غلاء الأسعار يُنهك جيوب الفلسطينيين
تسنيم صعابنة
موجة غلاء غير مسبوقة في فلسطين، تطال أسعار السلع الأساسية والتموينية، كالطحين والعدس والزيوت النباتية والسكر، مما أدى إلى حدوث حالة من التخبط بين التجار والمواطنين، وتخوف المواطن بسبب عدم وضوح الأسباب، وإثارة غضب الشعب، والتذمر من الوضع العام، والمطالبة بتحركات رسمية؛ لضبط الأسواق، وتحقيق التوازن.
تعد ظاهرة ارتفاع الأسعار من الظواهر التي تنتشر في الأسواق بين حين وآخر، وهي ظاهرة ليست بالجديدة، ومن الطبيعي أن ترتفع الأسعار حول العالم بسبب نزول الإنتاج في كافة القطاعات، نتيجة تفشي الوباء (كورونا)، والتي أدت إلى تخفيض الإنتاج وزيادة التكلفة، وهذا ما دفع الكثير من الشركات في الرغبة لتعويض خسائرها.
يقول أحد المواطنين: "لا تتفاجئون بأية سعر، فمثلًا الزيت النباتي 5لتر كنا نبيعه ب30شيقل، والآن أصبح سعره 38شيقل، لماذا؟ أين نحن نعيش؟".
فما هي أسباب هذه الزيادة المفاجأة؟
وفقًا لمختصون، فإن هذا الغلاء يأتي ضمن ارتفاع عالمي في أسعار هذه السلع، إلى جانب ارتفاع تكاليف الشحن والتصدير، ومما ساهم في هذا الغلاء، هو تعمد بعض التجار إلى رفع أسعار سلع أخرى، مستغلين تدهور الأوضاع.
حاولت السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى السيطرة على هذه الأزمة، من خلال عدة قرارات، من بينها:
• إعفاء السلع الأساسية المستوردة عبر معبر رفح من الرسوم، وتحمل وزارة المالية بغزة الزيادة في أسعار الغاز المستورد، حيث صرح وزير الاقتصاد، خالد العسيلي، "بأنه هناك تحرك لإعفاء التجار من الضرائب ضمن إجراءات ضبط الأسعار"، وعلى الرغم من ذلك لم تكتفِ الحكومة الفلسطينية بذلك، فحولت 300 تاجر في الضفة الغربية إلى النيابة العامة؛ لتلاعبهم بالأسعار".
"يأتي هذا الغلاء تزامنًا مع هبوط حاد لسعر صرف الدولار مقابل الشيقل، وفي ظل ارتفاع معدل الفقر في فلسطين إلى نحو 30%."
تقول رئيس جمعية حماية المستهلك، في مدينة نابلس، الدكتورة فيحاء البحش: "نحن بدورنا نقوم بالرقابة على الأسعار، ونتواصل مع وزارة الزراعة ووزارة الصحة، وكل جهة لها علاقة بالأسعار أو الجودة أو الخدمات".
وتتابع البحش: "تفاجئنا بوجود خلل داخل السوق، وهي ارتفاع أسعار بعض السلع وهي ليست مستوردة، وليست من السلع التي شهدت غلاء، وبعض التجار استغل هذه الأزمة فبدءوا برفع أسعارهم، وعلى سبيل المثال: قضية الكرتون التي ارتفع سعره بشكل كبير، وجدنا بعد المتابعة مع وزارة الاقتصاد أن الارتفاع كان فقط في السوق الإسرائيلي، لكن كمنتجات فلسطينية لم ترتفع سعرها، ولم تتغير أبدًا، وهناك دعوات بأن يكون بديل هذه المنتجات الإسرائيلية منتجاتنا المحلية الفلسطينية".
وتؤكد البحش، "أنه تم اللجوء إلى الجهات الأمنية، بما فيها الضابطة الجمركية والمتابعة الدائمة من أجل ضبط السوق، وتواصلنا مع وزارة الاقتصاد؛ ليكون هناك إجراءات على أرض الواقع، ومتابعة السوق؛ وتعميم قائمة أسعار استرشادية، حتى لا يكون هناك تفاوت في الأسعار من محافظة لأخرى“.
تؤكد البحش، أن استغلال وجشع بعض التجار لرفع الأسعار لا يوجد له علاقة بارتفاعات عالمية، ولا بموضوع الاستيراد، وباتت هناك فوضى يجب متابعتها من مصدرها الحقيقي، ومحاسبة المخالفين قانونيًا، وصحيح أن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) كانت قد أعلنت ارتفاعات في أسعار بعض السلع، مثل الأرز والزيت، بمبرر أن هناك أجور شحن إضافية عليها، لكن باقي السلع ليست في أزمة اقتصادية عالمية."
وتتوقع البحش، "أن تكون بعض الإرشادات الجديدة، وأسعار قد ترتفع وقد تنخفض، نظرًا لكونها تتعلق بالبورصة، التي من الممكن أن تتأثر بالعوامل المحيطة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها)".
وتبين البحش، "أن الارتفاع في الأسعار هو ارتفاع عالمي، ليس للحكومة أو التجار علاقة بها، وجميع دول العالم شهدت هذه الارتفاعات، وهناك الكثير من السلع التي ارتفع سعرها من بلد المنشأ لها، بسبب جائحة كورونا، وقلة الإنتاج وقلة الأيادي العاملة، لكن بمجرد انتهاء هذه الجائحة نتوقع عودة الأسعار كما كانت، والعودة إلى الوضع الطبيعي".
يقول الكاتب والمحامي، سمير دويكات في تقرير نشر له على موقع معًا: "ارتفاع الأسعار رافق المراحل الفلسطينية كلها وسببها هو نتيجة إهمال وزارة الاقتصاد الفلسطيني وسياساتها الخاطئة على كافة الصعد، وعدم قيامها بمراقبة جيدة للأسواق وفرض غرامات مناسبة أو عقوبات تردع التجار من التلاعب في الأسعار".
ويضيف دويكات، "أن غياب دور الوزارات والمؤسسات في تشجيع المنتج الفلسطيني وخاصة ما أشتهر في فلسطين في هذه الأيام وهو زيت الزيتون، إذ يباع زيت الذرة بأسعار قد تكون قريب إلى سعر الزيتون، وهذا عامل سيء مقارنة بالمنتجين وفوائدهما حول العالم".
وعلى الرغم من ذلك يجب أن يكون هناك حلول عملية لتخلص من هذه الأزمة، من خلال تشجيع المنتج الفلسطيني، والبحث عن أسواق مناسبة للاستيراد من أماكن ذات وضع مشابه للوضع الاقتصادي لفلسطين.
"ومن المتوقع أن يستمر ارتفاع أسعار السلع حتى نهاية العام الجاري، وحتى يحصل ذلك فإن الأمر مرتبط بضرورة حدوث تغيرات مهمة في الاقتصاد العالمي، وفي حال عدم تغيرها يجب أن يكون هناك خطوات لدعم السلع الأساسية التي لا يستطيع المواطن الاستغناء عنها، كالطحين والعدس والسكر...، وفرض رقابة شديدة على أسعار السلع في السوق، بالإضافة إلى منع تغّول بعض التجار، ومراقبة التجار الكبار؛ لمنعهم من إخفاء السلع في انتظار ارتفاع الأسعار وطرحها في السوق." (وكالة وفا)
ويؤكد بعض المختصين في وزارة الاقتصاد، أن ارتفاع الأسعار الأساسية والتموينية ما هو إلا ارتفاع عالميًا وليس محليًا، وفلسطين بما فيها من الضفة الغربية وقطاع غزة، هي جزء من السوق العالمي، وتأثرت بارتفاع أسعار السلع بشكل واضح.
"وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن الرقم القياسي العام لأسعار الجملة شهد ارتفاعا حادا نسبته 4.21% خلال الربع الثالث 2021 مقارنة بالربع الثاني 2021، حيث بلغ الرقم القياسي العام لأسعار الجملة 129.35 خلال الربع الثالث 2021 مقارنة بـ 124.13 خلال الربع الثاني 2021." (المصدر: وفا)