في 27 فبراير/شباط 2012 بثت شاشات التلفزة حفلا نادرا في القصر الجمهوري بالعاصمة صنعاء، إذ سلّم علي عبد الله صالح السلطة رسميا لعبد ربه منصور هادي، وانطوت بذلك 33 عاما كان فيها صالح الرجل الأول، وبدأ نائبه الحكم.
صعد هادي للحكم إثر انتخابات رئاسية توافقية مثلت مخرجا لأزمة أعقبت ثورة فبراير/شباط 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبدت كاستفتاء؛ إذ كان هادي مرشحا وحيدا لمنصب الرئيس الانتقالي لعامين فقط.
ومنذ 10 أعوام أصبح هادي رئيسا لبلد متشظٍ يعيش حربا منذ 6 أعوام، ويشهد أسوأ أزمة إنسانية.
وفي أيامه الأولى فرض هادي قرارات جريئة مستندا للدعم الشعبي والإقليمي والدولي والمبادرة الخليجية، وبدأ بإعادة هيكلة الجيش، واستبعد رجال صالح، وعقد مؤتمر حوار وطني ضم فيه جميع المكونات السياسية والمجتمعية.
وبموازاة ذلك، اتهِم هادي بالتغاضي عن تقدم الحوثيين في الشمال، وكانت زيارته إلى مدينة عمران (شمال صنعاء) بعد سيطرة الحوثيين عليها وقتلهم حميد القشيبي أبرز القادة العسكريين، وتصريحه الشهير بأن المحافظة عادت لحضن الدولة، واحدا من الأحداث غير المفهومة لطريقة إدارته البلاد.
عقب انتهاء مؤتمر الحوار الوطني لم يتمكن هادي تسليم السلطة لرئيس منتخب بعد عامين من تعيينه كما كان مقررا، ثم اندلعت الحرب في البلاد مع سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، وغادر الرئيس متخفيا إلى عدن، ومع تصاعد الحرب واستهداف الحوثيين مقر إقامته في عدن غادر من جديد إلى العاصمة السعودية الرياض.
عقد انهيار اليمن
يقول الكاتب والباحث عادل دشيلة إن "10 سنوات من حكم هادي يمكن أن توصف بعقد انهيار الدولة اليمنية، إذ إن الدولة تفككت، وأُضعفت القوى الوطنية، وتمزقت بنية القبيلة، وأُفرزت كيانات بديلة للدولة".
ويوضح دشيلة للجزيرة نت أن الحل في اليمن يحتّم وجود قوى وطنية تفرض الأمر الواقع، وتنهي وجود الكيانات المسلحة، لكنه يرى أن ذلك لا يتوفر حتى اللحظة.
وخلال 7 أعوام، لم يعد هادي إلى اليمن رغم حديثه بأن حكومته تسيطر على النسبة الأكبر من البلاد، واقتصرت عودته على زيارات قليلة، آخرها في أبريل/نيسان 2019، حين عُقد اجتماع لمجلس النواب في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت (شرق اليمن)، ومنذ ذلك الحين لم يعد إلى البلاد.
ووفق مصدر حكومي فإن هادي يفضّل البقاء في الرياض ما دامت العاصمة المؤقتة عدن تحت سيطرة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، رغم أن اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والانتقالي نهاية 2019 قضى بعودة هادي إلى عدن حتى تؤدي الحكومة اليمين الدستورية أمامه، وهو ما جرى في الرياض.
بديل هادي
خلال الآونة الأخيرة تصاعد الحديث عن أن المجتمع الدولي والتحالف بقيادة السعودية يبحث عن بديل للرئيس هادي.
ووفق مصدر مطّلع فإن هادي يرفض الحديث عن أي مستجدات تتعلق بمنصبه الذي سبق أن كان على المحك عام 2016، حين دفعت الإمارات للإطاحة به وتعيين نائبه خالد بحاح بدلا منه، ما جعل هادي يستبق تلك الخطوة بتعيين علي محسن الأحمر نائبا له.
غير أن مستشارا للرئيس ينفي ذلك للجزيرة نت، ويقول "إن البحث عن بديل لهادي، وتشكيل مجلس رئاسي يظل حديثا في الإعلام فقط".
مضيفا أنه "لم تُعرض أي فكرة أو مشروع يقضي بتجاوز الرئيس هادي، على اعتبار أنه يمثل مشروعية للوضع الحالي، ومن الصعب جدا الإجماع على شخصية بديلة".
حل المشكلة
ويرى عادل الشجاع عضو الأمانة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام أن "البحث عن بديل لهادي لا بد أن يأتي عبر تنظيم انتخابات تعقب تخلي جميع الأطراف عن السلاح، وما عدا ذلك فإنها دعوة لاستمرار الحرب".
ويضيف الشجاع للجزيرة نت أن البحث عن بديل للرئيس هادي بالطريقة التي يُروَّج لها، "الهدف منها تصفية وتمزيق الشرعية الدستورية، وإعادة إنتاج الفشل، وتوسيع دائرة الصراع الداخلي".
ويقول الشجاع "على الأطراف الإقليمية والدولية إيقاف الحرب وتبني انتخابات تحت رقابة دولية، إذا كانت تريد مصلحة حقيقية لليمن".