الرئيسية / مقالات
الجردل والكنكة
تاريخ النشر: السبت 03/04/2021 10:34
الجردل والكنكة
الجردل والكنكة

رامي مهداوي
2021-04-03
ذكّرني مشهد التسارع لتسجيل القوائم الانتخابية للوصول إلى مقاعد المجلس التشريعي، وما رافق ذلك من صراعات متنوعة داخل الفصيل والحزب الواحد، و/أو فيما بين الفصائل التي تريد أن تتحالف، و/أو بين مجموعات وحركات ومستقلين عملوا على تشكيل قوائم، بالفيلم المصري «الجردل والكنكة» الذي عرض العام 1997، من بطولة عادل إمام وشيرين، ومن تأليف لينين الرملي وإخراج نادر جلال، وهو الجزء الثاني من فيلم «بخيت وعديلة».
تدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي ناقد ساخر يعكس الواقع والتجربة المصرية في فترة الانتخابات، حيث يتعرض بخيت وعديلة لمشاكل كثيرة ويحاولان شراء شقة للزواج والعيش فيها، ولكن كما تعلمون أن الشقق في مصر والإسكندرية باهظة الثمن، فيترشحا للانتخابات من أجل نيل شقة وسيارة، فتتطور الأحداث ليتعرفوا على كبار الشخصيات من النواب وتجار المخدرات، ويصبح همهم الوحيد نيل النقود وليس الفوز في الانتخابات البرلمانية.
36 قائمة تم تسجيلها حتى اللحظات الأخيرة، بناءً على ما صرحت به لجنة الانتخابات المركزية. بالتأكيد هناك مبررات عديدة لهذا الرقم من القوائم الذي لم أكن أتوقعه، لكن أخطر ما في الموضوع هو حالة عدم القدرة على التحالفات على مختلف الأصعدة الفصائلية، الحركات، المستقلين، وما يحدث بكل حزن داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» ليكون المستفيد الأول والأخير هو «الإسلام السياسي».
هل معنى ذلك أننا سنشاهد 36 برنامجاً انتخابياً مختلفة عن بعضها البعض؟ هل الخلافات فكرية عقائدية مذهبية؟ هل الخلافات بنسبة حجم الأرض الذي تريد كل قائمة أن تحررها من الاحتلال الإسرائيلي،ن أم أن موقع المقعد في القائمة هو أساس الخلاف، أم أن نسبة الحصة من المقاعد كانت سبب الخلاف، خصوصاً أن هناك من يعتقد أن لديه أصواتاً بنسبة كم من المتابعين له على وسائل التواصل الاجتماعي؟!!
كثرة القوائم أدخلت المواطن الغلبان على أمره في حالة من التيه الممزوج بالكُفر بكل ما هو موجود. كثرة القوائم الانتخابية جعلت المشهد السياسي معقداً في اتجاهين، الأول في طريقة رصد الاتجاهات السياسية والانتخابية للقوائم، والثاني صعوبة قراءة مستقبل الانتخابات وشكل وتركيبة المجلس التشريعي المقبل الذي سيضم 132 نائباً إذا ما تمت الانتخابات.
«الجردل والكنكة» يكشف لنا أن هناك نواباً يخوضون الانتخابات من أجل أغراض أقل أهمية بكثير من غرض «بخيت» و»عديلة»، فمنهم من يدخل من أجل الوجاهة الاجتماعية أو سعياً وراء الشهرة، أو حتى من أقنعه أصدقاؤه أنه ذو شعبية عالية فبإمكانه الحصول على المقعد بكل سهولة وأن يصبح قائداً يتمتع بالحصانة البرلمانية.
حبكة الفيلم هي حبكة من يريد أن ينجح في الانتخابات القادمة، المتمثلة في أن المُهمشين في «العشوائيات» هم القوة الأساسية للنجاح في الانتخابات، لكن لا أحد يسمع احتياجاتهم ومطالبهم. هذه دعوة لكل القوائم التي تريد أصوات الشارع الفلسطيني أن تتعامل مع المواطن الفلسطيني بمستوى عالٍ من الذكاء، فهو يعلم جيداً ماذا يريد، ولا تصنعوا من الحبة قبة؛ لأنه يفهم جميع القوائم وأهدافها وأهداف كل عضو فيها، ويعرف الصالح من الطالح. المواطن الفلسطيني يعلم جيداً الوعود التي تسبق عملية الترشح، والفساد الذي يصاحبها، وأشكال الدعاية، وتجاوزات المرشحين، وحيلهم للوصول إلى السلطة.

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017