دعا الرئيس الأميركي، جو بايدن، اليوم الثلاثاء، الأميركيين، إلى التصويت في الانتخابات التشريعية المقبلة، بما يضمن الدفاع عن الحق "الأساسي" بالإجهاض، إذا شككت فيه المحكمة العليا للولايات المتحدة، فيما أكّدت المحكمة، أن المسوّدة المسرّبة "صحيحة"، لكنّها "غير نهائية".
تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات
وقال بايدن في بيان إنه إذا ألغت أعلى هيئة قضائية في البلاد السوابق القضائية التي ارتكز عليها الحق في الإجهاض في الولايات المتحدة منذ السبعينات كما ورد في وثيقة كشفها موقع "بوليتيكو"، فسيصبح "الأمر متروكًا للمسؤولين المنتخبين في بلدنا، على جميع المستويات لحماية حقوق المرأة".
وأضاف: "سيعود إلى الناخبين بذلك اختيار المرشحين الذين يؤيدون" الحق في الإجهاض في تشرين الثاني/ نوفمبر.
وتابع بايدن: "على المستوى الفدرالي، سنحتاج إلى المزيد من أعضاء مجلس الشيوخ المؤيدين للحقّ بالإجهاض ولأغلبية مؤيدة للحق بالإجهاض في مجلس النواب لاعتماد تشريع" يقنن الضمانات الحالية التي يبدو أن المحكمة العليا ستلغيها.
ووعد بايدن الذي يخشى حزبه هزيمة ساحقة في الانتخابات النصفية، بأن إدارته "ستكون جاهزة" للرد عندما يصدر قرار المحكمة العليا الذي طال انتظاره.
ولفت في بيانه إلى أن الرد سيكون "إداريًا" دون الإفصاح عن المزيد من التفاصيل.
وتأتي تصريحات بايدن، بعد ساعات من إعلان موقع "بوليتيكو"، أن المحكمة العليا الأميركية تعتزم إلغاء حق النساء في الإجهاض، حسبما أظهرت مسودة مسربة لمشروع قرار وافق عليه أعضاء المحكمة بالغالبية، ما من شأنه أن يطيح بالحماية الدستورية لهذا الحق الذي أقر قبل خمسين عاما تقريبا.
وصاغ القاضي سامويل آليتو نص المسودة التي لا تزال مدار نقاش داخل المحكمة التي يغلب عليها المحافظون منذ شباط/ فبراير. علما بأن تسريب مسودة قرار لا يزال قيد النقاش، يعد خرقا استثنائيا.
وتصف المسودة التي جاءت في 98 صفحة القرار التاريخي العائد لعام 1973 بناء على قضية "رو ضد ويد" والذي يكرس حق الإجهاض "خطأ فادحا منذ البداية". ويقول آليتو "نرى أنّه ينبغي إلغاء رو ضدّ ويد" في النص الذي اعتُبر "رأي المحكمة" ونشرته "بوليتيكو" على موقعها الإلكتروني.
ويضيف "حان الوقت للعودة إلى الدستور وإعادة مسألة الإجهاض إلى ممثلي الشعب المنتخبين". وفي قضية "رو ضد ويد" كرست أعلى محاكم البلاد حق الإجهاض في الدستور.
وفي قرار يعود لعام 1992 في ختام قضية "بلاند بيرنتهود ضد كيسي"، كفلت المحكمة حق المرأة في أن تنهي طوعًا حملها ما دام جنينها غير قادر على البقاء على قيد الحياة خارج رحمها، أي لغاية حوالي 22 إلى 24 أسبوعًا من بدء الحمل.
ويقول آليتو إن "الإجهاض يطرح مسألة أخلاقية عميقة" ويضيف "لا يحظر الدستور على مواطني كل ولاية تنظيم أو منع الإجهاض". ويتابع "الاستنتاج الذي لا مفر منه هو أن الحق في الإجهاض ليس متجذرا بعمق في تاريخ الأمة وتقاليدها".
وتتعرض حقوق الإنجاب في الولايات المتحدة للتهديد في الأشهر الأخيرة، في وقت تعمد ولايات يقودها جمهوريون إلى تشديد القيود فيما يسعى بعضها إلى حظر جميع عمليات الإجهاض بعد ستة أسابيع أي قبل أن تدرك الكثير من النساء أنهن حوامل.
وندد ديمقراطيون بارزون بمساعي المحكمة العليا لإبطال حق الإجهاض. وقالت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، وزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، في بيان مشترك: "إذا صح التقرير ستكون المحكمة العليا بصدد فرض أكبر قيود على الحقوق في الخمسين عامًا الماضية، ليس فقط على النساء ولكن على جميع الأميركيين".
وأضاف البيان أن "أصوات القضاة المعينين من جمهوريين لإلغاء قضية ‘رو ضد ويد‘ ستصبح أمرا مقيتا، إحدى أسوأ القرارات وأكثرها ضررا في التاريخ الحديث".
ويشن سياسيون يمينيون هجوما على حق الإجهاض، فيما يسعى ديمقراطيون يتقدمهم الرئيس، جو بايدن، إلى حماية الوصول إلى هذا الحق.
وفي كانون الأول/ ديسمبر وخلال مرافعات شفهية بشأن قانون في ميسيسيبي يحظر معظم عمليات الإجهاض بعد 15 أسبوعا، بدا أن الغالبية المحافظة في المحكمة العليا لا تميل فقط إلى دعم القانون إنما إلى إلغاء قانون "رو ضد ويد".
ومن المتوقع أن تصدر المحكمة المؤلفة من تسعة قضاة ويهيمن عليها المحافظون بواقع ستة في مقابل ثلاثة، بعد تعيين الرئيس السابق، دونالد ترامب، ثلاثة قضاة، قرارها بشأن قضية ميسيسيبي بحلول حزيران/ يونيو.
ونقلت "بوليتيكو" عن مصدر مطلع على مداولات المحكمة أن أربعة قضاة آخرين هم: كلارنس توماس ونيل غورستش وبريت كافانو وإيمي كوني باريت، صوتوا تأييدا لآليتو، معدّ أول مسودة للنص.
وقالت إن ثلاثة قضاة ليبراليين في المحكمة يحضرون اعتراضا ولم يعرف بعد كيف سيصوت القاضي جون روبرتس في نهاية المطاف.
وشددت "بوليتيكو" على أن الوثيقة التي حصلت عليها مسودة وبأن القضاء يغيرون أحيانا موقفهم قبل القرار الأخير.
وتجمع مئات الأشخاص بينهم مؤيدون لحق الإجهاض ومتظاهرون من الرأي الآخر ليل الإثنين أمام مقر المحكمة العليا. وهتف المؤيدون لخيار الإجهاض "جسمي، خياري".
وتسريب مسودة قرار فيما لا تزال القضية قيد النقاش أمر نادر الحدوث. وقالت "بوليتيكو" إنها المرة الأولى في التاريخ الحديث التي يتم فيها الكشف عن مسودة قرار علنا.
واعتبر نيل كاتيال الذي شغل منصب المحامي العام خلال عهد الرئيس باراك أوباما، في تغريدة على "تويتر" بأن تسريب الوثيقة "يعادل تسريب أوراق البنتاغون"، في إشارة إلى الوثائق المسربة حول تورط الولايات المتحدة في فيتنام.
وردا على سؤال بشأن المسودة، قالت متحدثة باسم المحكمة العليا إن "لا تعليق للمحكمة"
وقال معهد "غوتماكر"، مجموعة الأبحاث المؤيدة لخيار الإجهاض/ إن 26 ولاية "بالتأكيد أو من المرجح" أن تحظر الإجهاض في حال إلغاء قانون "رو ضد ويد".
أما الولايات الليبرالية التي تقرر القيام بذلك فإنها ستسمح قانونيا بالإجهاض حتى وإن ألغت المحكمة العليا قانون "رو ضد ويد".
وسارعت منظّمة "بلاند بارينتهود"، التي تدير عددًا من عيادات الإجهاض، إلى التنديد بهذه المسودّة.
وقالت في "تغريدة" على تويتر: "لنكن واضحين: هذه مسودّة أولية. إنّها شائنة وغير مسبوقة لكنّها ليست نهائية: الإجهاض لا يزال حقّك ولا يزال قانونيًا".