الرئيسية / الأخبار / فلسطين
ام هيثم..فلسطينية تتمسك بطابونها
تاريخ النشر: الأحد 19/10/2014 08:26
ام هيثم..فلسطينية تتمسك بطابونها
ام هيثم..فلسطينية تتمسك بطابونها

نابلس-أنوار نصر-"أن أفطر على خبز طابون صنعته يداي خير لي من خبز الدنيا كاملة" بهذه الكلمات بدأت الحاجة أم رائد حديثها في ساعات الصباح الباكر، تدخل باب الطابون الصغير وتتربع في زاوية منه وتبدأ يداها تتقلب رأساً على عقب وتلمح تراقص العجين بين أصابعها لتحيله خبزاً وتفوح رائحته من على بعد عدة أمتار .


لا يخفى على أحد أن الطابون تراثُ يكاد يختفي من بيننا نظراً للتطور التكنولوجي فاليوم لن تجد ربة بيت واحدة تهدر وقتها فيما كانت تفعله أمهات أمهاتنا قديماً، ولكن كبار السن تمسكوا بشيء من الأصالة وسيبقى الطابون ببقائهم وسيزول بزوالهم كذلك.


أم هيثم من قرية بيتا جنوب نابلس أبت إلا أن تصنع لنا فطوراً تتقدمه أرغفة خبز لم تبرد بعد وحدثتنا قائلة" الطابون مظهر من المظاهر التراثية الفلسطينية التي اعتز بها وأحافظ عليها أنا والقليل من الفلسطينيين، وخاصة من الجيل القديم".


وتضيف" اليوم اندثر والقليل من ربات البيوت من تقتني طابونا فقد استعضن عنه بأفران حديثة وخبز مدني الطراز وبذلك اختفت تلك التجمعات النسائية التي كنا ننتظرها أنا وجاراتي قديماً".
أم هيثم تأبى أن تترك هذه الهواية الجميلة رغم أن جيرانها يشتكون من رائحة الدخان ويطالبونها بإغلاقه ولكنها تعلم علم اليقين بأنها إن استغنت عنه تكون كالذي استغنى عن قطعة من روحه.

إن عدت بخيالك الحنون وأنت متوجهٌ للجامعة أو العمل و تفكر في أمك المسكينة اسأل نفسك سؤالا مهماً في أي عهد أنت؟ إنه القرن الواحد والعشرون لم يعد من عمل شاق، أمك الآن انتهت من المسح والطهي والغسل وأنت لم تصل إلى عملك الذي خرجت من اجله، بعد عودتك لن تجد خبز الطابون.
أمك لم تتذكر حتى تقليبه داخل الطابون فحرقته، لا ليس هذا ما حدث فالطابون لم يعد موجودا اختفى هذه هي الحقيقة!!

أما الحاجة أم سامح جارة أم رائد ( 80  عاما) التي وصلت إلى عمر فقدت به بصرها رغم ذلك ما زالت تحفظ جيدا طريقة صنع الطابون وهي تتحسر على زمن الطوابين قائلة : " كان رمزا لتراثنا وهويتنا التي بدأت تندثر مع مرور الزمن ، كنت اصنع الطوابين لأهل القرية والقرى المجاورة وكنا نجتمع حول الطابون ونسرد الحكايات ونتحدث عن أخبار الحارة والبلد، ونستخدمه لعدة أشياء منها طهي الطعام وتحميص الحبوب وللمشاوي مثل شوي البندورة والكوسا والبطاطا والباذنجان "

وتتابع الحاجة أم سامح كنت اصنع الطابون من تراب ابيض خاص ويخلط مع القش (التبن ) ثم ينقع لعدة أيام وبعدها أقوم بصناعته تدريجيا وعلى مراحل لمدة ثلاث أيام ويوضع تحت أشعة الشمس حتى يجف وكنا نغطيه بغطاء حديدي له مقبض، ثم نحفر له حفرة في الأرض بحجمه ويتم دفنه وكنا نضع فيه الحجارة الصغيرة نسميها (الرظف) ليبقى الطابون ساخنا ويعطي منظرا جميلا للرغيف ويحاط بغرفة صغيرة تبنى من الحجارة والطين ولها باب صغير .

وفي طريق عودتي من القرية إلى نابلس وأنا انتظر في الحافلة  صادفت شرهان أم خليل عائدة  إلى نابلس بعد عمل متعب، فاستطردت معها بالحديث حتى سألتها إن كانت تعرف الطابون أم لا فقالت " سمعت عنه  مرة من النساء الكبيرات بالسن اللواتي يمكثن للعلاج عندي في المستوصف ، ولسوء الحظ لم أتذوق طعم الخبز منه إلا مره واحده بسبب انشغالي بالعمل ومغادرتي للقيام بأعباء المنزل التي تنتظرني، والاهتمام بأطفالي الصغار فلا مجال عندي لأن أتعرف على كيفية عمله أكثر، حيث نحن كعائله نكتفي بشراء 2كيلو من الخبز (الكماج) يوميا وهذا يكفينا ولا استطيع ان ابذل المزيد من الجهد للعجين والخبيز.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المزيد من الصور
ام هيثم..فلسطينية تتمسك بطابونها
ام هيثم..فلسطينية تتمسك بطابونها
ام هيثم..فلسطينية تتمسك بطابونها
ام هيثم..فلسطينية تتمسك بطابونها
ام هيثم..فلسطينية تتمسك بطابونها
ام هيثم..فلسطينية تتمسك بطابونها
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017