الأسير الكاتب: ياسر أبوبكر
رئيس #مركز_دراسات_الحرية_للأسرى
تقبل فلسطين هذه الأيام على انتخابات تشريعية جديدة، طال انتظارها، نأمل أن تأخذ حقها من التأثير في عقلية المشاركين من كافة الفصائل من حيث تبني ثقافة الديمقراطية في كل المؤسسات والجماعات وداخل ذات الفصائل.
الديمقراطية إن كان الصندوق يمثلها فهي لا تكون لمرة واحدة ونعود ثانية بعد 10 سنوات لنفكر هل سنجري انتخابات أم لا؟
بمعنى أن الممارسة الديمقراطية أو الشوروية تكتسب أهميتها من رسوخها كممارسة في البناء السياسي والوطني بل والمجتمعي بكافة مكوناته.
وأهميتها في انتقالها لدى كل الأطر ومن دوريتها لأن الديمقراطية كما يقر الجميع تعطي للناس مفتاحا يستخدمونه لاختيار أفضل ممثليهم، ويحاسبونهم. وفترة ولايتهم يتركونهم يشرّعون لهم ما يحقق مصالحهم الوطنية والقومية والمدنية الخدمية.
ودون الخوض في مسببات تعطيل الحياة الديمقراطية في الإطار الفلسطيني إثر الانقلاب الدموي عام 2007 إلا أننا نشد أيدينا على أيدي الأخوة جميعا الذين استطاعوا تجاوز عديد العقبات لتكون الانتخابات مدخلًا هاما لتحقيق المصالحة بشرائطها الحقيقية.
إن أول شرائط الوحدة والمصالحة هو عودة الشرعية لقطاع غزة، وإنصاف المظلومين فيها، وعودة وحدة منطقتي السلطة من الدولة الفلسطينية أي غزة والضفة لحضن شرعية واحدة في الدم وفي القرار، في السلطة وفي الأداء مع احترام التعددية السياسية والمجتمعية والفكرية. ومن أهم شروط الوحدة الاتفاق النهائي على الاستراتيجية الوطنية والخطة والبرنامج الشامل.
ان الانتخابات والصندوق لا يمثلان الديمقراطية بهذا الشكل، وإنما هما مظهران من مظاهرها لأن ذات الديمقراطية يكمن في تواصل الحوار بين كافة فئات المجتمع دون إغفال أي فئة، وجوهر الديمقراطية في الدولة المدنية بالمساواة بين كل المواطنين بغض النظر عن انتمائهم الديني أو السياسي أو القومي أو القبلي.
وعليه يصبح البرلمان لكل الشعب، وتصبح الدولة أو السلطة على مسافة واحدة ومتساوية من كل المواطنين مسلمين ومسيحيين وأي أقليات أخرى.
في الإطار الديمقراطي ومساواة كل المواطنين فإن قضية الأبطال الأسرى تقفز الى السطح باعتبارها قضية انسانية عالمية، وقضية وطنية عادلة، فهي قضية أسرى الحرب، أسرى الحرية الذين يجب أن يتواصل تسليط الضوء علي قضيتهم وإطلاق سراحهم دون إبطاء.
لا سلام حقيقي مع وجود الأسرى مطلقًا، ولا سلام حقيقي في ظل احتلال، ولا سلام حقيقي في ظل مستوطنات تنخر جسد أراضي دولة فلسطين، ولا سلام حقيقي مع ديمقراطية مبتورة.
إن الديمقراطية في ظل وجود الأبطال الأسرى تحت نير الاحتلال ناقصة، والديمقراطية في أسوأ الاحوال دون مشاركتهم ترشيحًا وانتخابًا، وفي ذات السياق تمثيلهم في كافة أطر فصائل الثورة الفلسطينية تصبح مبتورة.
الى ما سبق يجب أن يتم استخدام الثقافة الديمقراطية لفضح ممارسات العدوان الإسرائيلي على فلسطين وأرضها وشعبها، وعلينا نحن الأسرى الذين بحريتهم تكون الديمقراطية على وشك الاكتمال الذي يتحقق في ظل استقلال دولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والقانوني والتاريخي، تلك الواقعة تحت الاحتلال.
إن الديمقراطية ثقافة، والديمقراطية مساواة في الحقوق والواجبات للمواطنين وفيها عقلية الحوار هي الطاغية وليس الخضوع والإخضاع أو المغالبة او استخدام الصندوق لمرة واحدة بل هي الى ذلك تقتضي اعترافا مجتمعيا ودوليًا ضمن مفهوم التداول في السلطة في جهة ومفهوم دورية إجراء الانتخابات فالشعب هو القادر على فرز ممثليه وهو بمجموعه قادر على استخدام البوصلة للاختيار وهي بوصلة فلسطين.