أثر الشاشات على النطق والكلام لدى الأطفال
كتبت: تسنيم صعابنة
يجلس الطفل طوال الوقت وهو يشاهد التلفاز أو اليوتيوب وما يشابهه، ولا يتكلم مع أحد! ثم يصبح لديه تأخر لغوي، وتأتي الأم لتشتكي وتقول: "ابني يفهم كل شيء ولكنه لا يعبر باستخدام الكلام عن الشيء الذي يريده من طعام أو شراب... الخ".
هنا يكون سؤالنا لها: كم ساعةً يجلس طفلك أمام الشاشات دون أن يتحدث لأحد؟!
كثيرًا ما تلجأ الأم إلى وضع أطفالها أمام الشاشات؛ لقضاء وقت؛ حتى تنهي أعمالها المنزلية، من (طبخ وغسيل وشطف...الــــــــخ)، وتشير الدراسات الاستقصائية إلى أن 92% من الأطفال في عمر عام واحد قد تعرضوا للشاشات، يبدأ بعضهم في عمر لا يتجاوز أربعة أشهر.
لا يستطيع دماغ الطفل في أول عامين من عمره على تحليل الصور التي يراها أمامه على الشاشات، على العلم أنه لا يتعلم منها أي شيء، فهي بالنسبة له عبارة عن أضواء، وصور تعرض الواحدة تلو الأخرى بسرعة خاطفة، ولا يمكن لدماغ الطفل اللحاق بها أو تخزينها.
فوجود الأضواء الساطعة وتغييرات المشهد السريعة للغاية والضوضاء الصاخبة تكون أعلى من قدرة دماغ الطفل على احتمالها واستيعابها، بالتالي تتأثر عندهم المهارات الحسية والمعرفية واللغوية
ومع مرور الوقت يفقد الطفل اهتمامه بالأشخاص، كونهم غير مغريين بالنسبة له، وهذا ما يجعله يدخل في مرحلة إدمان مشاهدة الشاشات، والبعد عن المجتمع، ويصبح اكتسابه للغة أقل، وتركيزه أقل، وبعد مضي أشهر من هذه الحالة يلاحظ على الطفل التركيز المباشر على الشاشة وعدم النطق، وقد يرافق هذه الأعراض تشتت في الانتباه، لما هو خارج شاشة التلفاز، وإطلاق صرخات بين الفينة والأخرى وفرط في الحركة وعدم الاندماج مع محيطه.
على الرغم من أن هناك إيجابيات عديدة لتكنولوجيا والشاشات وتطورات واعدة في التعلم، إلا أن الكثير من الوقت الذي يقضيه الطفل على الشاشات يسبب له تأخير في النمو اللغوي والمعرفي والإدراكي، وقلة التركيز، والسبب أن دماغ الطفل خلال أول عامين من العمر يتطور بشكل سريع.
"ففي دراسة أجرتها طبيبة الأطفال كاثرين بيركين أنه حتى 30 دقيقة كل يوم في مشاهدة الطفل للشاشات تكون ضارة على الطفل ويكون أكثر عرضة لتأخر اللغة وكل زيادة إضافية مدتها نصف ساعة تضع الطفل عرضة أكثر بنسبة 49% للتأخر اللغوي."
ومن الآثار السلبية لمشاهدة التلفاز ووسائل الإعلام والشاشات:
تتأثر قدرة الطفل على الانتباه والتي تعد من أكبر وأكثر التأثيرات القوية في العمليات الحسية المتضررة، وتقل قدرة الطفل على الإدراك (تصبح أكثر بطء)، وتقل قدرة الطفل على تطوير اللغة بشكل كبير، بالإضافة إلى اضطرابات في سلوك الطفل.
ومن المعروف أن الشاشات بشكل عام وعلى مختلف أنواعها كالتلفزيون وألعاب الفيديو والهواتف المحمولة، سلبت عقول الأطفال، فأصبحوا يقضون وقتًا طويًلا أمامها، مما ينتج عن هذا السلوك أضرار صحية خطيرة، ومن السلوكيات المحبذة لتخلص من هذه العادات الضارة، أن لا نضع الشاشات أو التلفاز في غرفة الطفل، وقضاء وقت أطول مع الطفل من خلال القيام بأنشطة بالمنزل كالتلوين والرسم والرياضة وقراءة بعض من القصص، أو الذهاب للحدائق العامة لجعل الطفل يقضي وقتًا أطول مع أقرانه والتعرف على أطفال من عمره، ومشاهدة محتوى مع الطفل ومناقشته، كما يجب على الأهالي مراقبة الطفل أثناء مشاهدة التلفاز، على أن تكون غنية بالمعلومات وتثقيفية وغير عنيفة.
يفضل أن يخصص الوالدين من وقتهم ولو القليل للعب مع طفلهم، فذلك سيساعده على تطوير لغته، مثلا: قد تلعب الأم أو الأب مع الطفل بالكرة وخلال ذلك سوف يكتسب العديد من الكلمات مثل: كرة، ارمي الكرة، الكرة كبيرة ..إلخ ويمكن للأم أن تحضر طفلها إلى المطبخ لعمل قالب من الكعك من خلال مشاركة طفلها لها، وتعرفه على المكونات التي قد تستخدمها في ذلك، (هذا بيض، نضيف السكر، نضيف الطحين، نخلط السائل، نضع الخليط في القالب...الخ).
الأهل هم قدوة الأطفال الأولى، فإذا كانوا يجلسون طوال الوقت على الموبايل أو التلفاز، ويطلبون من أطفالهم عدم الجلوس على الشاشات لساعات طويلة، فكيف سيستمع الأطفال إليهم ويقللون من الوقت الذي يقضونه في مشاهده هذه الشاشات؟ ومن هذا المنطلق يجب على الآباء والأمهات أن يتفاعلوا مع أطفالهم لأن هذا الأمر بالغ الأهمية، ويساعدهم في التطور الصحي المتكامل، ويدرب الطفل على التحكم بعواطفه، ويقوي التواصل العاطفي بينهما، ويحفز تطوره اللغوي وقدرته على التعلم ومهاراته الاجتماعية، فأنت أيها الأب وأيتها الأم أهم معلم لطفلك.