جائزة نوبل تعد أهم الجوائز السنوية التي تمنح حامليها شرفا وصيتا عالميا، منذ أن قام السويدي ألفريد نوبل باقرارها في وصيته الشهيرة التي وثقها بالنادي السويسري النرويجي عام 1895.
وقد منحت جائزة نوبل في علم الفيزيولوجيا أو الطب لهذا العام لثلاثة علماء اكتشفوا خلايا المخ التي تعمل مثل أجهزة تحديد المواقع "GPS"، كما حصل على الجائزة لعام 2014 أيضا ثلاثة علماء من اليابان في مجال الفيزياء لإسهامهم في ابتكار ضوء LED.
إلا أن هناك العديد من الاختراعات والاكتشافات المذهلة التي غيرت وجه البشرية في السنوات الأخيرة، ولم يحظ مخترعوها بشرف نيل الجائزة، ودفعت التكهنات حول أسماء الفائزين هذا العام الكثيرين للتفكير في أسباب عدم فوز أصحاب هذه الاختراعات بجائزة نوبل.
وهنا 5 من أهم هذه الاكتشافات والاختراعات التي لم تفز بجائزة نوبل:
بداية من ستينات القرن الماضي، ابتكر باحثون في الحكومة الفيدرالية الامريكية شبكات اتصال لربط أجهزة الكمبيوتر فيما بينها، التي كانت من الممكن أن تتطور إلى الإنترنت.
ولكن المطور الحقيقي والأب الروحي للشبكة كان عالم الكمبيوتر البريطاني "تيم بيرنرز لي"، الذي اقترح في عام 1989 فكرة شبكة الويب العالمية، وفي عام 1990 أنشأ أول موقع ويب في تاريخ البشرية.
يمكن القول أن هذه "الشبكة العنكبوتية" العالمية غيرت وجه البشرية تماما، ووفرت كمية هائلة من المعلومات لمليارات البشر، والمعلومات بالطبع قوة، كما كانت حجر الأساس لآلاف المشروعات الصغيرة والعملاقة، التي وفرت فرص عمل لملايين البشر.
ويمكن القول بكل ثقة أن السيد "تيم بيرنرز لي" يستحق شرف نيل هذه الجائزة عن جدارة.
الكثير من الناس يتساءلون لماذا لم تُمنح جائزة نوبل لواحد من أهم إنجازات العلم على الإطلاق، حيث تم الانتهاء من النسخة الأولية من مشروع الجينوم البشري في عام 2001.
وترجع أهمية هذا الموضوع، لا لأنه اكتشاف أو اختراع، وانما لكونه مشروعا هندسيا متكاملا.
والجينوم البشري Human genome، هو كامل المادة الوراثية، ويعرف اختصارا بـ الـ DNA، ويحتوي الجينوم البشري على ما بين 20 - 25 ألف جين موجودة في نواة الخلية البشرية ، مرتبة على هيئة ثلاثة وعشرين زوجاً من الكروموسومات.
وقبل ست سنوات من الانتهاء من مشروع الجينوم البشري، كان العالم "كريغ فنتر" وزملاؤه قد اكتشفوا أن تسلسل الحمض النووي DNA وتقنية تجميع الجينات عليه، يمكن استخدامهما معا لفك شفرة جينوم بكتريا Haemophilus، وبذلك كان يمكن اختيار مجموعة العمل لمنحهم جائزة نوبل، وخصوصا العالم "كريغ فنتر".
هذا ويتيح مشروع الجينوم البشري فوائد جمة للبشرية، يمكننا توقع بعضها، بينما سنفاجأ بالبعض الآخر، منها على سبيل المثال العلاج بالجينات وتطوير معالجات وأدوية جديدة.
في إحدى ليالي عام 1970، وبينما كان "ستيفن هوكينغ" يستعد للاستلقاء على السرير للخلود للنوم، أتته فكرة ملأته بما وصفه لاحقا بـ"لحظة النشوة".
حيث تبين له أن الثقوب السوداء، التي كان يفترض سابقا أنها خالدة أو سرمدية، تفقد كتلتها ببطء وتتبخر في نهاية المطاف، لتنفجر في ومضة من أشعة غاما.
وكانت المشكلة أنه لا توجد وسيلة للتحقق من الفكرة التي أتته، فالثقوب السوداء تعيش فترات طويلة جدا، تصل إلى ملايين السنين، ولا يمكن ملاحظة موتها في فترة حياته القصيرة.
والآن أصبحت بحوث هوكينغ حول الثقوب السوداء جزء لا يتجزأ من علوم الفيزياء النظرية، فهي توحد بين النسبية وميكانيكا الكم، كما حفّزت هذه البحوث إحراز تقدم كبير في نظرية المعلومات.
وربما كان "هوكينغ" مستحقا للفوز بجائزة نوبل، إذا ما كانت الطبيعة قد أكدت ملاحظاته، إلا أن ذلك سيحتاج قطعا لملايين السنين.
يُنسب المصباح الكهربائي للعالم "توماس أديسون"، بالرغم من أن أول براءة اختراع للمصباح كانت من نصيب العالم "جوزيف سوان" في المملكة المتحدة، ولكن أديسون كان أول من طبقه عمليا.
وكان لهذا الاختراع العظيم أكبر الاثر في تطوير الاقتصاد العالمي، وخلق طلب هائل للكهرباء، التي تشكل أحد أهم أسس حياة البشر اليوم.
وقد توفي أديسون عام 1931 بدون أن يحصل على جائزة نوبل، الأمر الذي يعد ظلما تاريخيا، فقد نصت وصية ألفريد نوبل على منح الجائزة للاختراعات وللمخترعين، الذين يساهمون في تغيير حياة الملايين من البشر، وقد فعلها أديسون.
في الوقت الذي كان يصنف فيه العلماء الميكروبات على أساس أشكالها، اكتشف العالم "كارل وويز" وسيلة رائدة لتصنيفها وتحديد العلاقات بين أنواعها عن طريق مقارنة جيناتها.
وقد أوضحت طريقته وجود أشكال غير معروفة مسبقا من أنماط الحياة، ألا وهي "Archaea المجهرية"، أو ما يعرف باسم العتائق، وهي مجموعة ميكروبات تختلف عن الجراثيم المعروفة من حيث التركيب الجزيئي.
وقد استخدم العلماء تقنيات العالم كارل وويز للوصول إلى وضع "كتالوج" الميكروبات التي تعيش في أجسامنا وتؤثر على صحتنا، ورسم آليات العلاقات التطورية بين الكائنات الكبيرة والصغيرة بمختلف أنواعها.
وبفضل "كارل وويز" امتدت شجرة الحياة أكثر لتضم جذوعا وأفرع جديدة، أضافها العلماء من بعده، حتى بعد أن توفي العالم الكبير عام 2012.
وبالرغم من أن جوائز نوبل لا يمكن منحها لشخص بعد وفاته، إلا أنه كان واحدا من أفضل الجديرين بها على الإطلاق، لإسهامه في كشف الشجرة التي تربط الكائنات الحية بأكملها.
المصدر : RT + "ناشيونال جيوغرافيك"