وتم إبداء هذه المخاوف الصحية في تقرير صدر بهولندا، مؤخرًا؛ لأجل التنبيه إلى عدم جاهزية العالم للتعامل مع تفشي فيروس جديد، رغم الدروس التي يُفترض أن نكون قد استخلصناها من "كوفيد 19".
وقالت المديرة التنفيذية لمؤسسة "أكسيس تو ميديسين" وهي منظمة غير ربحية تنشط في مجال الصحة: إن من المحتمل أن يكون "نيباه" هو الوباء المقبل في عالمنا.
وتحدثت جاياسري إيير، عن احتمال تفشي فيروس "نيباه" في الصين، وربما تصل نسبة فتكه إلى أكثر من 75%؛ وهو ما يعني أن الوباء المقبل قد يكون أسوأ بكثير من فيروس "كورونا" وفق "سكاي نيوز عربية".
ووصفت الناشطة الصحية، فيروس نيباه بالمرض المُعدي الآخذ في التطور ومصدر القلق الكبير للعالم"، ثم أضافت أنه قد "ينفجر" في أي لحظة، أما الخطورة فتكمن في أن الوباء القادم قد يكون عدوى مضادة للأدوية.
أعراض وعلامات
وبوسع فيروس "نيباه" أن يُحدث مشكلات تنفسية شديدة لدى المصاب، إضافة إلى التهاب وانتفاخ في الدماغ؛ بينما تتراوح نسبة الوفيات الناجمة عن المرض بين 40 و75%.
وتشمل الأعراض: الإصابة بألم في العضلات إلى جانب الشعور بالدوار، وربما يدخل المريض في غيبوبة خلال مدة بين 24 و48 ساعة.
ويرجّح العلماء أن تكون فترة حضانة الفيروس بين 4 و14 يومًا؛ لكن بعض التقارير رصدت فترة حضانة أطول في بعض الحالات وصلت إلى 45 يومًا.
وفي حال تمكن المصاب من الشفاء؛ فإنه يستعيد عافيته بشكل كامل، لكن بعض المتعافين أبلغوا عن تأثيرات بعيدة المدى رافقت صحتهم.
وتُرجّح البيانات في الوقت الحالي أن 20% من المرضى المتعافين يعانون تَبِعات عصبية مزمنة مثل نوبات الصرع وحتى التغير في شخصية الإنسان.
وفي المقابل، تقول منظمة الصحة العالمية إن نسبة محدودة فقط من المتعافين يعانون التهابًا في الدماغ بعد التماثل للشفاء التام.
الخفاش في دائرة الاتهام
وتعد خفافيش الفاكهة حاضنة طبيعية لهذا الفيروس؛ فيما كانت تقارير سابقة قد عزت فيروس كورونا المستجد إلى الخفاش الذي يُعرف بـ"خفاش حدوة الحصان".
ويُعد "نيباه" واحدًا من بين 10 أمراض معدية أدرجتها منظمة الصحة العالمية ضمن قائمة الأمراض الـ16 التي تشكّل أكبر تهديد للصحة البشرية.
ويقدم موقع منظمة الصحة العالمية، معلومات مفصلة حول هذا الفيروس الذي قل ما سمعنا به سابقًا؛ لكنه صار يثير فضولًا متزايدًا.
وتوضح المنظمة، أن هذا الفيروس قادر على الانتقال من حيوانات إلى الإنسان، وضربت مثالًا بالخنازير والخفافيش.
وأضافت أن هذه العدوى الخطيرة تنتقل أيضًا عن طريق الطعام الملوث، كما تنتقل من إنسان إلى آخر، وسط غياب أي لقاح أو دواء ضد هذا المرض في الوقت الحالي.
ولم ينتشر هذا الفيروس سوى بشكل محدود في آسيا حتى الآن؛ لكن خطورته تكمن في إحداث الأعراض الشديدة والتسبب في وفاة أغلب حاملي العدوى؛ بخلاف فيروس كورونا الأقل فتكًا.
البدايات
وتم التعرف لأول مرة على هذا الفيروس سنة 1999، وكان ذلك في مزارع خنازير بماليزيا، ولم يجرِ رصد أي موجة تفشٍّ للمرض في هذا البلد الآسيوي منذ ذلك الحين.
وفي سنة 2001، تم رصد الفيروس في بنغلادش، وظل الأمر يتكرر بشكل شبه سنوي في هذه البلاد، كما جرى تشخيصه أيضًا شرقي الهند.
لكن المخاطر لا تنحصر في هذه الرقعة الآسيوية، بل هي قائمة في دول كثيرة، لأن الفيروس موجود في خفافيش الفاكهة التي تنتشر في دول عدة (كمبوديا، وغانا، وإندونيسيا، ومدغشقر، والفلبين، وتايلاند).
وعندما تم رصد الفيروس في ماليزيا لأول مرة، وكانت سنغافورة قد تأثرت بدورها؛ تَبَيّن أن أغلب الإصابات البشرية نجمت عن اتصال مباشر بالحيوانات أو التعرض لإفرازاتها.
أما في بنغلادش، فانتقلت العدوى عن طريق عصير النخيل، ورجح العلماء أن يكون بول هذه الخفافيش أو لعابهما هما اللذان أديا إلى وصول الفيروس إلى الإنسان، وبالتالي فهما مصدر الإصابة.
وفي وقت لاحق، انتقل الفيروس من إنسان إلى آخر؛ لا سيما عندما يتعرض أحدهما إلى إفرازات الآخر، وفي الهند تم الإبلاغ عن إصابات وسط موظفي القطاع الصحي الذين يرعون المصابين.
وفي بنغلادش مثلًا، تَبَيّن أن ما يقارب النصف من إجمالي الإصابات بفيروس نيباه بين سنتي 2001 و2008، كانت ناجمة في الأساس عن الانتقال من الإنسان إلى الإنسان، وتم ذلك وسط من يقدمون الرعاية الطبية.
وفي سنة 2018، كان تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية قد حث على تسريع البحوث بشأن فيروس "نيباه" حتى لا يكون مباغتًا لعالمنا، في حال انتشاره.
عقبة التشخيص
ومن عراقيل التصدي لهذا المرض، أن الأعراض التي تظهر على المصاب، تشبه أعراض أمراض أخرى كثيرة؛ وهو ما يعني أن رصد أي تفش لهذه العدوى سيكون أمرًا معقدًا.
ويمكن تشخيص الإصابة بهذا الفيروس عن طريق فحص "تفاعل البوليميراز المتسلسل" في إفرازات جسم الإنسان، كما يمكن رصده أيضًا عن طريق الأجسام المضادة، ويجري ذلك عن تقنية مناعية مرتبطة بالأنزيمات.
ولا يوجد أي دواء خاص بفيروس كورونا في الوقت الحالي، كما لا يوجد أيضًا أي لقاح يحمي بشكل مسبق من هذا الخطر الصحي القائم؛ ولذلك فإن المطلوب -بحسب خبراء- هو الاستثمار في العلم وإيلاؤه ما يكفي من عناية لأجل استباق المخاطر؛ حتى لا يتكرر كابوس الوباء الذي عشناه، وربما بصيغة أكثر ترويعًا.