غزة - خاص صفا
كان يوم السبت الماضي، هو الأخير الذي وصل فيه أبو مالك عطا الله مكان عمله في إحدى شركات تصنيع المشروبات الغازية، الواقع في المنطقة الصناعية شرق مدينة غزة.
ويقترب العامل عطا الله من أسبوع دون عمل وهو ما أجبره على الاستدانة لتلبية حاجيات عائلته المكونة من ثمانية أفراد.
ولم يكن عطا الله الوحيد الذي يغرّد خارج السرب، فوفق إحصائية لغرفة تجارة غزة، فإن العدوان الأخير واغلاق معبر "كرم أبو سالم" وهو المعبر التجاري الوحيد لقطاع غزة، حرم قرابة ألف عامل في المنطقة الصناعية وحدها، مصدر رزقهم في المصانع.
فقدان عمل
ويقول عامل الباطون في إحدى الشركات شرق مخيم جباليا، فؤاد حمدان، إنه ومنذ انتهاء العدوان الأخير على غزة، تقلّصت عدد ساعات عمله من 6 أيام إلى يومين فقط، بسبب شح المواد الخام من "اسمنت وحصمة".
ويخشى حمدان في حديث لوكالة "صفا" من توقف العمل بالكامل، مع اقتراب نفاد الكميات الموجودة في مخازن الشركة، وهو ما سيحرم عائلته من قوت يومها.
تخوفات حمدان، تنتاب أكثر من 25 عاملاً يعملون في مصنعه، وكذلك عشرات آلاف العمال التي تعتبر مهنهم حبيسة توفر "الباطون"، "كالبليط والقصّير وغيرهم".
بدوره، قال موسى الزعبوط مدير شركة المدينة للمشروبات الغازية، إن اغلاق معبر "كرم أبو سالم" أدى لنفاد المواد الخام اللازمة لمصنعه، "فلا يوجد بلاستيك للتعبئة ولا غاز لتصنيع المشروبات".
وقال الزعبوط في حديث لوكالة "صفا": "يعمل في المصنع أكثر من مائة عامل وحاليا باتوا دون عمل، وأسرهم باتت دون معيل".
وأشار إلى أن شركته استمرت في العمل الجزئي بعد انتهاء العدوان الأخير، إلا أنها اضطرت للتوقف عن العمل بالكامل، قبل أسبوع، مع نفاد المواد الخام بالكامل.
ويأمل الزعبوط أن تنتهي مأساة إغلاق "كرم أبو سالم" ويسمح الاحتلال بإدخال كامل المواد الخام، دون انتقائية للمواد الغذائية فقط.
ولفت إلى أن شركته "لديها مناقصات والتزامات لتصنيع زجاجات المياه والمشروبات الغازية مع شركات محلية وهو ما يعرضنا لخسائر بآلاف الدولارات".
وأضاف "نعمل حاليًا على ادخال البلاستيك من جمهورية مصر العربية وهناك جهود لإنجاح ذلك، وهو ما قد يرجع العمل في المياه فقط، ولكن عودة المشروبات الغازية بحاجة للغاز الذي لا يدخل إلا عبر معبر كرم أبو سالم".
وتجدر الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال تغلق معبر كرم أبو سالم منذ الحادي عشر من مايو الماضي، وهو ما يمثل ضربة مزدوجة تتمثل في فقدان سلع أساسية من أسواق القطاع وتكدس بضائع التجار في الجانب الإسرائيلي.
وتتفاقم معاناة التجار يوما بعد الآخر، لتضاف آلاف الدولارات من الخسائر مع كل يوم إغلاق إضافي.
حال التاجر محمد العصار مدير شركة "الباطون الجاهز"، لم يختلف كثيرًا عن سابقه، ليضطر هو الآخر لإيقاف عمل ماكيناته وتسريح عماله وإغلاق المصانع.
وقال العصار في حديث لوكالة "صفا": "مصنعي تضرر من العدوان الأخير على غزة الشهر الماضي، ليأتي إغلاق المعبر ويكون بمثابة الشعرة التي تقصم ظهر البعير".
وأكد أن إغلاق المعبر تسبب له بخسائر فادحة، بسبب وجود مناقصات مع شركات مقاولات، متخوفًا أن "يطول الإغلاق وترتفع غرامات التأخير عليه".
ووفق العصار، يوجد في مصنعه 25 عاملاً، في حين يوجد أكثر من 300 عامل في مصانع الباطون في قطاع غزة، توقفوا جميعا عن العمل.
وأوضح أن توقف عمل مصنعه، ومصانع الباطون الأخرى، "سيتوقف على إثرها عدد كبير من العمال في المهن الأخرى من دهان وسباكة ونجارة وحدادة وغيرها".
وعن خطتهم في حال استمرار إغلاق المعبر، قال العصار: "نفكّر جديا بالاستيراد من جمهورية مصر العربية، إلا أن الكميات التي تدخل البوابة المصرية، لا تكفي لحاجة المصانع وبالتالي خلال الفترة الحالية لا غِنى عن عودة العمل على معبر كرم أبو سالم".
ويذكر أن هناك نقص كبير في الاسمنت والحصمة الموجودة في قطاع غزة، بسبب توقف إدخالها بالكامل من الجانب الإسرائيلي، وعدم كفاية الكميات الواردة من جمهورية مصر العربية لحاجة الغزيين الذي بدأوا بإزالة الركام وترميم ما يمكن ترميمه من منازلهم المدمرة من العدوان الأخير.
ومن جهته، قال المتحدث باسم وزارة الاقتصاد في غزة، عبد الفتاح أبو موسى إن "الاحتلال يمنع ادخال المواد الخام لقرابة الشهرين، يكتفي بالحاجيات الأساسية من أغذية وأدوية فقط".
وأوضح أبو موسى في حديث لوكالة "صفا" أن الفتح الجزئي للمعبر، يعني إدخال أقل من 80 شاحنة يوميًا من أصل 400 شاحنة، "في حين أن المعبر يعمل 5 أيام أسبوعيًا".
وحذّر من تفاقم معدلات البطالة واستمرار تسريح العمال من المصانع مع نفاد المواد الخام اللازمة لاستمرارية عملها، مضيفًا: "حاليًا يوجد عشرات المصانع توقفت عن العمل بسبب نفاد المواد الخام، وهو ما فاقم عدد العاطلين عن العمل".
وأشار أبو موسى إلى أن قوات الاحتلال دمّرت خلال العدوان الأخير، ثمانية مصانع بالكامل في المنطقة الصناعية شرق غزة وحدها، في حين كان التدمير الجزئي من ثمانية مصانع أخرى.