ما زالت جذوة الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي ممتدة، ليصل شرارها محاربةَ اللغة العربية التي تعتبر أساس الهوية ورمزاً لها بجانب الأرض، لكن الصراع هنا وصل لمنحنى يُتخذ لرفعةٍ في المناصب، وإبقاء للحكومات.
وبتسريبات من نواب في الليكود الإسرائيلي، تشير إلى رفض نواب عرب مشاركون في حكومة بينامين بينت، إقرار قانونٍ يسمح بتعليم اللغة العربية في المدارس "العبرية".
ويؤكد نواب القائمة العربية برئاسة منصور عباس هذا التسريب الإسرائيلي، بذريعة انسجامه مع الائتلاف المشاركين به.
وصوّت نواب القائمة العربية الموحدة في إسرائيل في السادس من الشهر الجاري، ضد قانون يلزم بتعليم اللغة العربية في المدارس قدمه حزب "الليكود".
وفي حديث "وكالة سند للأنباء" مع سياسيون فلسطينيون بأراضي الداخل المحتل، وجدوا أنّ هذا الإجراء، نتيجة طبيعية لمسار من الصراع بين الهوية والمنصب.
وهنا يوضح المحامي خالد زبارقة، لـ"وكالة سند للأنباء" أن هذا القانون هو نتاج لحالة "التشتت والضياع السياسي" للقائمة التي يرأسها "منصور"، والتي منحت شرعية للحكومة الأكثر تطرفا في إسرائيل، "فما دونها يصبح نتيجة طبيعية!"
"قانون اللغة العربية ليس المقياس الوحيد، إذ أن هناك إشادة من القائمة بموقف القضاء الإسرائيلي من الصلاة الصامتة، وتصويرها لـ"منصور" بأنها انجاز رغم سماح المحكمة بها" كما قال "زبارقة".
وفي تساؤل يطرحه "زبارقة" "ماذا حققت القائمة في مشاركتها بالحكومة؟، هل منعت الهدم ومصادرة الأراضي الفلسطينية ومخالفات البناء وغيرها؟ إذ يأتي هذا كله مقابل بعض الامتيازات المالية التي يحصل عليها".
رئيس التجمع الفلسطيني في الداخل المحتل جمال زحالقة، يرجع موقف قائمة "منصور"، لالتزامها بالائتلاف الحكومي، والتي أصبحت كأي مكون في الحكومة الإسرائيلية مثل بينيت وليبرمان ولابيد".
يقول "زحالقة" لـ"وكالة سند للأنباء" إنّ "القائمة حسمت أمرها في المعسكر الآخر، بحثاً عن المغانم"، مؤكدين أنهم لن ينسحبوا من الحكومة مهما حصل، ما يضع "منصور بين خياري "دعم الصهيونية والمحافظة على الهوية الدينية".
ويتابع، أنّ هذا السلوك يشكل تهديداً لإضعاف الهوية الفلسطينية، التي لا يمكن أن يتمسك بها في ظل دعمه لـ"حكومة اليمين".
"صراع الهوية"
وفي تنافس مستمر بين الحكومة والمعارضة، يوضح رئيس حركة أبناء البلد رجاء اغبارية، لـ"سند"، أنّ الليكود الإسرائيلي أراد إحراج حكومة "بينت" في تمرير القرار، بغية اسقاطها، خاصة أنه يتنافى مع قانون القومية.
ويعتبر رفض النواب العرب للقرار، مساهمة عملية في الحفاظ على بقاء هذه الحكومة، وتوفير الحماية لها، بحسب ما ذكر "اغبارية".
ويشير ضيف "سند" أن أهداف المنصب الذي يقوده "عباس" لا يمكن أن يشكل تهديداً حقيقياً للهوية التي بقي محافظٌ عليها منذ عام 1948 حتى يومنا هذا.
أما عن طريق المواجهة وبوصلة الانتماء، يبيِّن "اغبارية" أن العمل في الكنيست أو الحكومة، لا يمكنه حرف بوصلة الانتماء الذي يترسخ في كل محطة من محطات الصمود والمواجهة وآخرها معركة "سيف القدس".
وفي استهداف للهوية الفلسطينية، تحاول المؤسسة الصهيونية تدجين الواقع الفلسطيني بغية استهداف الهوية؛ لكن المحاولات الإسرائيلية لن تنجح، رغم تنكر البعض لهذه الهوية، كما قال "اغبارية".
أما عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب "الليكود" ياريف ليفين، فقد هاجم نواباً من القائمة العربية الموحدة "الحركة الإسلامية" ؛ لتصويتهم ضد اقتراح قانون قدمه لإلزام تعليم اللغة العربية في المدارس.
ومن كرسي الكنيست توجه "ليفين" بحديثٍ باللغة العربية أن "ليس هناك حركة إسلامية في العالم تصوت ضد اللغة العربية، ضد لغة القرآن الكريم" متسائلاً "هل الكرسي أهم من اللغة أنتم حركة إسلامية أم حركة كرسية؟".
وهنا تبقى الصراعات قائمة بين الهوية والمناصب، بين المعارضة والحكومة، وكلها تسير في سبيل طمس الهوية والقضاء على الرمز الفلسطيني العربي.