كتب د. علي الاعور* : مرة اخرى تؤكد القدس على انها مركز الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لاعتبارات دينية وسياسية وفي كل الاتفاقيات السياسية الموقعة دوليا واقليميا كانت تحظى القدس بمكانة متميزة ودولية في تلك الاتفاقيات وقرارات الشرعية الدولية والامم المتحدة ومازالت القدس الشرقية تعتبر اقليم محتل من قبل اسرائيل دولة الاحتلال في تلك القرارات وكان اخرها فتوى محكمة لاهاي الدولية 2004.
وفي الاسبوع الماضي قام عضو الكنيست "ايتمار بن غفير الذي يمثل حزب الصهيونية الدينية المتطرفة ويحمل افكار كاهانا ،قام بفتح مكتبه البرلماني على مرأى من الشرطة الاسرائيلية و الحكومة الاسرائيلية في داخل احدى البيوت الفلسطينية المهددة بالاخلاء و الطرد .وتعتبر خطوة بن غفير خطوة نحو التصعيد وهدفها مزيدا من التصعيد على اعتبار ان الحكومة الاسرائيلية تمثل توجهات اليمين الاسرائيلي بقيادة نفتالي بينت وان كان نتنياهو قد تمكن في مايو من العام الماضي لجم بن غفير ومنعه من فتح مكتبه في الشيخ جراح نجد ان نفتالي بينت و الحكومة الحالية لا تحرك ساكن وكانها تدعم او تؤيد خطوات بن غفير مع العلم ان موجة التصعيد قد ازدادت بين الشباب و الاهالي الفلسطينيين من جهة وبين المستوطنين من جهة اخرى وكان الاجدر على الحكومة الاسرائيلية ان تمنع بن غفير من فتح مكتبه ومنع المستوطنين من التواجد في الشيخ جراح منعا للتصعيد .
يبدو ان الحكومة الاسرائيلية تتجاهل ما قامت به حماس في داخل القدس حيث تمكنت من الجولة السابقة في مايو 2021 من توسيع شعبيتها ومؤيدها ومناصريها في القدس وربما تتدحرج الكرة في القدس بسبب التصعيد في الشيخ جراح وهذا ما يقودنا الى المجهول الذي لا يتمناه احد وفي كل الاحوال لن تقف حماس و السلطة الفلسطينية مكتوفة الايدي امام التحديات في القدس و الشيخ جراح واعتقد ان اعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الجدد والذين تم تعيينهم بعد اجتماعات المجلس المركزي سوف يكونوا في موقف لا يحسدون عليه وبالتالي جزء من مهمتهم سوف يكون وقف التصعيد في الشيخ جراح ومنع طرد العائلات الفلسطينية من بيوتهم في الشيخ جراح بينما حركة حماس وحركة الجهاد الاسلامي مازالت تعلن تهديدها وان صبرها قد ينفذ جراء التصعيد في الشيخ جراح وبالتالي على الحكومة الاسرائيلية ان تتخذ مواقف رسمية وشجاعة في وقف خطوات بن غفير نحو التصعيد واغلاق مكتبه الذي افتتحه في احدى ساحات البيوت الفلسطينية وهنا لا بد من طرح السؤال التالي : هل الحكومة الاسرائيلية الحالية معنية بجولة عسكرية جديدة مع حركة حماس؟ وهل حركة حماس ايضا معنية بالرد على التصعيد من قبل المستوطنين تجاها اهالي القدس والشيخ جراح؟ ام ان اسرائيل وحماس لا ترغبان في التصعيد على اعتبار ان التوقيت غير غير مناسب وربما يتم تاجيل المواجهة الى وقت اخر؟ هل تنجح الامم المتحدة والولايات المتحدة الامريكية في وقف طرد العائلات ومنع اسرائيل من التصعيد تجاه سكان الشيخ جراح؟
ربما حركة حماس غير معنية في هذه الفترة من التصعيد والدخول في جولة جديدة على اعتبار ان الانفتاح و الانتعاش الاقتصادي في قطاع غزة جراء دخول الاف العمال و التجار الى اسرائيلي و تحريك السوق الفلسطينية وتخفيف الضغط الشعبي و الجماهيري على حركة حماس بالاضافة الى ادخال مواد البناء و البضائع الى قطاع غزة نحو اعادة الاعمار وفتح المصانع وورش البناء لخفض نسبة البطالة بين الشباب في قطاع غزة وعدم الاعتماد على الحقيبة القطرية او سلة الشؤون الاجتماعية التي مر عليها عام ولم يتم صرفها الى العائلات المستورة في قطاع غزة.
اما في الجانب الاسرائيلي فان اسرائيل ايضا غير معنية بالتصعيد على اعتبار انها تعيش شهر من العسل مع دول الخليج وبالتالي لا تريد حرب على قطاع غزة خوفا من التعاطف من قبل شعوب الخليج والشعوب العربية مع حركة حماس واشعال المنطقة من جديد نحو مزيدا من المظاهرات و الربيع العربي القادم. هذا من جهة ومن جهة اخرى اسرائيل لا ترغب في التصعيد خصوصا اننا على ابواب شهر رمضان وبالتالي للقدس مكانتها الدينية والمقدسة وخوفا من انتشار الفكر الجهادي والسلفي خلال شهر رمضان في داخل المدينة المقدسة.
واما بالنسبة الى الولايات المتحدة تالامريكية فهي لم تعد تهتم بالقضية الفلسطينية ولم تعد تهتم بالشيخ جراح حتى انها لم تتمكن من اعادة فتح القنصلية الامريكية في القدس لخدمة الفلسطينيين في القدس الشرقية والاراضي الفلسطينية المحتلة ولكن في نفس الوقت عند سقوط اول صاروخ على القدس سوف نجد انتوني بلينكن في المقاطعة لوقف الصواريخ وبالتالي على امريكا ان تعمل على وقف التصعيد في الشيخ جراح ووقف طرد العائلات الفلسطينية من الشيخ جراح.
واخيرا.. اعتقد ان تجاهل الحكومة الاسرائيلية ما يقوم بن بن غفير في الشيخ جراح هو فشل سياسي ويقود نحو مزيد من التصعيد وربما تتطور الامور وتتجه نحو الانزلاق الى جولة عسكرية جديدة مع حركة حماس وبالتالي انهيار الحكومة الاسرائيلية الحالية والذهاب الى انتخابات جديدة وعودة نتنياهو واليمين بشكل كامل الى الحكم في اسرائيل وهذا ما يسعى له المتطرف ايتمار بن غفير.
*باحث ومختص في العلاقات الاسرائيلية الفلسطينية
وكالة زطن للأنباء