الداخل المحتل - خـــاص صفا
نسجت المؤسسة الإسرائيلية خيوط الملاحقة لكل ما يتعلق بالهبات الشعبية والمظاهرات في الداخل المحتل عام 1948، خاصة مع تصاعد هذه الهبة وانتقالها للنقب المحتل منذ ما يزيد عن أسبوع، لتلاحق هذه المرة منظمي الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات.
وتأتي هذه الملاحقة في إطار مخطط كبح جماح الوجود الفلسطيني في الداخل، خاصة بعد صدمتها من الحراك النضالي فيه منذ مايو المنصرم وامتدادًا لليوم.
وبالتزامن مع الوقفات والمظاهرات التي شهدها الداخل مؤخرًا رفضًا للاعتقالات ومرورًا بإسناد ملف شهيد الهبة موسى حسونة ثم التضامن مع الأسرى المضربين والمرضى كأبو هواش وأبو حميد، وصولًا لتظاهرات التنديد بما يجري بالنقب، توجه هذه المؤسسة سهام استهدافها حاليًا لمنظمي هذه الفعاليات.
ومؤخرًا، استدعت شرطة الاحتلال العديد من الشبان والنشطاء العاملين في الحراكات بعدد من بلدات الداخل، للتحقيق معهم.
ومن بين الذين تم استدعائهم نشطاء الحراك النصراوي الفلسطيني الذي يقود نضال واسع ضد اعتداءات المستوطنين واليهود ومحاولات محو الهوية الفلسطينية في الناصرة.
اتهامات وقيود وحبس منزلي
ويقول عضو الحراك منهل حايك في تصريح لوكالة "صفا": إن شرطة الاحتلال استدعته للتحقيق في مقرها بالناصرة يوم السبت الماضي، واستمر التحقيق لمدة ساعتين.
ويضيف "خلال التحقيق صادروا هاتفي المحمول، وخرجت بعد أن تم فرض الحبس المنزلي لي خمسة أيام".
وعن التهمة التي وجهت له خلال التحقيق يفيد بأنها جاءت على خلفية تنظيم "مظاهرة غير قانونية" كما يدعون، نصرة للأسرى.
وكان الحراك نظم عدة وقفات في الناصرة تضامنًا مع الأسرى الإداريين وخاصة الأسير هشام أبو هواش، بساحة العذراء بالمدينة.
كما وجهت عناصر مخابرات الاحتلال تهمة "تهديد الأمن العام" لعدد من ناشطي الحراك.
ويشير حايك إلى أن معظم أعضاء الحراك تم استدعائهم وتحويلهم للحبس المنزلي، مضيفًا "هذا القرار لم يأت من مقرهم وإنما صدر عما يسمى لواء الشمال في شرطة الاحتلال، كما أبلغونا.
كما حققت شرطة الاحتلال مع أعضاء حراك "نشطاء من أجل الأسرى" على خلفية تنظيم وقفة تضامنية مع الأسير ناصر أبو حميد الذي يمكث في مستشفى الاحتلال بغيبوبة تامة منذ أكثر من أسبوعين، وتضامنًا مع النقب يوم السبت المنصرم.
وتجاوز عدد المعتقلين في الداخل والنقب منذ هبة مايو حتى اليوم الـ3 ألاف معتقل، تم تسريح عدد منهم، وفق إحصائيات غير نهائية.
استمرار رغم الملاحقة
وبالتزامن مع اعتقال ناشطي الحراك النصراوي الفلسطيني وتحويلهم للحبس المنزلي، أقيمت وقفة احتجاجية مساء الاثنين في ساحة عين العذراء في الناصرة، نصرة لأهالي النقب الذين يواجهون هجمة تجريف واستيطان شرسة منذ حوالي 3 أشهر.
إلا أن شرطة الاحتلال منعت ناشطي الحراك من التواصل مع بعضهم للتنسيق فيما بينهم لمدة أسبوعين، وبالرغم من هذه الإجراءات الاحتلالية شهدت المدينة الوقفة أمس.
وشملت العقوبات التي فرضها ما يسمى بقائد لواء الشمال بشرطة الاحتلال منع التصريح حول قضايا الأسرى والنقب سواء الصوتي أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما يؤكد حايك.
واستأنف محامون ضد قرار شرطة الاحتلال، ومن المنتظر أن يتم تحديد موعد جلسة للنظر في هذا الاستئناف.
الخوف من وتيرة المواجهات
ويؤكد المحامي خالد زبارقة أن المؤسسة الإسرائيلية أصبحت في حالة خوف شديد من تنامي الحراك الشعبي والهبات في الداخل عامة ومؤخرًا في النقب.
لذلك فإنها –كما يقول في حديث لوكالة "صفا"- نسجت خيوط الملاحقة لكل شيء عربي-فلسطيني، من حملة اعتقالات واقتحامات وملاحقة قيادات ومؤخرًا منظمي المسيرات والوقفات السلمية.
ويشير إلى أن "إسرائيل" أصبحت تهاب فلسطينيي الداخل وتعتبرهم عدوًا لها وتتعامل بكامل العنصرية معهم.
وكما يقول: "هي كشفت عن هذه الأنياب بعد هبة الكرامة بمايو، والتي شكلت لطمة لها، ولمشاريع الأسرلة التي حاولت تمريرها بينهم لسلخهم عن هويتهم الوطنية وقضية فلسطين".
ومن وجهة نظر مراقبين فإن ملاحقة النشطاء والاعتقالات لن تنجح في كبح جماح الهبة الشعبية في بلدات الداخل، بل إنها ستأتي بنتائج عكسية وستزيد من إصرار الجماهير الفلسطينية على المواجهة.
وتشهد أراضي الـ48 تصاعدًا في الانتفاضة الشعبية منذ هبة الكرامة بمايو المنصرم التي جاءت على خلفة العدوان على المسجد الأقصى والشيخ جراح والحرب على غزة، بالإضافة لاعتداءات المستوطنين على ممتلكات فلسطينيي الداخل بحماية من جيش وشرطة الاحتلال.
ومؤخرًا، صادق الكنيست الإسرائيلي على دخول جيش الاحتلال للمشاركة في فض المظاهرات في بلدات الداخل، وهو قرار غير مسبوق، اعتبره مراقبون وقيادات بالداخل بأنه بداية تطبيق فعلي للحكم العسكري بأراضي الـ48.
وأمام الأحداث المتسارعة وإجراءات الاحتلال ضد الفلسطينيين بالداخل يتوقع مسئولون إسرائيليون تصاعد وتيرة المواجهة في الداخل خلال الفترة المقبلة.