د. خالد معالي
تشكل قيادات وقوى الشعب الفلسطيني، وجموع الشعب في غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 48 ما نسبته 99 % من الوعي بأهمية الوحدة الوطنية، والتي تجلت بصورة خلاقة، خلال الجولة الاخيرة من الحرب العدوانية على غزة، من خلال هتافات فتح لحماس، او هتافات حماس لفتح، وخروجهما معا ويد بيد في مواجهات مع الاحتلال.
بالنظر للنسبة التي تعمل وتعي أهمية الوحدة، كيف لكان من هم لا يشكلون اقل من 1 % ان يجروا الشعب وقواه لمناكفات وتأجيج للوضع كادت تصل لفتنة لا تحمد عقباها؟! لولا سرعة تدارك احرار وشرفاء ومناضلي فتح وحماس وبقية القوى الفلسطينية؟!
المستفيد من الجولة الاخيرة والذي انتصر فيها الحق الفلسطيني بالنقاط، لا جدال انهم الفلسطينيين جميعا سواء كانت حركة فتح او حماس أو حتى السلطة الفلسطينية، ف 99% من شبابنا وشعبنا "مناح".
فحركة فتح تجلت بقوة خلال العداون على غزة، وصعدت في الضفة للتخفيف عن غزة، والسلطة لم يعرها انتباها بايدن والذي اتصل عليه الرئيس الفلسطيني قبل الحرب ثلاث مرات ولم يرد على هاتفه، لكن بعد قصف تل ابيب سارع بايدن شخصيا للاتصال بالرئيس، بل وحتى راحت عواصم العالم تتصل بالرئيس وتنهال عليه الاتصالات، بعدما كاد العالم ينسى شيئ اسمه القضية الفلسطينية.
بالعودة للقلة القليلة التي سارعت لبث امور تؤجج الساحة الفلسطينية سلبيا، الاصل ان لا ينجر لهم أي انسان واعي وحكيم ومتعقل، ولو دققت معي النظر لرأيت ان هذه القلة القليلة، لا يوجد في رصيدها ما هو من الكلام الطيب وبث منشورات الوحدة، بل كل حياتهم سلبية وتراجع، ولا يعيشوا مع اجواء الحرية والوحدة والمحبة أبدا، سواء كانوا اعوان احتلال او جهلاء او تم تنشأتهم بشكل غير سوي.
يوجد فرق من ينتقد بشكل علمي او تشم فيه غيرة على الوضع، وبين من لا ينشر الا السيئ، ويتحجج بالحرص على الوضع، في الوقت الذي هو فيه سلبي لدرجة كبيرة جدا، حتى في حياته العملية.
اختلاف الرؤى والبرامج أمر عادي في الثورات، لكن تبقى ضمن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وهي حالة صحية جيدة في ظل الوحدة والتعاون، لكن ان تستبدل بمناكفات وتأجيج فهنا يكون الأمر جلل.
قوى الشعب الفلسطيني في سفينة واحدة وان تم ثقبها من قبل القلة القليلة سواء اكانت ماجورة او جاهلة، فان الكل سيغرق، ومن هنا لا يصح السماح للقلة القليلة ان تسود وتلعب كما تشاء في الميدان، فالاحتلال يترقب ويسوءه الوحدة التي تجلت مؤخرا ومن مصلحته تخريبها من باب فرق تسد، وهو ليس بالامر الجديد على الاستعمار عبر التاريخ.
كل القوى الفلسطينية ورموزها وقادتها قدموا الغالي والنفيس لاجل حرية الوطن، ومن هنا لا يصح التهجم او الانتقاص منهم، بل مطلوب شحن الوضع للوحدة والتكاتف معا، فمعركة التحرير قد تطول وتطول، وبحاجة لنفس وحدوي وليس نفس قصير.
ما حصدته جولة حد السيف، كثير جدا وكثير، ويجب استثماره وطنيا واخلاقيا ووحدويا، نحو الجولة التالية التي يفرضها الاحتلال بممارساته، فقد مست هذه الجولة امن الاحتلال، وبات يفكر المستوطنون بالجولة التالية وهل يكون فيها رحيل وعودة لبلدانهم التي آتوا منها؟!
في كل الأحوال، فتح وحماس، اخوة دم ومصير وهدف واحد، ولا يصح ابدا بث او التساوق مع من يؤجج، ولا يصح نشر ما هو غير ما يدعوا للوحدة، وكلنا نعرف قصة الاحتلال البريطاني الذي كان يذبح بقرة ويلقيها امام السيخ، ليوجدوا فتن وحرب اهلية بينهم وبين المسلمين، لكي يبقى الاحتلال البريطاني يسود الهند، فهل اتعظنا وفهمنا الدرس ؟!