لإحداث هزة في الوضع الداخلي الفلسطيني، وموازين القوى تقود إلى خلق قوة فاعلة ووازنة قادرة على التأثير الفعلي في القرارات والمؤسسات الوطنية، وقادرة على انتزاع حقها في الشراكة الوطنية الحقيقية، بديلا عن الإقصاء والقيادة المتنفذة المتفردة بالتمثيل والقرار والسلطة.
رابعا: بهدف بناء اقتصاد صمود مقاوم، قادر على إحقاق حقوق العمال والمزارعين، وعلى معالجة مشكلات الفقر والبطالة والتهميش ومحاربة الفساد والمفسدين.
خامسا: من أجل الدفاع عن مفاهيم وقيم الديمقراطية في النظام السياسي والمجتمع الفلسطيني، واحترام الحريات وحقوق المواطنين، والمساواة التامة بين المرأة والرجل، وإذكاء ثقافة الحوار والتسامح ونبذ الاحتكام للعنف.
سادسا: سيولد قوة جماهيرية فاعلة ودافعة للخروج من أزمة المشروع الوطني الفلسطيني، ومدخلا مناسبا لعلاج الوهن والضعف الذي أصاب الحركة الوطنية جماهيريا ووطنيا وكفاحيا، الأمر الذي يشق الطريق لاستعادة الوحدة الوطنية، وتصحيح المسارات والأولويات.
كما يشكل مركز استقطاب للقوى الوطنية واليسارية التحررية العربية، ونموذجا يحفّز هذه القوى على توحيد صفوفها واستنهاضها للنضال المشترك ضد الحلف الإمبريالي الصهيوني والرجعية، من أجل إنجاز مهام التحرر الوطني والديمقراطي والتقدم الاجتماعي في الوطن العربي.
إن خوض القوى اليسارية والديمقراطية، والفعاليات الاجتماعية من مفكرين أكاديميين ومستقلين لخوض الانتخابات في قائمة واحدة، يزيد من فرص تحقيقها أفضل النتائج، والتمثيل الوازن والقوي في المجلسين التشريعي والوطني.
قد حان الوقت لإدراك الضرورة والمصلحة والتعلم من دروس وتجارب الواقع والماضي، والبدء بخطوات عملية، لتجعلنا نصحو صباح الثالث والعشرين من أيار مايو من العام 2021، على خبر عاجل تتناقله وسائل الإعلام والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، بأن قائمة القوى اليسارية والديمقراطية، تحدث هزة في موازين القوى الفلسطينية بحصولها على تأييد واسع من الشعب الفلسطيني، الذي قال كلمته عبر صناديق الاقتراع.