تُظهر سجلات البرلمان البريطاني، أنه في مثل هذا الوقت من العام الماضي، قام السيد ديفيد جيرارد، المقاول العقاري المتقاعد، والمتبرع دومًا بسخاء لحزب العمال البريطاني، بإعطاء 60 ألف جنيه إسترليني للحملة الانتخابية للحزب لعام 2015، يضاف إلى ذلك حوالي نصف مليون جنيه قام بالتبرع بهم منذ 2003.
وفي 16 يونيو من العام الجاري، استضاف جيرارد حدث “أصدقاء إسرائيل في حزب العمال”، الذي كان فيه زعيم حزب العمال إد ميليباند هو المتحدث الرئيسي.
وعلى الرغم من الفظائع التي تُرتكب بينما كان ميليباند يتحدث – على بعد عدة آلاف من الكيلومترات أثناء عملية الجرف الصامد في غزة، لم يأت على ذكر الضحايا الفلسطينيين ولو لمرة، رغم أنه لم يدخر وقتًا للحديث عن خسائر إسرائيل، في هذه اللحظة كان هناك أكثر من 172 شهيدًا فلسطينيًا وأكثر من 1200 جريح – آثر الرجل الصمت أمام داعمي حزبه.
وفي اليوم نفسه، كوفئ ذلك الصمت بسخاء، دفع جيرارد 630 ألف جنيه إسترليني لحسابات حزب العمال، بأكثر عشرة أضعاف مما تبرع به في العام الذي سبق.
كان ذلك تمامًا هو ما حدث مع ديفيد كاميرون في 2009، إلا أن كاميرون حينها لم يكن يسعى للمال، فقد كان قد اتخذ قراره بالترشح لرئاسة الوزراء.
حينها لم يتحدث كاميرون عن عملية “الرصاص المصبوب” التي كانت قد قتلت أكثر من 1370 فلسطينيًا، بكلمة واحدة!
إسرائيل ليست كمثل أي دولة أخرى بالنسبة لبريطانيا، لا توجد دولة تتدخل في الانتخابات بهذا الشكل سوى إسرائيل، وبهذا المال الذي تدفعه إسرائيل، تنتهي جرائم الحرب، وتتشوه ديمقراطيتنا التي حصلنا عليها بشق الأنفس من قبل بعض ذوي المصالح الأجانب.
في أبريل، حصل النائب آندرو بيرسي على 6000 جنيه من اللورد ستانلي فينك، مؤيد إسرائيل المعروف، وخلال النزاع الأخير، حضر بيرسي جلسة إحاطة عسكرية إسرائلية بشأن نظام القبة الحديدية، وصرح لاحقًا “إسرائيل تتصرف كما كنا سنفعل”، ردًا على تساؤل حول القتلى المدنيين بأعداد كبيرة والذين سقطوا في غزة.
بيرسي، مثل 80٪ من رفاقه، هو عضو في “أصدقاء إسرائيل من حزب المحافظين”.
في نفس اليوم، وُضع 3000 جنيه في حساب النائب عن حزب المحافظين بوب بلاكمان، الأموال جاءت من اللورد فينك، والنائب زار إسرائيل خلال عملية الجرف الصامد.
وبالإضافة إلى تبرعاته المذكورة سابقًا، تبرع فينك أيضًا بأكثر من 60 ألف إسترليني لحسابات حزب المحافظين، وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، يُقدر مجموع التبرعات التي قام بها لحزب المحافظين بأكثر من 3 مليون جنيه إسترليني.
اللورد فينك هو مؤيد قوي لإسرائيل، يشاطر وجهة نظر اللورد مايكل ليفي، مساعد توني بلير المقرب من زعماء إسرائيل، والذي خدم ابنه كمساعد لإيهود باراك، فينك أيضًا عضو في مجلس إدارة جمعية القيادة اليهودية.
في مارس، تسلم فرع آخر لحزب المحافظين 3000 جنيه إسترليني من مؤيد آخر لإسرائيل، السير مايكل هينزي، هينزي يتبرع بسخاء وهو قادر بتبرعاته على إسقاط بعض منافسي الحزب.
المحافظون لن يسعوا لمضايقة هينتزي، فقد تبرع الرجل على مدار العام الماضي بأكثر من 1.5 مليون جنيه استرليني.
مستشار وزير الخزانة تلقى حوالي 40 ألف جنيه في 2008 و2009 مباشرة من هينتزي، وكذلك حصل عمدة لندن بوريس جونسون، ووزيرة الداخلية تيريزا ماي، والنائب ديفيد ديفيز، والنائب ديفيد ويليتس على أموال سخية من هينتزي، أما أول سياسي يحصل على دعم هينتزي فقد كان الدكتور ليام فوكس، بـ10 آلاف إسترليني في يناير 2007.
لاحقًا صعد فوكس ليصبح وزير الدولة لشئون الدفاع، ولاحقًا أيضًا اُتهم بأنه سمح لصديقه المقرب آدم ويريتي، بدخول وزارة الدفاع وبالسفر في زيارات رسمية رغم كونه غير موظف في الحكومة.
آدم ويريتي كان إشبين فوكس في حفل زفافه، وتم تعيينه لاحقًا المدير التنفيذي لمنظمة جسر الأطلسي، وهي منظمة أخرى مؤيدة لإسرائيل، خدم هنتزي في مجلس إدارتها،
أحد رعاة جسر الأطلسي هو مايكل لويس، الرئيس السابق للمركز البريطاني الإسرائيلي للاتصالات والبحوث (بيكوم) BICOM.
بمراجعة سجلات مفوضية الانتخابات المستقلة لعام 2014، يبرز اسم مايكل لويس، في مارس حرر شيكًا بـ10 آلاف إسترليني لصالح ليام فوكس .. ومن سواه؟!
وفي السابق كان لويس قد دعم ويليام هيغ، الذي أصبح وزير الخارجية فيما بعد.
في تحقيق صحفي أجرته القناة الرابعة في بريطانيا عام 2009، تم الكشف عن أن “بيكوم” تم تمويلها بواسطة ملياردير فنلندي حقق والده ثروة عن طريق بيع السلاح لإسرائيل.
حاييم بوجو زابلودويتس، والذي يُعد رقم 57 بين أغنى البريطانيين، أسس “بيكوم” عام 2001 وأصبح هو رئيسها، الرجل أيضًا عضو في العديد من المؤسسات التي تدعم إسرائيل، أو المجتمع اليهودي في بريطانيا، وأيضًا مجلس القيادة اليهودية.
يحمل مجلس القيادة اليهودية على عاتقه عبء الدفاع عن قادة إسرائيل من الملاحقة القضائية العالمية، وهو مثال عظيم حول تأثير اللوبي الإسرائيلي في حماية إسرائيل من الملاحقة القانونية، وهو إشارة أخرى للقلق الذي يجب أن يشعر به الناخبون البريطانيون من حجم الأموال التي تُضخ.
وبعد إصدار مذكرة اعتقال ضد زعيمة المعارضة الإسرائيلية تسيبي ليفني، كتب المجلس على موقعه “لقد أرسلنا فورًا رأينا القانوني إلى الحكومة، وعارضنا الموقف وعملنا مع أصدقاء إسرائيل في حزبي المحافظين والعمال، لتغيير ذلك القانون”، وفي غضون أيام، أعلن غوردن براون عن تعهده بتغيير القانون في أقرب وقت ممكن.
حزب المحافظين كان قد وعد في دعاياته بتغيير القانون في حال انتخابه، وفي 2011 تم تغيير قوانين الولاية القضائية العالمية في المملكة المتحدة، والآن يجب على مذكرات الاعتقال أن تتطلب موافقة النائب العام قبل أن تصدر ضد مجرمي الحرب.
هذا تحديدًا ما أراده اللوبي الإسرائيلي في بريطانيا، فبدلاً من مواجهة الاعتقال عند زيارة المملكة المتحدة، يستطيع الآن الساسة الإسرائيليون وقادة الجيش ومجرمو الحرب الآخرون أن يطمئنوا، فذلك المدعي العام ليس سوى جيريمي رايت، وهو عضو آخر في نادي أصدقاء إسرائيل المحافظين.
آلاستير سلون- صحفي بريطاني.
ترجمة نون بوست