يرحمكم الله انتم بواد والدنيا بواد !!! بقلم: سامر عبده عقروق.
قبل أيام سفنا الزميل على دراغمة دبوسا طلع من حلوقنا كذوي إعاقة في المجتمع الفلسطيني ، وتبين ان الحق علينا في خربطة حركة السير في نابلس وقراها ومخيماتها ، ليش ؟ بسيطة لان أصحاب الكراسي الكهربائية والمتحركة التي يستخدمها الأشخاص من ذوي الإعاقة الحركية يستخدمون الشوارع على خاطرهم ، وعلى مزاجهم ، يقطعوا من وين ما بدهم ، ويمشوا كيف ما بدهم.
انأ بعرف تمام المعرفة ان الزميل علي قد زار العديد من الدول في العالم ، ومنها المتقدمة جدا ، وخاصة تلك التي وضعت في أنظمتها الأساسية ان الإنسان يجب ان تقدم له الخدمة النوعية المتقدمة بغض النظر عن لونه وجنسه ولغته وانتمائه السياسي وإعاقته ، وهذا تقريبا ما ورد في القانون الأساسي الفلسطيني ، المهم ان هذه الخدمات يجب ان تقدم على أساس مبدأ التساوي والعدالة ، ومفهوم العدالة هنا هو المهم ، فنحن نتحدث عن عدالة في حالة الأشخاص ذوي الإعاقة والكراسي الكهربائية والمتحركة ، تضمن لهم الأمان والسلامة كحد ادني عند استخدامه الشارع العام ، واستخدام الشارع هو واحد من حقوق الإنسان ذو الإعاقة كما ورد في قانون المعاقين رقم 4 للعام 1999 ، وكما ورد في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة عن الأمم المتحدة والتزمت بها دولة فلسطين.
ومقتضيات العدالة والأمن في استخدام الشارع العام تقتضي استحداث ، إعادة ابتكار العجلة في مجتمعنا الفلسطيني ، وهو تطبيق معايير الموائمة والتأهيل للشارع العام حتى يستخدمه ذوي الإعاقة ، دون ان يسبب الإرباك والارتباك لحالة المرور ، وهو ما عرفته بنود قانون المعاقين والاتفاقية الدولية ، على انه موائمة الشوارع والمرافق والمؤسسات العامة لاستخدامات الأشخاص ذوي الإعاقة بأمن وسلامة وذلك ليتمكنوا من الاستفادة من الخدمات التي تقدمها المؤسسات العامة والقطاع الخاص أسوة بغيرهم من الأشخاص من غير ذوي الإعاقة ، وهنا تقع المسؤولية بشكل مباشرة على وزارة الحكم المحلي والبلديات التي يجب ان تأخذ معايير الموائمة بعين الاعتبار عند تنفيذ أي مشاريع عامة .
يا علي ، في دول العالم يخصص جزء من الرصيف ، الشارع ، لسير هذه الكراسي ، يتم تخصيص ممرات مائلة ، يتم استخدام مصاعد خاصة ، لغة إشارة ، يعرف الشرطي والسائق والمعلم والطبيب ، كيف يتم استيعابهم في المطعم ، والمستشفى ، والمدرسة والمسجد .
يا دبوس ، هل تعلم ان ذوي الإعاقة الحركية ومستخدمي الكراسي محرومون بشكل كلي ، إلا من رحم ربي ، من الدخول للمساجد نتيجة عدم موائمة المساجد ، وهذا مسؤولية البلديات ووزارة الحكم المحلي اللذان يجب ان يتابعا مثل هذه الأمور، ولا اعتقد ان رب العالمين يقبل ذلك ، مساكين انتم يا ذوي الإعاقة ، حتى أنهم حيزوا الدين والصلاة والعبادة ضدكم.
ولعل الأهم هو إحداث الموائمة في البناء الثقافي للمجتمع ، افراده ومؤسساته ، بكافة قطاعاته حول كيفية التعامل مع هذه الفئة من الناس ، في السلوك اليومي وفي التعبير والمصطلحات المستخدمة عند التعامل معهم ، بناء ثقافي مقترن بالسلوك.
أحبابي الأشخاص ذوي الإعاقة ، ادعوا الله ان يرحمكم برحمته ، ليش ؟ لأنكم بواد والدنيا بواد ، ففي فلسطين ما زالت الكثير من بنود القوانين المعمول بها تشير إليكم على أنكم ( عجزة – عاجز – نسبة العجز – غير لائقين أو لا يصلح – غير طبيعي – غير سليمين ) ، وفي ظل هذه الثقافة اعتقد ان هناك حاجة ماسة إلى تنفيذ عدد من الأمور لكي تعيشوا بنفس الواد مع الناس:
- تنفيذ تعديل فوري على كافة القوانين المعمول بها في فلسطين لتنسجم مع الاتفاقية الدولية وقانون المعاقين رقم 4 بحذف كل المصطلحات والكلمات التي من شأنها الإساءة الفاضحة لهذه الفئة ، وتوحيد المصطلحات المستخدمة في كافة القوانين.
- ضرورة تعديل الكثير من البنود الواردة في عدد من القوانين والتي تسئ بشكل واضح لهذه الفئة كما في قانون الخدمة المدنية ، والصحة العامة ، وقانون المرور والسير وغيرها.
- قيام الأعلام ، بمختلف إشكاله ، وصفاته، الأهلي والرسمي والصفحات الإخبارية وغيرها بدورهم الهام بتنفيذ حملات توعية حول المصطلحات المحترمة التي تولد توجهات ايجابية لدى من يتلقاها.
- إعطاء الفرصة الحقيقة لذوي الإعاقة بناء على البنود المنصوص عليها بالقوانين والمتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة ، أينما وجد النص.
أود ان أشير إلى حقيقة هامة وهي انه وحسب الإحصائيات الدولية الصادرة عن عدد من الجهات والمؤسسات الدولية فان نسبة الإعاقة في العالم تصل إلى 10-12% بمعنى ان هناك مليار إنسان في العالم من ذوي الإعاقة.
أما في مجتمعنا الفلسطيني فالدراسات تشير ، وفق الإحصاء المركزي الفلسطيني إلى ان ما نسبته 7% من الفلسطينيين هم من ذوي الإعاقة ( حسب المفهوم الواسع للإعاقة ) وهذا يعني أننا نتحدث عن ما يقارب على 300 ألف إنسان، وحسب التصنيف الجديد ، تم اعتبار أصحاب الأمراض المزمنة ( السكري والكلى والضغط المزمن ) من ذوي الإعاقة ، وبالتالي فان النسبة ارتفعت إلى 12% ، وما بعرف كيف اكتب الرقم.
ارحموا ذوي الإعاقة في فلسطين وأعيدوا النظر بالقوانين والثقافة والسلوك.