دعا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الشعب اليمني، أمس الجمعة، "بلا استثناء إلى أن يكونوا صفاً واحداً، بعيداً عن الانتماءات الحزبية والعقائدية والمذهبية والمناطقية والقبلية" وطالب الحوثيين إلى الانسحاب من العاصمة صنعاء التي يسيطرون عليها منذ الأحد الماضي، متهماً إياهم ضمنا بعدم احترام اتفاق السلام، في وقت استمرت عقدة اختيار رئيس جديد للحكومة اليمنية بعد مضي خمسة أيام من توقيع اتفاق لإنهاء الأزمة السياسية بين الأطراف السياسية بينهم جماعة الحوثيين، فيما اتهم مستشار الرئيس هادي لشؤون الأمن والدفاع علي محسن الأحمر، الحوثيين بإعادة فتح فصول من الغبن والقهر والتخلف كانوا اليمنيون قد أغلقوها منذ زمن .
وقال هادي بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لقيام الجمهورية إن "تطبيق هذه الاتفاقية هو الاعترافُ بالسيادة الكاملة للدولة على كافة أراضيها ومناطقها وفي مقدمة ذلك صنعاء وتسليم المؤسسات والأسلحة المنهوبة كافة"، وأضاف أن تصفية حسابات القوة العمياء المسكونة بالثأر، لا يمكن أن تبني الدولة ولا مؤسساتها الدستورية، ولا يمكن أن تؤسس لسلم اجتماعي بين كل مكونات المجتمع" .
وتابع: "أتساءل إذا كانت مكافحة الفساد وبناء الدولة تتم بنهب البيوت والمعسكرات ومؤسسات الدولة فَكيف يمكن أن يكون الفساد والتخريب؟ وهل من يريد بناء الدولة المدنية الحديثة أن ينتهك حرمات البيوت ويهاجم مؤسسات الدولة بغية نهبها؟" .
لكنه رغم ذلك دافع عن اتفاق السلام الموقع مع المتمردين من دون أن يفصح عن أسباب سقوط العاصمة من دون مقاومة قائلاً: "لقد خذلنا من قبل من لم يعرفوا أبداً في الوطن سوى مصالحهم" .
وأكد ضرورة تطبيق اتفاق السلام من دون تردد والتطلع إلى "بناء دولة مدنية حديثة تسود في ظلها العدالة والمساواة والشراكة في السلطة" .
على صعيد آخر، استمرت عقدة اختيار رئيس جديد للحكومة اليمنية في الوقت الذي يؤكد فيه الحوثيون أنهم سيستمرون في الشارع حتى تنفيذ بنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية، وهو ما أكدوه في تجمع حاشد لعناصرهم وأنصارهم في شارع المطار بصنعاء حيث أدوا صلاة الجمعة، التي أسموها "جمعة النصر" .
ووفقاً للاتفاق الذي وقع الأحد الماضي فقد كان يفترض أن يتفق مستشارو الرئيس عبدربه منصور هادي، على اختيار رئيس لحكومة جديدة، بعد أن أصدر هادي قرارا بتكليف الحكومة الحالية بتصريف الأعمال حتى استكمال اختيار وتعيين قوام كامل الحكومة في مهلة تنتهي بعد شهر من توقيع الاتفاق .
في الأثناء، ما زال مسلحو الحوثيون ينتشرون في شوارع العاصمة وسط استنكار لغياب الدولة كليا من المشهد، وفي ظل اقتحام منازل الخصوم السياسيين للحوثيين من قيادات الإصلاح السياسيين والإعلاميين وغيرهم من النشطاء .
وقام مسلحو الحوثي بمداهمة عدد من مساجد العاصمة، وفرضوا خطباء موالين لهم بالقوة، ومنها مسجد الشوكاني في شارع الستين الغربي، وغيروا خطيبه، وعينوا واحداً من قبلهم، وكذلك مسجد الحمزة الواقع في المنطقة ذاتها، ومسجد الزهراء الواقع أمام السجن المركزي بالعاصمة، في حين أن تعيين وتغيير أئمة الجوامع بيد وزارة الأوقاف والإرشاد، إلا أن وزيرها حمود عباد، والمنتمي لحزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح يوجد هذه الأيام في مكة المكرمة للإشراف على الحجاج اليمنيين . وفي حي شملان أكد شهود عيان أن الحوثيين سيطروا على معظم المساجد فيها وكانوا يهتفون أثناء تواجدهم لأداء الصلاة بشعارهم المعروف "الموت لأمريكا، الموت ل"إسرائيل""، فيما انتشر مسلحون في محيط هذه المساجد تحسباً لاحتجاجات ضدهم .
من جهته، اتهم الأحمر، الحوثيين بإعادة فتح فصول من الغبن والقهر والتخلف كانوا اليمنيون قد أغلقوها قبل 52 عاماً بفضل ثورتي السادس والعشرين من أيلول في الشمال والرابع عشر من تشرين الأول في الجنوب .
وأوضح الأحمر، الذي يتواجد خارج اليمن وكان اليد الطولى للرئيس السابق علي عبدالله صالح طوال 33 عاماً من حكمه، أن "ما حدث مؤخراً وشهده العالم، كان بمثابة محاولة أخيرة قادها دعاة الإمامة بإسناد متآمرين ماتت ضمائرهم ورخُص عليهم بلدهم الذي ترعرعوا منه وتربوا فيه، ولم يعد خافياً النهج الذي سلكه أحفاد الإمامة خلال فترة لم تتجاوز الأسبوع من السماح لهم بدخول مركز الدولة .
وقال: "لقد أسَلوا من سيف حقدهم المعهود على اليمنيين وعلى مؤسسات الدولة وانهالَوا عليها اقتحاماً ونهباً وسلباً وتهديماً، ليُنْهوا بذلك كل فزاعة افترشوها في طريق حلمهم بالعودة للحكم الإمامي، وعلى رأس تلك الفزاعات استغلالهم السيئ لمعاناة المواطنين وجوعهم" . -