أظهرت أشكال التضامن المتعددة للشعب المغربي مع شقيقه الفلسطيني في محنته، خاصة في العدوان الأخير على غزة، مدى تعلق المغاربة بجميع انتماءاتهم السياسية والأيدولوجية بفلسطين.
ولم يكتف المغاربة الذين تربطهم وشائج تاريخية قديمة بفلسطين، بإظهار التضامن، بل منهم من شارك في عمليات التحرير والمقاومة قديما وحديثا.عبادة وعلم
توجه سكان المغرب العربي -الذي يشمل حاليا كلا من المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا- إلى فلسطين والقدس الشريف لمقاصد شتى أهمها العبادة وطلب العلم والمرابطة من أجل الجهاد، كما يقول للجزيرة نت الدكتور محمد بولوز الباحث في العلوم الإسلامية.وأضاف أنه “عرف عن كثير منهم المرور بالشام بعد إتمامهم فريضة الحج للتمتع الروحي برؤِية مسرى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وإتمام شد الرحال إلى المساجد الثلاثة: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى”.ويضرب بولوز المثل بالعلامة المغربي دفين فاس ابن العربي المعافري صاحب “أحكام القرآن” و”العواصم من القواصم “وغيرها من المؤلفات والمتوفى عام 543 هجرية، وبالشيخ صالح حرازم المتوفى بفاس أواسط القرن السادس الهجري، والشيخ المقري التلمساني صاحب كتاب “نفح الطيب”.“
توجه سكان المغرب العربي إلى فلسطين والقدس الشريف لمقاصد شتى أهمها العبادة وطلب العلم والمرابطة من أجل الجهاد
“حروب صليبية
وأما عن المشاركة في الجهاد خلال الحروب الصليبية، فيوضح بولوز أن المغاربة تطوعوا في جيوش نور الدين زنكي وأبلوا بلاء حسنا، وبقوا على العهد زمن صلاح الدين الأيوبي إلى أن تحررت المدينة من قبضة الغزاة الصليبيين.واختار العديد منهم بعد التحرير أن يجاوروا قرب الزاوية الجنوبية الغربية لحائط الحرم الشريف، أقرب مكان من المسجد الأقصى. وعِرفانا من الملك الأفضل ابن صلاح الدين الأيوبي، وقَف هذه البقعة على المغاربة، وسمي ذلك الحي من حينها باسم حارة أو حي المغاربة.وجاء الاحتلال الإسرائيلي في يونيو/حزيران 1967 وصادر حي المغاربة، وأخلى سكانه وهدم جامع البراق وجامع المغاربة وأقام حائط المبكى.شهداء الحاضر
وشارك المغاربة في صفوف فصائل المقاومة الفلسطينية في وقت مبكر، بحسب ما أوضحه للجزيرة نت عبد الإله المنصوري عضو مجموعة العمل الوطنية لمساندة فلسطين والعراق.ومن هؤلاء كوكبة من الشهداء تمثل -حسب المنصوري- “حقيقة الشعب المغربي الأصيلة في رفض كيان الإرهاب الصهيوني، والانتماء إلى أمته العربية واعتبار القضية الفلسطينية قضية وطنية”. أمزغار استشهد في عملية فدائية بفلسطين (الجزيرة نت)
وذكر المنصوري أسماء بعض منهم مثل نادية برادلي التي قضت سنوات من حياتها أسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي عقب مشاركتها في عملية بطولية كانت تستهدف مطارات في فلسطين المحتلة عام 1948.وشاركت في هذه العملية مع مجموعة من الفدائيين بينهم أختها غيثة في بداية سبعينيات القرن الماضي. كما قضت سنوات في بيروت مصطحبة معها أمراضا مزمنة من معتقلها في إسرائيل إلى حين وفاتها.ومنهم مصطفى علال قزبير الذي استشهد يوم 2 فبراير/شباط 1994 أثناء اشتباك مع قوات العدو الإسرائيلي على الحدود اللبنانية الفلسطينية، ثم استرجعت الجبهة الشعبية رفاته في عملية الرضوان التي أشرف عليها حزب الله في يوليوز/يوليو 2008 وأعيد إلى المغرب في سبتمبر/أيلول من العام نفسه.وتضم قائمة الشهداء أيضا الركراكي النومري الذي استشهد في لبنان يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1988، ومهندس الطيران الحسين بن يحيى الطنجاوي الذي استشهد يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1974، وعبد الرحمن أمزغار الذي استشهد في عملية داخل فلسطين المحتلة يوم 17 يونيو/حزيران 1974 خلفت نحو 30 قتيلا إسرائيليا.الحسن سراتالمغرب