منذ صدور وعد بلفور المشؤوم ومروراً بالنكبة والنكسة ومن ثم الضم والقضم..لا زال المسجد الأقصى المبارك يئن تحت وطأة المؤامرة الصهيونية والاستعمارية ..بقي وحيدا حزيناً يواجه العاتيات..حيث تكسرت وحتى هذه الأثناء على أسواره أنياب الوحوش الضاريات ورغم عتمة الليل وحلكة الظلام المحيطة بالمكان المقدس والتي لم يقطع سوادها سوى قطرات من دماء الشهداء التي سالت في باحاته وبريق صواريخ الحسين العراقية والقسام الفلسطينية التي دكت أوكار الدبابير وأذرع الإخطبوط التي تلتف حول الأقصى وأكناف البيت المقدس..بقيت أسواره وأشجاره وحجارته تناطح وتقاوم رياح العنصرية المقيتة وأطماع الوحوش الضالة...
اليوم واستمراراً للممارسات الاحتلالية السابقة تسارع دولة الابرتهايد الخطى وتسابق الزمن في عدوانها على المسجد الأقصى ,وأضحى المستوطنين الحاقدون يقتحمون ساحاته وباحاته كل يوم يقودهم الإرهابي المتوحش نائب رئيس ما يسمى الكنيست الإسرائيلي موشيه فيغللن ,وبدعم وإسناد جنود الاحتلال المدججين بكل وسائل القتل والترهيب والذين يعتدون على المصلين والحراس والمرابطين على حماية المسجد الذين يذودون عن كرامة وشرف فلسطين والأمتين العربية والإسلامية ويتبرعون بدمائهم السخية فداء الأمة.
واليوم أيضاً لم يعد خافيا على أحد تلك النوايا الخبيثة والمبيتة للحركة الصهيونية وكيانها العنصري من خلال سلسلة الحملات اليومية والمسعورة والتي تستهدف فرض التقسيم ألزماني والمكاني في المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين توطئة للهدف الأعظم والمتمثل بنية المتطرفين (الوحوش الضالة) هدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه وبالتالي تهويد القدس وما حولها.
أمام هذه الحقائق وأمام هذا العدوان الوحشي السافر على الأقصى والقدس لم يعد مقبولا ًلدينا الاكتفاء بالشجب والاستنكار والادعية والدعاء وإحالة الموضوع للسلك الدبلوماسي يقدمه تارة لمكاتب البيت الأبيض وتارة لأروقة الأمم المتحدة وأخرى للكربة المثقوبة ما يسمى لجنة القدس وذاك الملك المنفوخ المسمى راعياً للمسجد الأقصى المبارك.
نعم نحن اليوم مطالبون بالتشمير عن السواعد السمراء قيادةً وشعباً وأجهزةً أمنية وقوات الأمن الوطني وأئمة مساجد وقديسين بهدف التصدي للمخطط الصهيوني الخبيث بحق الأقصى والقدس بصدورنا العارية وبكل ما نملك وبشتى الوسائل ,وكذلك العمل وبشكل دؤوب على تشكيل أوسع تحالف وطني وقومي وإسلامي بموازاة التحالف الدولي المعادي والذي تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل بمشاركة بعض الديكتاتوريات العربية والذي يستهدف أساسا الإمعان في تقسيم الأمة وشرذمتها وضرب قوى الثورة العربية وبالتالي عزل القضية الفلسطينية عن عمقها العربي الأصيل وإغراق المنطقة بحروب أهلية وطائفية تنفيذاً لأجندات استعمارية وصهيونية مغلفة بحجج واهية وتحت يافطة محاربة الإرهاب العربي الإسلامي في الوقت الذي مارست فيه الولايات المتحدة وإسرائيل أبشع صور الإرهاب الدولي المنظم بحق فلسطين والعراق وشعوب العالم قاطبةً.
اذاً وأخيرا لم يعد هناك متسع من الوقت لمزيد من الصبر والروية وانتظار نتائج العمل الدبلوماسي ..الأقصى في خطر ..القدس وفلسطين في خطر ..بل وأمتنا العربية ومستقبل أبنائنا وأجيالنا القادمة في خطر ..المفاوضات لم ولن تجدي نفعاً..والمخططات الأمريكية والصهيونية باتت واضحة وضوح الشمس ..لنعمل معاً وسوياً على وضع إستراتيجية جديدة تلائم المرحلة وتقوم على أساس فضح النوايا الاستعمارية للولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل ,وكذلك تعزيز الوحدة الوطنية والقومية والإسلامية ,وتشكيل أوسع تحالف وطني قومي إسلامي في مواجهة تلك المخططات المشبوهة وبكل الوسائل والإمكانات المشروعة والمتاحة وصولاً نحو أهداف امتنا السامية في الوحدة والتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية واستعادة كامل الحقوق العربية في فلسطين.
بقلم: ثائر حنني
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
تشرين الأول 14