أوصى فريق عمل الخدمات الوقائية بالولايات المتحدة (USPSTF) -في إرشادات أصدرتها حديثا- الأميركيين بالامتناع عن تناول الأسبرين كوسيلة للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية.
وأفاد تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست (Washington Post) الأميركية بأن نحو 30 مليون أميركي ممن هم في الـ 40 من العمر فما فوق ولا يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، يتناولون الأسبرين يوميًا كوسيلة للوقاية من أمراض القلب.
ووفقا لبحث نشر في عام 2019 في سجلات الطب الباطني (Annals of Internal Medicine) فإن 6.6 ملايين من العدد المذكور آنفا يتناولون الأسبرين دون أي توصية من أطبائهم.
ويرى الباحثون أن الأمر مثير للقلق، حيث إن الأسبرين الذي هو مسكن للآلام ولا يحتاج الحصول عليه إلى وصفة طبية، يمكن أن يكون منقذا للحياة، لأنه يساعد في تقليل احتمال الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية عند بعض الأشخاص، خاصةً بالنسبة للمصابين بأمراض القلب المعروفة، إلا أن استخدامه باستمرار قد يسبب آثارًا جانبية خطيرة، من أبرزها النزيف الداخلي.
وأشار تقرير واشنطن بوست إلى أنه حتى وقت قريب، كان العديد من الأطباء يؤيدون تناول الأسبرين بجرعة منخفضة يوميًا كوسيلة للوقاية من النوبات القلبية الأولية أو السكتات الدماغية، لكن بحثا جديدا توصل خلال السنوات القليلة الماضية إلى أنه بالنسبة للعديد من الأشخاص غير المصابين بأمراض القلب، فإن خطر التعرض للنزيف قد يفوق فوائد استعمال الأسبرين يوميا.
وينطبق ذلك بشكل خاص على كبار السن. ولذلك توصي الإرشادات الجديدة المقترحة من قبل فريق عمل الخدمات الوقائية الأميركي الأشخاص الذين يبلغون من العمر 60 عامًا فما فوق بعدم تناول الأسبرين كوسيلة للوقاية الأولية من أمراض القلب والأوعية الدموية.
وتشير الإرشادات المقترحة إلى أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و59 عامًا المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية نسبة 10% فما فوق قد يستفيدون قليلا من استعمال الأسبرين يوميا، وعليهم أن يستشيروا أطباءهم بشأن استخدامه.
وهذه التوصيات قريبة من الإرشادات الصادرة عن جمعية القلب الأميركية (American Heart Association) والكلية الأميركية لأمراض القلب (the American College of Cardiology) الصادرة في عام 2019، والتي توصي بالامتناع عن الاستخدام اليومي للأسبرين لمنع تعرض الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 70 عامًا من التعرض لنوبة قلبية أو سكتة دماغية للمرة الأولى.
المخاطر والفوائد
غالبًا ما تحدث أمراض القلب والأوعية الدموية بسبب تضيق الشرايين. الأسبرين دواء مضاد لتكدس الصفائح الدموية. وهذا يعني أنه يمنع الصفائح الدموية (نوع من خلايا الدم) من التكتل معًا وتشكيل جلطات دموية في تلك الشرايين.
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية المؤكدة، وخاصة أولئك الذين سبق أن أصيبوا بالفعل بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، هناك دليل قوي على أن تناول جرعة يومية منخفضة من الأسبرين يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بنوبة قلبية ثانية.
ويقول جاي إل مينتز، مدير قسم صحة القلب والأوعية الدموية وعلم الدهون في مستشفى ساندرا أطلس باس للقلب (Sandra Atlas Bass Heart Hospital) في نيويورك، "إذا كنت ضمن هذه المجموعة فلا تتوقف عن تناول الأسبرين يوميًا إلا إذا نصح طبيبك بذلك".
أما بالنسبة لكبار السن الذين يعد خطر تعرضهم للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية متوسطا، فإن استفادتهم من تناول الأسبرين يوميًا أقل وضوحًا.
والسبب هو أنه رغم أن العمر قد يزيد احتمال حدوث مشاكل في القلب يمكن منعها عن طريق استخدام الأسبرين يوميًا، فإن الأسبرين قد يزيد أيضًا من خطر حدوث نزيف داخلي.
وأظهرت 3 تجارب أجريت على فئات عشوائية من الناس نُشرت في عام 2018 استفادة ضئيلة للقلب من الاستخدام اليومي للأسبرين، وأظهرت زيادة في خطر حدوث نزيف داخلي لمستخدمي الدواء كوسيلة للوقاية.
وقد كانت تلك الدراسات سببا في تغيير جمعية القلب الأميركية والكلية الأميركية لأمراض القلب لتوصياتها في عام 2019 للبالغين فوق 70 عامًا المعرضين للإصابة بنزيف داخلي.
ماذا عن الحماية من السرطان؟
سبق أن أشار فريق عمل الخدمات الوقائية إلى أن تناول الأسبرين يوميًا قد يساعد في تقليل مخاطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم إضافة إلى الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، ولكن التوصيات الجديدة للفريق تقول إنه لا توجد أدلة كافية للجزم بأن تناول جرعة منخفضة من الأسبرين يقلل من مخاطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.