رامي مهداوي
2021-05-22
استناداً الى الأحداث الأخيرة من القدس والضفة مروراً بالداخل الفلسطيني وصولاً الى غزة وإعلان التهدئة، فإن ما أشاهده هو بدايات جديدة سيتم بلورتها كلٌ حسب مصالحه الخاصة، بالتأكيد لن تكون الأمور كما كانت قبل، لهذا أستطيع القول بأن من يريد أن يتعامل مع المستقبل كما كان بالماضي سيكون هو أكبر الخاسرين.
لهذا نصيحتي المجانية لصانعي القرار والقيادات الفلسطينية أينما تواجدت في الداخل والشتات والمهجر؛ من المهم استخلاص الدروس والعبر التي يجب أن تنعكس على شكل خطط عملية قصيرة وبعيدة الأمد، ليس فقط الاستعداد للمواجهة القادمة، إنما إعداد خارطة طريق لإنهاء الاحتلال لأن المعارك لم تنته في القدس والشيخ جراح، والاستيطان ما يزال مُستشرياً في الأرض الفلسطينية ومازالت غزة محاصرة.
إسرائيل كدولة احتلال ذاقت صفعة أيقظتها من سياساتها الكولونيالية العنصرية، بالتالي بإمكان الكُل الفلسطيني مراكمة تجاربه النضالية المختلفة في كافة الساحات والميادين والمحافل الدولية، وبالأخص إعادة النظر للذات الفلسطينية سواء الفرد أو/ وكافة المؤسسات المكونة للنظام السياسي الفلسطيني.
إن ما حدث ويحدث في غزة من جرائم حرب أمام العالم يجب أن لا يمُر مرور الكرام؛ وكأن المطلوب فقط هو إعادة الإعمار ومسح دموع الضحية! لأن ما هو مطلوب بهذا التوقيت بالذات واستناداً للتضحيات التي تنزف يومياً وكل دقيقة هو ليس فقط تعرية أنياب المُحتل التي تقطُر منها الدماء، وإنما أيضاً ربط ذلك بأفعاله اليومية التهجيرية التي كان آخرها محاولته في حي الشيخ جراح مروراً بالسياسة العنصرية لأهلنا بالداخل.
لنتفق بأن المعارك القادمة ستكون بأشكال جديدة، فالقضية هي ليس من انتصر وإنما من بدأ بالعمل منذ اللحظات الأولى للهدنة، فنتائج العدوان على غزة سيكون لها تبعات مختلفة على أصعدة مختلفة أهمها: شكل أدوات المقاومة وتطويرها، إدارة قطاع غزة واستمرار الانقسام وعلاقته بعدد من الأنظمة العربية.
بالمُقابل وبكُل تأكيد لن تقف إسرائيل مكتوفة اليدين، آلام الصفعة التي تلقتها ستُترجمه الى سياسات أكثر عنصرية من قبل على صعيد فلسطينيي الداخل بالتحديد، لأن السلاح الذي نشرته بينهم من أجل القضاء على بعضهم البعض انقلب عليهم، وكشفت وجهها العنصري الحقيقي في كل مدن 48 من عكا الى النقب، لهذا على قادة الأحزاب العربية بالداخل وضع خطط للمعارك القادمة.
يبقى أن أقول حتى الشعوب العربية والإسلامية والصديقة والأحرار في العالم أن يستعدوا هم أيضاً، فالمعركة بدأت الآن، وعلى الجميع أن يكون مستعداً كل في موقعه وحسب اختصاصه وقدرته، فالاحتلال مازال مستمراً على أرضنا وكل فعل مُقاوم له أثر على مسار تحرير فلسطين.
كل ما سبق إذا ما تم التخطيط له والتنفيذ بشكل جماعي كل حسب مسؤولياته نستطيع أن نحقق الحرية والانعتاق من ظلم الاحتلال، أما إذا لم نتعلم الدرس والدروس من كل ما حدث ونكتفي بالبحث عن المصالح الضيقة سيبقى الاحتلال جاثماً على صدر القضية الفلسطينية حتى لو صفعناه من فترة الى أخرى، فالمعركة لم تنته... وإنما بدأت.