تشهد مدينة القدس المحتلة منذ بداية العام 2021 تسارعًا محمومًا في المشاريع الاستيطانية ومخططات توسعة المستوطنات على حساب الأراضي الفلسطينية، في مسعى خطير لفرض واقع أليم على الأرض، وإحاطة المدينة بحزام أمني استيطاني كبير.
وكان آخرها، مخطط بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس لتوسعة مستوطنة "بسغات زئيف" شمالي شرقي المدينة، عن طريق بناء 930 وحدة استيطانية جديدة، في تحدٍ واضح لكافة القرارات الأممية، ولمحكمة الجنايات الدولية.
وقبل يومين، أقرت وزارة الداخلية الإسرائيلية تعديلات وإضافات للمشروع الذي قدمته بلدية الاحتلال، لبناء الوحدات الاستيطانية، ضمن خطة شاملة لتوسع المستوطنة المقامة على أراضي بيت حنينا وشعفاط، وجزء من حزما وعناتا، بميزانية تقدر بنحو ٤٠٠ مليون شيكل.
وتعتبر مستوطنة "بسغات زئيف" من أكبر التجمعات الاستيطانية شرقي القدس، يبلغ تعداد سكانها نحو 55 ألف نسمة، وهي مقامة على أراض فلسطينية محتلة منذ عام 1967.
وخلال السنوات الماضية، أجرت سلطات الاحتلال على المستوطنة توسعات كبيرة، لكي تفصل مدينة القدس عن عدة قرى محيطة بها.
ومنذ بداية العام، شرعت بلدية الاحتلال بالعمل على خطين متوازيين، الأول يتمثل بتسريع عمليات هدم المنازل الفلسطينية.
أما الثاني، فيتمثل بتسريع عشرات المشاريع الاستيطانية لتوسعة المستوطنات شمالي القدس وجنوبها، والترويج لخطة استراتيجية جديدة لتعزيز مستوطنات "بسغات زئيف"، و"رمات شلومو" شمال المدنية، و"جيلو" و"جفعات همتوس" في جنوبها.
حزام استيطاني
المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول لوكالة "صفا" إن "اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء"، في بلدية الاحتلال وافقت على خطة لتوسعة أكبر مستوطنات القدس، وهي "بسغات زئيف"، وإضافة تعديلات عليها، لإقامة 930 وحدة استيطانية على أراض فلسطينية تم مصادرتها سابقًا.
ويوضح أن الاحتلال يعمل ضمن مشاريعه التهويدية لتنفيذ مشروع ما يسمى "غلاف القدس"، بحيث تبدأ المرحلة الأولى من مطار قلنديا شمالًا، ومستوطنة "النبي يعقوب"، وصولًا إلى منطقة (E1) ومستوطنة "معاليه أدوميم" شرقًا، والالتفاف إلى مستوطنات "جبل أبو غنيم" و"جيلو" جنوبًا.
ويهدف الاحتلال من تنفيذ المخطط، إحاطة القدس وبلدتها القديمة وكافة أحيائها بحزام كامل ومتواصل من المستوطنات والمستوطنين، لتعزيز الوجود الاستيطاني اليهودي في المدينة المقدسة، ولإحكام السيطرة الكاملة عليها، وفق أبو دياب
ويضيف أن "الاحتلال رسم خارطة وبائية من الاستيطان حول القدس، لتحقيق مساعيه الهادفة إلى جلب أكثر من مليون مستوطن للعيش في شرقي المدينة".
ويشير إلى أن جلب هذا العدد من المستوطنين يحتاج إلى بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية، ويتضمن توسعة المستوطنة إقامة الأماكن الترفيهية والمراكز الصحية والتعليمية والتجارية والنوادي والملاعب الرياضية، والفنادق والمقاهي وغيرها، لتسهيل وصولهم إلى مركز المدينة.
وتتضمن الخطة، إقامة شبكة من المواصلات والقطار الخفيف لربط شمال "بسغات زئيف" مع المحطة المركزية غربي المدينة.
وبحسب أبو دياب، فإن الاحتلال يحاول فرض وقائع جديدة على الأرض، وإغلاق الأفق في محيط القدس، لذلك يسابق الزمن بشكل متسارع وغير معقول، متحديًا محكمة الجنائية الدولية، والإدارة الأمريكية وسياساتها، وكل القرارات الدولية.
وتضمنت الخطة التي يقودها رئيس بلدية الاحتلال موشيه ليون "تطوير الفضاء العام، الحياة المجتمعية، التعليم، الرياضة، الثقافة، والترفيه، إلى جانب تنفيذ حلول نقل متقدمة وإصلاح لتعزيز الأعمال المحلية في المستوطنة".
ويؤكد ليون أنه سيتم تمديد الخط الأحمر للسكك الحديدية الخفيفة، وسيربط الخط شمال "بسغات زئيف" بالمحطة المركزية في شارع يافا غربي القدس، وسيبدأ العمل في الأشهر المقبلة على مد خطوط السكك الحديدية شمال المستوطنة.
وقائع جديدة
المختص في شؤون القدس يقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستميت في إرضاء المستوطنين لأجل كسب أصواتهم خلال انتخابات الكنيست المقبلة، مبينًا أن الاستيطان يشكل رافعة لحزب "الليكود" ونتنياهو.
ومن شأن المشاريع الاستيطانية-يؤكد أبو دياب-أن تغير وجه القدس وهويتها الإسلامية بشكل كبير، ومنع أي تمدد جغرافي أو إمكانية للتواصل ما بين القدس والضفة الغربية، وبالتالي تقليل عدد الفلسطينيين مقابل، زيادة عدد المستوطنين.
ويوضح أن الاحتلال يخطط لإقامة وحدات استيطانية جاهزة في القدس، وتقديم كل وسائل الدعم والامتيازات للمستوطنين، وتوفير كافة مقومات الحياة، لإغرائهم من أجل الان…