لا تزال الجريمة المروعة التي ذهبت ضحيتها الصيدلانية المصرية مروة الشربيني، داخل المحكمة الألمانية على يد متطرف ألماني، في عام 2009، حادثا لا يمحى من ذاكرة الألمان، الذين لم ينسوا مشهد الغدر بضحية ذهبت للمحكمة لتشكو شخصا وجه لها اتهامات عنصرية بسبب الحجاب، فكانت النتيجة أن قتلها بـ18 طعنة في ساحة المحكمة، وأمام زوجها وطفلها الوحيد.
مروة الشربيني من مواليد 1977 في الإسكندرية، تخرجت في كلية الصيدلة عام 2000، ثم تزوجت وسافرت مع زوجها إلى ألمانيا لاستكمال الدراسات العليا في عام 2004.
تعود تفاصيل ما جرى إلى نحو شهر من تاريخ واقعة القتل، حين كانت مروة تتنزه مع طفلها في إحدى الحدائق العامة، وهناك تعرضت لاعتداء عنصري من المدعو أليكس فوينز، ناعتا إياها بالإرهابية ومحاولا نزع حجابها، وهو الأمر الذي دفع مروة لرفع دعوى قضائية ضده في المحكمة الألمانية، وصدر حكم لصالحها بتغريم المتهم 780 يورو.
وفي الأول من يوليو/تموز 2009، كانت جلسة الاستئناف على الحكم، التي رفعها المدعو أليكس رافضا الغرامة، وبعد إقرار المحكمة الغرامة، ثارت ثائرة القاتل، فسدد 18 طعنة قاتلة لمروة حتى فارقت الحياة، وأصيب زوجها كذلك بعدة طعنات، لكن تم إنقاذه.
أثار مقتل مروة الشربيني ردود فعل عالمية، وأطلق عليها "شهيدة الحجاب"، وطالبت مصر حينها بتدخل النيابة المصرية في التحقيقات الألمانية، ووصف السفير الألماني بالقاهرة برند أربل الحادث بأنه "كارثة لأسرتها، وعمل عنصري وكريه للغاية"، لكنه أكد كذلك أن الأمر لم يكن ضد الحجاب والإسلام، وأن من فعل ذلك مع مروة المحجبة، كان من الممكن أن يفعله مع شخص صيني أو آخر معاق.
وخرجت مظاهرات في أنحاء العالم تنديدا بالحادث، ورغم حماية قوات الأمن المصرية للسفارة الألمانية بالقاهرة، فإنها سمحت للمصريين الغاضبين لمقتل مروة بالتعبير عن الغضب الشعبي.
حكم بالسجن مدى الحياة كان في انتظار المتطرف الألماني أليكس دبليو فوينز، البالغ من العمر حينها 28 عاما، بعد 5 أشهر فقط من مقتل الشربيني، وقد أقرت المحكمة الحكم بالسجن مدى الحياة.
عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، كتب المحامي المصري خالد أبو بكر عن إطلاق الحكومة الألمانية اسم الشهيدة مروة الشربيني على حديقة المحكمة الألمانية تخليدا لذكراها.
واحتفت العديد من وسائل الإعلام المصرية بذكرى الشابة الراحلة، وعلقت وزيرة الهجرة المصرية السفيرة نبيلة مكرم على الحادثة، في بيان رسمي لها، معتبرة أن التسامح والمحبة هما السبيل الوحيد ليسود الأمن والأمان في العالم، وأن المصريين في الخارج من أكثر الشعوب قدرة على الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة، وقادرون دوما على نقل خبراتهم الإيجابية لكل العالم.
والطبيبة المصرية الراحلة مروة الشربيني كانت تعمل صيدلانية، وعاشت في مدينة بريمن الألمانية منذ عام 2005 وحتى 2008، قبل أن تنتقل لدريسدن، وتم اغتيالها على يد أليكس الروسي الأصل، الذي تمت محاولة الدفاع عنه بأنه مصاب بالذهان والاختلال العقلي، وهو ما لم يجدِ نفعا، وتم الحكم عليه بأقصى عقوبة ممكنة.
إطلاق اسم مروة الشربيني على حديقة المحكمة الألمانية العليا في دريسدن، لم يكن هو التخليد الوحيد لذكراها، فقد أُطلق اسمها سابقا على العديد من المنشآت الإسلامية حول أوروبا، وكذلك على المسجد الكبير في دريسدن الألمانية، وكذلك تم تخليد ذكراها على مركز مروة الشربيني للثقافة والتربية في نفس المدينة.