الرئيسية / مقالات
طـــافـــش بقلم: رامي مهداوي
تاريخ النشر: السبت 11/10/2014 09:19
طـــافـــش بقلم: رامي مهداوي
طـــافـــش بقلم: رامي مهداوي

 لا يوجد إنسان ناطق بلغة "ض" لغة القرآن الكريم إلا وتحدث عن "داعش"، وحتى من هم خارج هذه الدائرة أيضاً تحدثوا بما يمتلكونه وما لا يمتلكونه من إرث معلوماتي حول تاريخ وحاضر العرب والإسلام، الجميع يسأل من أين جاء "داعش"؟ ومن هو الداعم الأساسي لهم... أميركا؟ تركيا؟ قطر؟ السعودية؟ سورية؟ إيران؟ جامعة الدول العربية؟! إسرائيل؟ والجميع أيضاً يتحدث عن بشاعة أعمال الذبح والسلخ التي يقوم بها؟ والبعض تحدث عن الأرض الخصبة التي انبثق منها "داعش". هذه "الفوبيا" وبالأخص في العالم العربي جعلتنا لا نشاهد الحزب الأخطر من "داعش" الذي ينمو بشكل سريع، يذبح ويُكفِر ذاته أولاً ثم ينطلق الى المجهول خارج جغرافيا الوطن العربي والإسلامي ليبدع .. يعمل.. ينتج.. يدرس.. يزرع... يحصد.. يخترع.. يطور ويتطور... يرسم... يغني... يرقص.. يكتب.. ينتخب.. يحب...

هذا الحزب استمد أدبياته من كتاب "سأخون وطني" للشاعر والأديب السوري الراحل محمد الماغوط، ليترجم ذلك على أرض الواقع بحزب ينمو بداخل الشباب العربي من خلال عملية تراكمية لأسباب مختلفة، لكن الهدف واضح وضوح الشمس لا يختلف عليه الشباب العربي، فتجد الليبي والسوري يقتحمون البحار بصدورهم العارية تجاه الهدف... تجد الشباب الفلسطيني يجدد نكبته بتحويله لاجئاً لأكثر من مرة ليبحث عن ذاته الإنسانية.
هذا الحزب ليس له هوية دينية، ما يجعله أخطر من "داعش" ... هذا الحزب لا يميز بين متعلم يحمل شهادة أو غير متعلم ويحمل مسؤوليات وأحلام من كسرة الخبز حتى دواء يشفيه من جرح سببه الوطن، هذا الحزب ليس له أمير أو رئيس أو زعيم أو نبي أو قائد أو أمين عام أو مسؤول، هذا الحزب يتجاوز الحدود بسهولة فهو غير مرئي، في هذا الحزب أنت تختار طريقك ووظيفتك ونمط حياتك، في هذا الحزب أنت لست بحاجة الى استمارة عضوية بقدر ما أنت بحاجة الى فيزا، وإذا لم تمتلكها فهناك طرق أخرى بدأ الشباب التوجه لها، فقد ذكرت "بي بي سي" أن أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا ازدادت بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، فبحسب وكالة الاتحاد الأوربي لمراقبة الحدود "فرونتكس"، زاد عدد الأشخاص الذين يحاولون عبور البحر المتوسط من دول شمال إفريقيا إلى إيطاليا، رغم المخاطر التي قد تودي بحياتهم
فمنذ كانون الثاني وحتى نيسان، اكتُشف 42 ألف مهاجر يعبرون من خلال هذا الطريق، وكان عدد الذين أتوا من ليبيا وحدها 25.650 مهاجراً وهناك سبعة خطوط أخرى للهجرة أقل ازدحاماً، وهو ما جعل إجمالي المهاجرين إلى أوربا يصل إلى 60 ألف مهاجر، بينما قالت الحكومة الإيطالية منذ أيام: "إن عدد المهاجرين الذي يصل شواطئها يزيد على 39 ألف مهاجر. ويفوق إجمالي عدد الوافدين حتى الآن في عام 2014 عدد الوافدين في الفترة نفسها عام 2011، وهو العام الذي قامت فيه ثورات الربيع العربي وشهد تدفق 140 ألف مهاجر غير شرعي.
حزب "طافش" هو الحزب الذي يبتعد أبعد من مفهوم الهجرة، لأسباب كثيرة، ما يجعنا نطفش من بلداننا العربية، وربما هو الحزب الذي يدمر الذات بمفهوم الجسد العربي لبناء جسد آخر غير عربي، فأجسادنا العربية أصبحت قوة طاردة لذاتنا ما دامت تغيب فيه الاعتراف بأقل المفاهيم لأن تكون مواطناً فقط لا غير، فيغيب تقدير من يعمل وينتج ويكافأ من يدمر ويسرق، ما يجعل وطننا العربي يتنفس على النفاق والوصولية وهز الذنب، وتدمير بعضنا البعض بدلاً من أن تتشابك الأيادي لأجل بناء غد أفضل لأجيالنا ومستقبلنا.
علينا مواجهة حزب "طافش" فهو أخطر من "داعش"، وهذه المواجهة ليست سهلة إطلاقاً بل على العكس تماماً فأنت ستواجه أسباب وجود "داعش" أيضاً من ظلم.. فساد.. تربية.. تنشئة.. انتهاك لحقوق الإنسان، فقر، جهل، عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، إحباط، قمع بيروقراطي، عدم احترام القدرات العلمية والفنية والكفاءات التي ترغب صادقة في خدمة وطنها وتنمية خبراتها، وكما قال فرانسيس فوكوياما: "إن ما يرضي البشر حقاً ليس الوضع المادي بقدر ما يرضيهم الاعتراف بوضعهم وكرامتهم".
حتى أكون صادقاً مع قلمي، فأنا أيضاً ورغم محاولاتي الدائمة الخروج من الصراع الداخلي في رؤية متاهات الأمل والمستقبل والوطن إلاّ أنني أجد ذاتي تنقسم بين الانتماء إلى حزب "طافش" أو الوقوف أمام هذا الحزب بكامل قوتي وإيماني بالانتماء لتراب الوطن الطاهر، صراع ذاتي بين "أنا" و"أنا" وبعيداً عن الرومانسية في حب الأوطان، إلا إنني أجد ذاتي منحازاً بكامل إرادتي لأحارب كافة الأيدي التي تلتف حول أعناقنا لخنقها من الاحتلال الإسرائيلي إلا ذلك المثقف الذي يطعمنا خبزه الكاذب في التلفاز أو الصحف، سأقف ضد حزب "طافش" وأحاول أن أطلب كل من "طفش" للعودة الى فلسطين، وسأبقى أقرأ كلمات سيد الكلمة "نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ، وما يفعل العاطلون عن العمل: نُرَبِّي الأملْ". 
للتواصل:
بريد الكتروني mehdawi78@yahoo.com
فيسبوك RamiMehdawiPage
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017