الرئيسية / الأخبار / فلسطين
سعيد سقط قبل الاحتفال بملابس العيد وأم تحسين شهيدة المخيم وحارسته!
تاريخ النشر: الأحد 26/10/2014 14:28
سعيد سقط قبل الاحتفال بملابس العيد وأم تحسين شهيدة المخيم وحارسته!
سعيد سقط قبل الاحتفال بملابس العيد وأم تحسين شهيدة المخيم وحارسته!

 طوباس: جمعت الحلقة الثامنة عشرة من سلسلة "كواكب لا تغيب" لوزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية والاتحاد العام للمرأة بين حكاية الشهيد سعيد محمد خليل ( البرية)، الذي سقط برصاص الاحتلال في 28 آذار 1992، وقصة الشهيدة صبحية عبد الله أبو لبادة (أم تحسين)، حين قضت في 29 نيسان 2004 بعد استهداف منزلها بمخيم الفارعة بوابل من الغاز المدمع.

وأعاد الأربعيني مروان البرية إلى ألذهان اللحظات الأخيرة لشقيقه سعيد، يوم سقط في كمين نصبه جنود الاحتلال لشبان كانوا يستقلون سيارة في طريق زراعي قريب من الفارعة. يروي: كان أخي طويل القامة، ونحيف البشرة، وحنطي، وبشعر مجعد، وأحب المزاح والمرح كثيرًا. وخلال طفولتنا، كنا نلعب دائماً (الدقة والحاح)، وكرة القدم، والبنانير (الجلول). وفي أيام الشتاء الباردة، كان يذهب لإحضار الفحم من دار رسلان، ثم نشعل الكانون ونجلس لمتابعة المسلسلات البدوية الأردنية، وقصة هبوب الريح التي تحدثت عن مقاومة الاحتلال الإنجليزي. ورغم أن سعيد كان يكبرني بأربع سنوات، إلا أنه كان صديقي المُقرب.
مصيدة الموت
ووفق مروان، الذي تربط عائلته باسمها تيمنًا بقرية البرية المدمرة ( جنوب شرق مدينة الرملة)، فإن شقيقه الذي كان يعمل داخل الخط الأخضر في سوق للخضار، عاد قبل وقت قصير من نابلس، حين رافق زوجته وابنتيه لشراء ملابس العيد، التي لم يرها على طفلتيه، لكن ما أن مضت لحظات قصيرة، إلا ورافق ثلاثة من الشبان بسيارته، ليكتشف أربعتهم أنهم وقعوا في كمين للاحتلال، فوصلت له رصاصه اخترقت الظهر، وفتحت الرئتين، فيما استطاع رفيقه الهرب من تحت زخات الرصاص ومصيدة الموت، واعتقلوا  الشابين زياد وإياد برية.
يقول: حين سمعنا من أهالي المخيم أن الشاب المطارد سامي زهران  ركض لأكثر من 300 متر، ولم يصبه الرصاص، وضعنا أيدينا على قلوبنا، وبعد وقت قصير، قال لنا الجيران إن سعيد أصيب، بعد أن غرقت سيارته في الوحل على الطريق الترابي المجاور. ثم توجهت سيارة الإسعاف إلى المكان، وكان المسعف علي شاهين، وجاء بعد وقت قصير جارنا فتحي مسعد، وقال لي: أخوك استشهد.
شهيد في المعتقل!
نقل البرية إلى مستشفى المستشفى، وقبل أن يصل نابلس، اختطف جيش الاحتلال، وبقي عندهم  خمسة أيام، وأحضروا شيخًا من طوباس لدفنه بالليل، غير أن الأسرة رفضت، وهددوها بنقله إلى مقبرة الأرقام، وجرت مفاوضات مع الجنود، وسمح لعدد قليل من العائلة بالمشاركة في تشييعه.
يتابع: طلب منا شيخ المخيم أن نغسل أخي، لمضي عدة أيام على جرحه، واشترط الاحتلال منا أن يجري تغسيله في معتقل الفارعة العسكري، وطلبت أمي منا أن نحمل الماء من البيت؛ لأن مياههم نجسة، ولن تسمح لأحد منهم بوضعها على جثمانه.
كان سعيد مغرمًا بعالم السيارات، وحلم بإكمال بناء منزله، وبتأسيس مزرعة خاصة للدواجن لتعيش منها العائلة، وهي أحلام أكملها شقيقه مروان، الذي يتذكر حب أخيه لطبق المفتول كل أسبوع، وطلبه من والدته وصفية أن تكررها دائمًا.
إعدام بلا رصاص
بدوره، روى محمود أمين أبو لبادة التفاصيل الأخيرة المؤلمة التي شهدها مساء الخميس 29 نيسان 2004، حين أغلق الشبان الشارع الملاصق لمنزل العائلة ببعض الأدوات الكهربائية القديمة، لإعاقة اجتياح آليات الاحتلال للمخيم، التي طوقت منزلنا من جهتين، وبدأت تطلق قنابل الغاز السامة داخل البيت، ولم يكن غير زوجتي  الحاجة صبحية (55 عاماً) وأنا فيه، فشعرنا باختناق شديد، وصرنا نزحف على الأرض، نحو الباب الخارجي، وعندما نجحت في فتحه، سمع الجنود الصوت، أطلقوا قنبلتين علينا مباشرة، فازداد اختناقنا.
ووفق أبو لبادة، فإنه اتصل في اللحظات الأولى لرمي جنود الاحتلال القنابل على بيته بالإسعاف، غير أن الجنود أعاقوا وصولها، فحاول سائقها اجتياز طريق بديل أطول، وما أن وصلهم بعد عدة محاولات وإعاقة، نقلا إلى عيادة المخيم، ثم إلى مستوصف بطوباس. ومما لا ينساه أبو تحسين كلمات الأطباء عن خطورة حال الزوجة الصحي، وإنها إن استطاعت الصمود خمسة دقائق أخيرة، واستفراغ ما شربته سيكتب الله لها عمرًا جديدًا.
يوالي: قلت للطبيب إننا لم نشرب شيئًا، ثم قرروا نقلنا إلى الرازي في جنين، وقدموا لي الإسعاف، وفصلوني عن زوجتي، وحين استيقظت، أجلسوني بعيدًا عنها، ومنعوني من الدخول إلى غرفتها. وحين كنت أسألهم عنها، كانوا لا يردون. ورحت اشرح لهم أوضع منع التجول، وضرورة العودة إلى الفارعة قبل الغروب، إلى أن جاء أحد الأطباء، وسمعته يقول لزميلة: ( أنتم لم تخبروه بعد!)، وبعد وقت قصير، شاهدتهم يخرجون جثة إلى الثلاجة، وعندها تيقنت بأن زوجتي قد رحلت عن الدنيا، وقد وجدت نفسي بعد إغماء، في منزل شقيقتي أم حاتم، وكان الليل يقترب من نهايته، فسألت عن أم تحسين، وعن سبب وجودي في غير بيتي، فلم يردوا عليّ، وبعد وقت قصير علمت باستشهادها.
ذكريات وحجارة
ومما لا يسقط من ذاكرة أبو لبادة، عن رفيقة دربه، وابنه عمه، التي ولدت في الفارعة عام 1952، أنها كانت لا تخشى شيئاً، وصاحبة فطنة، وحس وطني كبير. وبحكم وجود منزلها في (حارة المواجهة)، كانت تشارك في فعاليات الانتفاضة، وفتح أبواب بيتها لمساعدة الشباب، وتأمين المأوى للمطاردين، وإعداد الطعام لنشطاء الحجارة.
يقول: منذ بدايات الانتفاضة اعتقل الاحتلال أولادنا تحسين وأمين ومحمد، وصرنا نتعذب في الزيارات، حيث توزعوا على النقب وعتليت، وسجن جنين المركزي، وكان أمين صاحب البطاقة الخضراء الأولى ( الهوية التي كان الاحتلال يصدرها للأسرى المحررين عوضاً عن البطاقة برتقالية اللون؛ لإعاقة حركتهم)، وغالباً ما كان الجيش يقتحم بيتنا.
يوالي: كانت أم تحسين تحمي الشبان، وتمنع جنود الاحتلال من اعتقالهم، وتبنت الكثير من الأسرى الذين لم يستطع أهلهم من زياراتهم في سجن الفارعة، وتعد لهم الطعام، وتتواصل معهم، وحين يفرج الاحتلال عن الشبان، كنا تفتح بيتها لهم، وكانت توفر لهم الطعام والمبيت، وبقينا على تواصل معهم ومع أسرهم في محافظات طولكرم والخليل ونابلس.
وبحسب ما يستجمعه السبعيني أبو لبادة، فإن زوجته أخفت عنه طريق حماية أحد الشبان المطاردين من بلدة طمون المجاورة، حين وفرت له ثيابًا غير التي كان يلاحقه بها الجنود، ولم يكتشف أمرها، إلا بعد أكثر من 20 سنة، حين وجد الملابس في جوف إناء من الفخار مخصص للأزهار، كسر بالصدفة، بعد استشهادها.
شجاعة
يسترد: لا أنسى اليوم الذي كنا فيه نعالج أبننا أمين في المستشفى الوطني بنابلس، وحين استولى جنود الوحدات الخاصة (المستعربون) على سيارتنا الخاصة ذات السبعة ركاب، ذهبت إلى مخيم العين المجاور، وأعطت الشبان مواصفات المركبة، وطلبت منهم تكسيرها على من فيها، وفعلوا.
يفيد: كانت زوجتي تأخذ دور الأم للعديد من جرحى المخيم، وحين تذهب إلى المستشفى لمرافقتهم، كانت توقع على قرار إجراء العمليات الجراحية لهم، أو إخراجهم المبكر منه على مسؤوليتها. فيما تعرضت لاعتداء مرات عددية بالهراوات من قبل الجنود.
واستنادًا إلى أبو لبادة، فإن زوجته أصرت حين اعتقل الاحتلال أولادهم الثلاثة حفاة الأقدام على تلبيسهم للأحذية، وجابهت الجنود، وجنن جنونها بعد أن رأت الدماء تسيل من أقدامهم، وهم يجبرون على المشي فوق الزجاج المحطم في أزقة المخيم.
تأريخ
بدوره، ذكر منسق وزارة الإعلام في طوباس عبد الباسط خلف، أن سلسلة "كواكب لا تغيب" تسعى بالشراكة مع التجمع الوطني لأسر الشهداء إلى جمع قصص شهداء الحرية في إصدار مطبوع خاص، يتعمق في سرد حكاياتهم الإنسانية وأحلامهم ولحظات رحيلهم.

mildin og amning graviditetogvit.site mildin virker ikke
المزيد من الصور
سعيد سقط قبل الاحتفال بملابس العيد وأم تحسين شهيدة المخيم وحارسته!
سعيد سقط قبل الاحتفال بملابس العيد وأم تحسين شهيدة المخيم وحارسته!
سعيد سقط قبل الاحتفال بملابس العيد وأم تحسين شهيدة المخيم وحارسته!
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017