تتنامى في شهر رمضان المبارك روح الإيثار والعطاء لدى المواطنين الباكستانيين بأبهى الصور، حيث تنتشر موائد الرحمن في كل حدب وصوب بهدف إفطار الصائمين المحتاجين ومنحهم وجبة السحور التي يعجزون عن تأمينها.
وبأبهى صور الإيثار والتكافل الإجتماعي، تفترش موائد الرحمن الساحات والشوارع الباكستانية بغية إفطار الصائمين والمحتاجين الذين يقصدون هذه الموائد من كل حدب وصوب، حتى باتت ملجأ للكثير من الفقراء والمعوزين الذين يشكلون الفئة الأكبر من الشعب الباكستاني.
ويقول "يعقوب" المواطن لكاميرا العالم: "أعمل حارسا في المبنى المقابل، وراتبي لا يساعدني على شراء وجبة الإفطار، لذا آتي يوميا إلى هنا، فالطعام هنا لذيذ جدا، كما ويقدمون الفواكه والحلوى بعد الإفطار."
فيما يقول المواطن "أحمد" لمراسلنا: بسبب كورونا والغلاء يصعب علي تأمين وجبة الإفطار والسحور لعائلتي، لذا فإن هذه الموائد هي التي تقيني وعائلتي من الجوع وتعيننا على الصيام في هذا الشهر المبارك.
وتتضمن هذه الموائد أبرز أصناف الطعام التي تلاقي استحسان الذوق الباكستاني، والتي تعد قبيل الإفطار بساعات، حيث تبدأ التحضيرات بالطهي وتجهيز المشروبات الباردة بهدف سد رمق الصائمين.. في مهمة ليست سهلة على الإطلاق، فإلى جانب التكاليف المادية يحتاج الأمر لتنظيم عال.
ويقول د.محمد شعيب صاحب مائدة "الرحمن" في العاصمة إسلام آباد لقناة العالم: "أعمل منذ 20 عاما في خدمة الصائمين، إلى جانب الشباب المتطوعين بهدف رضا الله عز و جل، فنحن نقدم الطعام في منطقتين مختلفتين في إسلام آباد، وهي تطعم حوالي لألف صائم يوميا، اللأمر متعب فعلا لكن هدفنا من الموائد هو لإطعام المحتاجين بعزة وشرف فنحن المحتاجين لثواب هذا العمل لا الصائمين."
وإلى جانب هذه الموائد، يشهد هذا العام مبادرة مشابهة، هي تقديم وجبات الإفطار الجاهزة، والتي كانت الحل الوحيد لإطعام المحتاجين في المدن التي منعت من فرش الموائد بسبب تفشي جائحة كورونا.
موائد الرحمن، تقليد رمضاني تناقلته الأجيال في باكستان من وحي الشهر الفضيل، وعلى الرغم من العوائق التي قد تواجهه إلا أنه يشهد تناميا وتطورا دائم.