مشروع لشخص واحد، أراد الحفاظ على الميراث الشركسي داخل أراضي عام 1948، فمنذ نعومة أظفاره وهو يجمع أدوات قديمة لها علاقة بتاريخ الشركس، الذين حافظوا على لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم، رغم السنين التي أبعدتهم عن موطنهم الأم القوقاز.
زهير تاوخو ابن قرية الشركس، أقام بمفرده متحف الشركس بقرية كفر كما بالجليل الأسفل، وسافر إلى مسقط رأس أجداده، وأحضر معه أدوات وملابس وسيوف شركسية يعرضها في متحفه، ويقدم من خلاله رواية هذا الشعب، ويسلط الضوء على تراثه العريق.
يقول تاوخو: "عندما كنت صغيرا كنت أحب الأدوات القديمة، وكان يلفت نظري بالأساس أشياء كانت جدتي تستخدمها، مثل أدوات المطبخ، وسرج الخيل، وفي سنوات الثمانينات كان الأهالي يرمون هذه الأدوات التي يعود تاريخها إلى الفترة القوقازية مثل السيوف والخناجر، التي كنت أراها بالبيوت والمتاحف".
ويضيف: "عام 2000 تقريبا أدركت أنه يجب إيجاد مكان للحفاظ على الأدوات القديمة ذات التراث الملموس".
ويتابع تاوخو: "عام 2007 قررت افتتاح متحف وأن أبحث عن كل ما يتعلق بالتراث الشركسي، سواء كان من خلال الشراء أو إقناع من لديه أدوات قديمة تتعلق بذلك التراث بالتبرع بها للمتحف".
أقيم المتحف الشركسي داخل أحد البيوت القديمة الذي بني أواخر القرن التاسع عشر، ويقع في وسط بلدة كفر كما، كانت تملكه جدة زهير، ثم جرى ترميمه وصيانته، قبل أن يُحول إلى متحف خاص بزهير وصديقه زكريا تاوخو، مع الاحتفاظ بخصائصه المعمارية التي ميزت المنازل الشركسية القديمة.
ويحتوي المتحف على كمٍ كبير وقيم من المعروضات القديمة جدا، تم جلبها من منطقة القوقاز قبل عشرات السنين، مثل أسلحه الفرسان الشراكسة، والملابس الحربية للمقاتلين، إضافة إلى المعدات والأدوات الحربية التي استخدمت في المعارك.
كما يضم أيضا الملابس الخاصة بالمرأة الشركسية وغيرها من المطرزات المزينة بالزخارف الذهبية والفضية المصنوعة يدويا، إضافة لوجود عدد من الآلات الموسيقية الشركسية التي كانت تجمع الشراكسة في أفراحهم وحروبهم وانتصاراتهم.
كما يضم المتحف المهد "السرير" الشركسي، وعكازا خاصا للأطفال، التي تعد من الأمور المثيرة للاهتمام، إلى جانب وجود مرشدين ليتحدثوا مع الزوار ويطلعوهم على التاريخ المجيد والمعلومات الدقيقة حول المعروضات الموجودة، إضافة إلى المحاضرات حول عادات الشركس وتقاليدهم.
"نجحت في بالحصول على معدات من القوقاز منذ الفترة البرونزية، عثر عليها هناك منذ آلاف السنين، كذلك حصلت على سرج نادر جدا، وبدأ حلمي يتحقق بجمع التراث الذي انتمي إليه" يضيف تاوخو.
ويشير إلى أن الشراكسة كانوا مقطوعين كليا عن بلادهم الأصلية، ولم يكن لهم علاقات مع الشركس في الشرق الأوسط، و"عندما كنا نشاهد في مهرجان جرش الأردني الرقصات الشركسية، كنا نقفز فرحا، وكما هو حال الفلسطينيين، أيضا الشراكسة انقطعوا عن أقربائهم في الأردن".
زهير تاوخو على اتصال دائم مع أصدقائه في وطنه الأم، ويحاول دائما العثور على مواد ومعدات تتعلق بالشركس لإحضارها إلى متحفه الوحيد المقام كما يسميه بالمهجر، مختتما حديثه: "نريد أن نبقي على تراثنا للأجيال القادمة، ولن ننسى موطننا الأصلي ولا عاداته وتقاليده".
_
المصدر: وفا.