إلى مراحل غير مسبوقة من التوتر، وصلت العلاقات "الإسرائيلية – الأردنية"، ومنذ تصريح ملك الأردن عبد الله الثاني قبل عام، بأن "العلاقة مع الجانب الإسرائيلي تمر بأسوأ مراحلها على الإطلاق"، خلال جلسة حوارية استضافها "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" في نيويورك، فإن الوقائع على الأرض بعد ذلك لم تتغير كثيراً، وبقي التوتر سيد المشهد السياسي بين الجانبين.
يأتي هذا التوترفي الوقت الذي أعلنه فيه جهات رسمية أردنية، عقد لقاءات معلنة وسرية مع مسؤولين إسرائيليين، خلال الفترة الماضية، على الرغم من التأكيدات الرسمية حول فتور وتوتر العلاقات، خلال الفترة الماضية بين البلدين.
قاع الانحدار السياسي
المحلل السياسي حمادة فراعنة، وصف العلاقات بين عمان و"تل أبيب"، بأنها "في قاع الانحدار السياسي، وأن هناك اشتباك سياسي حاد بين الطرفين".
وقال فراعنة، لـ"قدس برس": "إن سبب توتر العلاقة بين عمان وتل أبيب يعود إلى العام 2018 حينما استقبل الملك عبد الله الثاني نتنياهو في عمان، وبعد أيام قليلة من الزيارة، سمح نتنياهو لعدد من الوزراء والنواب وغلاة المستوطنين من اقتحام المسجد الأقصى المبارك، في خطوة فهم منها أنه يريد إحراج الأردن الرسمي، ومنذ ذلك اليوم فإن الملك قطع علاقته تماماً مع نتنياهو ورفض مجرد الرد على اتصالاته المتكررة".
حقيقة ما جرى مع ولي العهد
وحول الحادثة الأخيرة، بمنع الأردن لطائرة نتنياهو من عبور الأجواء الأردنية، قال فراعنة: في حديثه لـ "قدس برس": "بأن نتنياهو وجد الطلب الأردني بالسماح لولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله من دخول المسجد الأقصى في ذكرى الإسراء والمعراج، بأنها فرصة له لرد الاعتبار، ولإحراج الأردن بأنه رفض الطلب الأردني بالسماح للأمير الشاب من دخول الأقصى، فجاء الرد الأردني مباشرةً بعدها بمنع طائرة نتنياهو من عبور الأجواء الأردنية.
وقال فراعنة: "الإجراءات الإسرائيلية المتعلقة بالقدس، والاستطيان بالضفة، والقدس وحالة العداء للدولة الأردنية هي من جملة الأسباب الأخرى التي دفعت العلاقة بين تل أبيب وعمان لمزيد من التوتر".
وقبل أيام، دعا عم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ولي العهد الأسبق الأمير الحسن بن طلال، إلى دفع "السلام مع إسرائيل" قدماً، وذلك في مقال نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، كما أعلنت الصحيفة عن لقاء سري في عمّان جمع العاهل الأردني مع وزير الجيش الإسرائيلي بني غانتس، لم تؤكده السلطات الأردنية.
وبحسب مراقبين، فإن عمان تخشى خسارة دورها الإقليمي في فلسطين، الأمر الذي يدفعها إلى التماهي مع تيار التطبيع العربي.
كما يشير مراقبون إلى أن الأردن يحاول أن يظهر أكثر قرباً من جناح غانتس، منافس نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية.
وحيداً في مواجهة الإسرائيليين
من جهته، يقول منسق الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع "إسرائيل" هشام البستاني، حول حقيقة العلاقة بين الأردن والإسرائيليين، أنه فيما يبدو فإن "الإدارة الأمريكيّة والحكومات الإسرائيليّة لم تعد ترى الأردن ومجموعته الحاكمة ولا تحسب لها أيّ حساب، والدور الذي لعبه هؤلاء في فترات تاريخيّة سابقة صار اليوم بلا قيمة".
ويرى البستاني في تصريحٍ لـ "قدس برس"، أن من الواضح أن هناك إعادة تمحور داخلية إقليمية، بضغوط من بعض دول الخليج ومصر لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، والمطلوب من الأردن إعادة تموضعه بشكل أوضح مع هذا الاتجاه في إطار تغير في المشهد الإقليمي والدولي.
ونقلت وسائل إعلام أردنية، اليوم الخميس، أن الأردن منع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من التوجه إلى الإمارات، بعد رفضه مرور طائرة نتنياهوعبر أراضيه، ما جعل مصير الزيارة غامضاً.
ونقل الإعلام الإسرائيلي عن مصادر سياسية، أن سبب الرفض الأردني جاء بعد أن ألغى الأمير حسين بن عبدالله الثاني، الزيارة التي كانت مقررة إلى الحرم القدسي، بعد أن خالفت السلطات الأردنية الترتيبات الأمنية المتفق عليها مع "إسرائيل".