"حَوّشِت ؟!" .. سؤال يحير العرسان الجدد !!
بقلم: محمد نافذ السوافيري
لم يمضي شهر على زواج صديقي "أحمد" حتى بدأت عماته وخالاته وجيرانه وأصدقاؤه بطرق مسامعه بسؤال لا يتجاوز كلمة واحدة، ربما لم يكن صديقي يعي معناه ومفهومه قبل أن يفوت "عش الزوجية" ألا وهو "حَوّشِت ؟!" لا يعرف صديقي بما يجيب سوى بالدعاء المعهود لدى جميع العرسان الجدد "الله كريم".
"حَوّشِت ؟!" هو سؤال استفساري فضولي بمعنى هل حملت زوجتك ؟!! .. هذه العادة القديمة الجديدة لدى المجتمع العربي الشرقي بشكل عام والمجتمع الغزي بشكل خاص، تنم على مجتمع حِشري فضولي بشكل لا يتخيله عقل!!، حتى تكاد تشعر أن بعض الناس ودوا لو أشركتهم في أبسط أمور حياتك وكأنه لا خطوط حمراء في الحياة الاجتماعية والعلاقات الإنسانية.
صديقي يُحدثني بمدى الضيق الذي يكتنفه من هذا السؤال الذي أصبح لا يرى أحداً إلا ويطرقه على مسامعه كآلة حادة يغرسها في صدره، ما بدا يولد لديه شعوراً بأنه رجل عقيم ولا يستطيع الإنجاب، إلا أن كل هذا يهون أمام صديقي عندما تبادر إحداهن بطرق السؤال على مسامع "زوجته"!!.
كل هذا يصب في بوتقة واحدة أن الزواج وإن كان أحد أهدافه الإنجاب وتكثير الذرية، إلا أن الله سبق بقوله "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم 21) أي أن الزواج أساسه الرحمة والمودة والسكن قبل الإنجاب الذي هو أساس في هذه الحياة، لكن –وللأسف- بقلبٍ موجوع نقولها: هل أصبحت الآية الكريمة سالفة الذكر مجرد ترويسة لتزيين بطاقات الأفراح ؟!.
يعتقد بعض الناس أن تأخر الإنجاب عدة أشهر قد يكون لخلل أو مشاكل لدى أحد الزوجين إلا أنه ومع الفحوصات يتبين أنه لا يوجد مشاكل وأن الطرفين يتمتعان بصحة إنجابية ممتازة.
ولكني أعتقد أن المسألة تحتاج إلى مزيد من السكن والمودة والانسجام مع الحياة الجديدة، فالموظف عندما ينتقل من عمل إلى آخر يحتاج إلى فترة ليس بالبسيطة حتى ينسجم مع جو المكان واختلافه، وتأقلمه مع الموظفين والمدير الجدد، وقلما أو نادراً ما تجد من ينسجم من أول يوم وبالتالي ينعكس على الاستقرار العاطفي والنفسي والبدني للزوجين، وبهذا ربما تطول الفترة وربما تقصر ولا داعي للقلق.
ما نود الوصول إليه أن الزواج ليس عبارة عن مشروع "تفريخ أطفال" بل هما يدخلان حياة تحتاج إلى استقرار وتخطيط يؤسس لأسرة تعرف مالها وما عليها وتقدم للمجتمع أنموذجاً مثالياً عن أسرة لا تستبق الأحداث ولا تستعجل الإنجاب، وإن جاءت الذرية تعرف كيف تخطط لمستقبلها وتؤمن لها حياة ومعيشة طيبة، ولا تتخذ من الزواج مشروع للإنجاب والإنجاب فقط، الأمر الذي يقع فيه كثير من الناس، فتجد بعضنا لا يمر عام إلا وينشر "باركولي بالمولود الجديد !!" .. الله يزيدك من نعيمه.
ختاماً .. هي نصيحة أقدمها لكل العرسان الجدد "لا تستعجلوا الإنجاب" ولا تأبهوا بأسئلة الناس التي لا تنتهي .. فبعدها ستعرفون أن أجمل أشهر حياتكم تلك الأولى من عمر زواجكم.