كتب الدكتور علام قادوس
تقول الحكمة الصينية " إذا كنت تخطط لعام أنثر بذرة وإذا كنت تخطط لعشر سنوات إزرع شجرة أما إذا كنت تخطط لمئة عام فعلم إنسان" السؤال الذي يراودني يا ترى أي نوع من التخطيط لدينا؟ هل التخطيط لعام أم لعشرة أعوام أم لمئة عام ؟ في الواقع وللأسف نحن لا نملك حتى أدنى درجات التخطيط والدليلل الحال التي وصلنا إليه. أيها الناس نحن نعيش أزمات على كل المستويات التربوية والإجتماعية والإقتصادية والأخلاقية ولا نحرك ساكنا لمواجهة هذه الأزمات وربما نغض الطرف عنها ونتجاهلها وكأنها في كوكب آخر. وهنا أود التركيز على الأزمة التربوية والأخلاقية التي نعاني منها وهي أن التعليم ليس بخير والأخلاق ليست بخير وهذا نتيجة عدم توفر التخطيط السليم للنهوض با التربية والتعليم في وطن رأس ماله الإنسان كان ولا زال.
الأزمة التربوية والأخلاقية التي نعاني منها معقدة ومركبة وليست وليدة لحظة بعينها أو سنة ما و إنما هي منذ عقود وخير ما يدل على ذلك هي الإحصائيات التي هي أساس التخطيط فمنذ عقود وأعداد الراغبين في التوجه نحو مهنة التعليم في تناقص وخاصة لدى الذكور وهذا كان يتكرر سنويا عامأً بعد عام . ولعل اختبار التوظيف الذي يعقد سنويا خير دليل على ذلك فمثلاً بلغ عدد المتقدمين في طلبات التوظيف للمنافسة على لإلتحاق بمهنة معلم في العام الحالي كان يزيد عن خمسين ألف متقدم 80 % منهم إناث وعند التقدم للإختبار كانت نسبة التغيب من الذكور أعلى بكثير منها لدى الإناث . ولم نر أحداً يحرك ساكناً لمواجهة هذه المشكلة حتى لم يتم طرح التساؤلات ولم تجر الدراسات والأبحاث الجادة لتشخيص هذه المشكلة وإيجاد الحلول لها .
مما سبق يتضح أن مهنة التعليم أصبحت غير مرغوبة بشكل مطلقا في المجتمع وهذا يدل على ضياع قيمة مهنة التعلم والتعليم على كل المستويين الأجتماعي والإقتصادي ، فما الفائدة من العلم والتعلم والتعليم إذا كانت بلا عائد على صاحبها . لذا يجب على كل المسؤولين وعلى كل المؤسسات الوقوف وقفة حق لإعادة الإعتبار لهذه المهنة ليس بالكلام والمديح العذري الذي لا يؤتي ثماراً وإنما برفع مستوى دخل العاملين فيها حتى يتسنى لهم العيش بكرامة وكذلك بإعادة الإحترام والتقدير لها في المجتمع .
أيها الناس التربية عندنا ليست بخير والأخلاق ليست بخير مهما جرى لها من عمليات تجميل فلا تصدقوا الصور والتسجيلات التي ترونها أو تأتيكم من هنا وهناك و من يريد أن يكون حكمه دقيقا عليه أن يذهب وقت انتهاء الدوام ويقف أمام أي مدرسة ويرقب كيفية خروج الطلاب من المدرسة إلى الشوارع والطرقات المحيطة ليرى حجم المأساة التي نعيش . قد يسأل سائل ما الحل برأيك ؟ الجواب يكمن بأننا بحاجة إلى منهاج تربية وأخلاق لكل أفراد المجتمع يصمم ويقدم للجميع ويعمم على كل المؤسسات التي لها علاقة بالتربية ؛ الأسرة والمدرسة والمسجد والجامعة ووسائل الإعلام ، كما فعلت أمريكا بعيد إطلاق الإتحاد السوفييتي لأول مركبة فضائية سنة 1957 مما أدى إلى جنون المؤسسات التعليمية والبحثية حيث تم العمل على وضع مشروع تطوير تعليم العلوم والرياضيات تحت عنوان علم لكل الأمريكيين.