تهويد القدس
مدينة القدس كانت محور الاستهداف الصهيوني منذ عام 1948 وذلك لمكانتها التاريخية والدينية عند العرب والمسلمين وفور احتلالها عام 1967 قامت بعزلها عن باقي مدن الضفة الغربية ووضعت سياسة عنصرية ترمي من خلالها تفريغ المدينة من سكانها الفلسطينيين .
فأصدرت حكومة الاحتلال وبعد ايام قليلة من احتلال الضفة الغربية بتاريخ 11/6/1967 قراراً ضمت فيه الضفة الغربية بما فيها القدس. وأصدرما يسمى الكنيست ووزير الداخلية في 27 و28 حزيران 1967 عدة قرارات جعلت القدس الشرقية جزءاً لا يتجزأ من القدس الغربية المحتلة عام 1948.
وبدأت ( إسرائيل ) على الفور بتغيير معالم القدس العربية لتهويدها وخلق حقائق جديدة على الأرض وذلك بتدمير الأحياء والحارات العربية وبناء المجمعات الاستعمارية اليهودية وسلسلة من المستعمرات التي تحيط بها من جميع الجهات، وتحويل سكانها العرب إلى أقلية.
وضمت بلدات صور باهر، والشيخ جراح، ومطار قلنديا، وجيل سكوبس ومنطقة شعفاط إلى القدس الغربية المحتلة بهدف السيطرة على اراضيها .
وأخذت تعمل على تغيير معالم المدينة العربية الإسلامية وتهويدها تحت شعار مضلل وخادع وكاذب وهو إعادة توحيدها.
وبدأت حكومة الاحتلال منذ اليوم الأول لاحتلال القدس وحتى كتابة هذه السطور بالحفريات وبناء الأنفاق تحت أساسات المسجد الأقصى وحوله ووضع المواد الكيماوية على الصخور لتفتيتها على أمل أن ينهار المسجد الأقصى ويبنون الهيكل المزعوم على أنقاضه .
فيما تواصل ما يسمى جمعية العاد الاستيطانية ودائرة اثار الاحتلال بتعميق الحفريات جنوب المسجد الاقصى المبارك في منطقة القصور الاموية وتقوم بنقل الاتربة الى خارج اسوار البلدة القديمة . اضافة لذلك تجري عمليات حفر وتنقيب واسعة ونقل للاتربة من المنطقة الغربية الجنوبية وتأتي هذه الحفريات استكمالا لما تقوم به في النفق الجنوبي الواقع في وادي حلوة وهو اسم الحي المحاذي لسور المسجد الاقصى المبارك من الجهة الجنوبية ويعد الأكثر استهدافا من قبل سلطات الاحتلال ويقع ضمن محاولاتها لمحو تاريح هذا الحي وأطلقت عليه اسم ( مدينة داوود ) .
وتؤكد قرارات مجلس الأمن الدولي عدم شرعية الإجراءات الإحتلالية التي غيرت الوضع الجغرافي والديمغرافي للمدينة العربية الفسطينية المحتلة وتطالب بإلغائها وتفكيك التجمعات والمستعمرات اليهودية، لذلك فالمطلوب من الدول العربية والاسلامية وعدم الانجياز ومؤسسات حقوق الانسان في العالم حمل مجلس الأمن على الزام ( إسرائيل) بتطبيق قراراته الخاصة بمدينة القدس ومنعها من تغيير معالمها العربية الاسلامية.
إن التهويد (الإسرائيلي ) للقدس قائم على قدم وساق ولم يتوقف أبدا، وأن التوسع الاستيطاني بالمدينة آخذ في الازدياد، وخاصة بعد حرب 1967 وسيطرة (إسرائيل) على الجزء الشرقي منها، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2000 شيدت( إسرائيل) (44 ) مستوطنة في محيط القدس الشرقية، وما زالت تقوم ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية
وقد أطلقت (إسرائيل) عام 1993 مشروع القدس الكبرى التي تمتد على مساحة 600 كلم2 (10% من إجمالي مساحة الضفة الغربية)، وأقامت لذلك الجدار العنصري ويضم ما مساحته 230 كلم2 أخرى من أراضي الضفة الغربية، وسيعزل حوالي 130 ألف فلسطيني مقدسي عن القدس من حملة الهوية الإسرائيلية، وسيضم بالمقابل حوالي 120 ألف مستوطن يعيشون في كتل استيطانية ضخمة.
وتظهر معالم القدس الكبرى، بتنفيذ (إسرائيل) لشبكات طرق التفافية وجسور وربط المستوطنات بعضها ببعض وتقطيع أواصر مدن الضفة الغربية، وبإجبار الشباب الفلسطيني على النزوح من المدينة وترحيل المزيد من العائلات الفلسطينية من القدس ، في المقابل تشجيع العائلات اليهودية على السكن فيها. ووفقا لمركز ابحاث الاراضي فإن عدد سكان القدس ارتفع إلى 950 ألف نسمة بنسبة 70% من اليهود و30% من العرب.
وتجدر الاشارة إلى أن (إسرائيل) استخدمت العديد من الوسائل لبسط سيطرتها على القدس، بالمصادرة المباشرة لأغراض عسكرية واستيطانية، وبالاستيلاء بالتزوير والتحايل، وتحت حجج المصلحة العامة وذرائع إقامة الطرق والمرافق العامة.
وكما وضعت يدها على كافة أملاك الغائبين حتى حاملي هوية الضفة- بالإضافة للمصادرة بحجة البيئة والمناطق الخضراء والمفتوحة أو لصالح جدار التوسع العنصري، وأنه نتيجة لهذه السياسة "لم يبق للفلسطينيين سوى 7000 دونم (الدونم=1000 متر مربع) أي 10% فقط مما كانوا يملكونه سنة 1967".
وتجدر الاشارة ايضا ان (إسرائيل) لديها مشروع كبير لتغيير المعالم العربية الاسلامية للبلدة القديمة بالقدس وهو قيد التنفيذ الآن، ورصدت له 150 مليون دولار، إضافة لتوسيع المستوطنات المحيطة بالمدينة كمعاليه أدوميم، "حيث تنوي تشييد 4000 وحدة استيطانية وذلك بمصادرة 12 ألف دونم ضمن مشروع استيطاني ضخم أسمته حكومة الاحتلال مشروع (شرق واحد ) من أراضي ضواحي القدس من الجهة الشرقية وهي أبو ديس والعيزرية والعيسوية وقد بدأت حكومة الاحتلال بتنفيذ المشروع وما اتخذ من قرارات في الاشهر الاخيرة من اجل ترحيل سكان قرية الخان الأحمرالفلسطينية الواقعة على الاراضي المستهدفة هو بمثابة انطلاق للمشروع الاستيطاني الكبير (( شرق واحد ) .
وعند تناول فترة حكم الرئيس الامريكي دونالد ترامب وتشجيعه لحكومة الاحتلال بشرعنة الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس نجد ان القرارات التي اتخذها ضد الشعب الفلسطيني اخذت القدس النصيب الاكبر والاخطر وهي :
اولا – اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب يوم 6 كانون الاول عام 2017 اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بالقدس المحتلة كعاصمة للكيان الصهيوني .
ثانيا – قرار الولايات المتحدة الامركية بنقل سفارتها من تل ابيب الى القدس يوم 14 أيار من عام 2018 .
ثالثا – قرار وزارة الخارجية الامريكية بوقف الدعم المالي الذي تقدمه للمستشفيات الفلسطينية في مدينة القدس وعددها 6 مستشفيات تقدم خدماتها الطبية لسكان الضفة الغربية بما فيها القدس وسكان قطاع غزة وقيمة هذه المساعدات 25 مليون دولار وجاء ذلك باعلان وزارة الخارجية الامريكية يوم 7 أيلول عام 2018 .
رابعا – قرار الادارة الامريكية برئاسة دونالد ترامب يوم 18 تشرين اول عام 2018 دمح قنصليتها العامة في القدس مع السفارة الامريكية والتي تعتبر قناة التواصل مع الفلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة .
ونتيجة لهذه القرارات والتي استهدفت مدينة القدس اضافة لقرار وزير الخارجية الامريكية مايك بومبيو يوم 19 تشرين الثاني 2019 ان الولايات المتحدة الامريكية لم تعد تعتبر المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة مخالفة للقانون الدولي بمثابة اعطاء الضوء الاخضر لحكومة الاحتلال باطلاق يدها في الاراضي الفلسطينية بما فيها مدينة القدس فبدأت باعلان عشرات المشاريع الاستيطانية في مدينة القدس .
وتسعى حكومة الاحتلال من خلال تصريحات العديد من الوزراء السيطرة على ما نسبته 32% من الضفة الغربية بما فيها القدس وفق ما سمي بصفقة القرن وخطة الضم الاسرائيلية ويأتي ذلك بتشجيع من الادارة الامريكية ووفقا لاخر احصائية لعدد الوحدات السكنية الاستيطانية التي اعلنت عنها حكومة الاحتلال خلال فترة حكم الرئيس الامريكي دونالد ترمب ( 2016 – 2020 ) بلغت 36331 وحدة سكنية استيطانية .وتهدف حكومة الاحتلال من وراء بناء عشرات الاف الوحدات الاستيطانية استيعاب مليون مستوطن في الضفة الغربية بما يشمل القدس .
و قد قامت ( إسرائيل ) أيضا بهدم 3500 منزل فلسطيني منذ عام 1967، مشيرا إلى أن الهدم والتعقيدات الإسرائيلية في استصدار رخص البناء أدى لوجود قرابة 20 ألف منزل غير مرخص وأن نصفها تقريبا مهدد بالهدم.
وفي الوقت الذي تقوم به حكومة الاحتلال بهدم المساكن الفلسطينية وترحيل سكانها الفلسطينيين والاستيلاء على المنازل الفلسطينية وترحيل سكانها كما يحدث اليوم في حي الشيخ جراح من تهديد بترحيل 28 اسرة فلسطينية وومئات الاسر في سلوان بأحيائها البستان وبطن الهوى تضع مزيدا من العراقيل والمعوقات لاصدار تراخيص بناء للفلسطينيين في حين تصدر الاف التراخيص لبناء التجمعات والمستعمرات للمستوطنين منتهكة بذلك كافة القوانين والاعراف الدولية دون رادع .
م . محمود الصيفي
عضو المجلس الوطني الفلسطيني