على بُعد مئات الأمتار من البؤرة الاستيطانية "أفيتار" المقامة على جبل صبيح شمالي الضفة الغربية المحتلة، وقف الخطيبان عمران ورغد ووجههما إلى قمة الجبل حالميْن بمستقبلٍ مشرقٍ خالٍ من الاحتلال ومنغصاته.
وفي بيتا التي اعتادت في الشهور الماضية توديع شهدائها بالزغاريد، عادت لتصدح فيها زغاريد الفرح ابتهاجا بعقد قران عروسين أتيا من مكان بعيد ليعلنا من جبل صبيح ولادة أسرة فلسطينية جديدة.
عمران جاسر شوبكي ورغد بلال شطاوي من مخيم عسكر شرقي نابلس، اختارا جبل صبيح مكانًا لعقد قرانهما لإيصال رسالة دعم لأهالي بيتا ببلدة بيتا الذين يخوضون منذ أكثر من ثلاثة شهور مواجهات يومية لتحرير الجبل.
ورغم بُعد المسافات وصعوبة الوصول وخطورة المكان، إلا أن ذلك لم يمنع الشوبكي من خوض هذه التجربة الفريدة لإيصال رسالته.
وقال الشوبكي لوكالة "صفا": "أردت أن أوصل رسالة دعم لصمود أهلنا في بيتا وأقول لهم أننا معكم ولن ننساكم حتى في ذروة انشغالنا بأفراحنا".
الفكرة التي بدأت بعفوية من شقيق عمران، تحولت سريعا إلى قرار حاسم لدى الشاب وهو يجهز لترتيبات عقد قرانه، ليبدأ بعدها مهمة إقناع الأهل والأقارب.
ويبين أن الفكرة واجهت بعض التحفظ لدى الأهل في البداية بسبب صعوبة الوصول إلى الجبل وخوفا من تنغيص الاحتلال لهذه الفرحة.
لكنه استطاع إقناع الأهل بأهمية هذه الخطوة الرمزية لما لها من دور مؤثر في دعم صمود أهالي بيتا.
وقال: "هذا أقلّ الواجب تجاه بيتا، وعلى الجميع أن يساهم في دعم صمودها بكل السبل المتاحة".
بعد أن انتهى المأذون من إجراءات عقد قرانهما، تبادل الخطيبان تلبيس الخواتم، ثم رفعا شارة النصر عاليا في وجه البؤرة الاستيطانية.
الشيخ ثائر أبو خرمة، المأذون الذي أجرى عقد القران، بارك للعروسين وعائلتيهما، وحيّاهم على اختيارهم جبل صبيح لعقد القران.
وقال: "هذا العقد عقد مميز ليس كباقي عقود الزواج، فمن هذا المكان نودع الشهداء، ومن هذا المكان نزف العرسان، لنقول للاحتلال أننا نحن أصحاب هذه الأرض".
ولم يخيب الاحتلال ظن العروسين وعائلتيهما، فقد تواجدت دورية للاحتلال على مدخل الطريق التي سيسلكها الحضور، ما أعاق وصولهم لبعض الوقت.
وتأتي هذه المناسبة لتنثر أجواء من البهجة في بيتا التي تعيش أجواء استثنائية منذ مايو/ أيار وقدمت ستة شهداء وآلاف الجرحى في معركة الدفاع عن جبل صبيح.
وقابل أهالي بيتا هذه الخطوة بالترحاب وقاموا بواجب الضيافة على أكمل وجه، وقدم حراس الجبل درعا تكريميا للعروسين.
وفي كلمة لأحد وجهاء البلدة رحب فيها باسم بيتا وأهلها وحراس الجبل بضيوفهم، وبارك للعروسين وذويهما، وشكرهم على هذه اللفتة التي قال أنها مبادرة دعم لصمود أهالي بيتا وإثباتا لفلسطينية هذه الأرض وأنها لا تقبل القسمة على اثنين.
وكالة صفا