memantin iskustva memantin alzheimer memantin wikipedia"> قراءة في انتخابات تونس - أصداء memantin iskustva memantin alzheimer memantin wikipedia">
الرئيسية / مقالات
قراءة في انتخابات تونس
تاريخ النشر: الأربعاء 29/10/2014 09:12
 قراءة في انتخابات تونس
قراءة في انتخابات تونس

 خالد معالي

تابع العالم اجمع؛ باهتمام بالغ جدا الانتخابات التونسية؛ كونها جرت وسط حقل ألغام متفجر، وكونها ذات انعكاسات وارتدادات ستضرب في  جميع الاتجاهات؛ حيث أثبتت تونس انها ما زالت بخير وتتألق، ونجحت في عرسها الديمقراطي؛ وبات ينظر إليها الإنسان العربي الحر والشريف؛ باحترام وتقدير ونموذج يقتدى به؛ بدل الحروب والدمار والقتل كما في سوريا والعراق ومصر واليمن؛ ومرشح المزيد من الحروب الأهلية المدمرة في العالم العربي؛ في ظل الأحقاد وتعميق زراعة الكراهية والتشويه الحاصل، والتدخلات والضغوط الخارجية التي لا تنتهي.

تراجعت نسبة مقاعد حركة النهضة الإسلامية؛ من 89 مقعداً في انتخابات عام 2011م؛ وباتت تحتل المرتبة الثانية بين الأحزاب الفائزة، فأصبحت تحتل  69قعداً في مجلس النواب الجديد من بين 217 مقعداً؛ وحصلت حركة نداء تونس على نسبة (38,71%) بزعامة الباجي قائد السبسي؛ فيما حصلت حركة النهضة  (31,79%) بزعامة الشيخ راشد الغنوشي.

1300 قائمة حزبية وائتلافية ومستقلة اختارت أن تتنافس على 217 مقعداً لمجلس النواب المقبل في تونس، تتوزع على 33 دائرة انتخابية، 6 منها للتونسيين المقيمين بالخارج، والمرشحون تنافسوا بدورهم على 5,3 مليون ناخب من أصل 10,8 مليون تونسي هم كل سكان البلاد؛ وهذه أرقام تشير إلى تجربة رائدة وحقيقة في الانتخابات.

تجربة تونس تقوم على المشاركة لا المغالبة؛ وهو ما ميزها عن تجارب دول عربية محيطة؛ ومن المرجح تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل أطياف العمل السياسي؛ وهو ما يعني الشراكة الحقيقية في إدارة الوطن؛ دون تعطيل لأي طاقة حزبية أخرى؛ فالحرية أساس الانطلاق والتقدم والحضارة؛ وبدونها يكون الخراب والدمار والحروب.

كيف تجنبت تونس الثورة المضادة كما حصل في مصر؛ ونجحت في تخطيها؟ انه وعي النخبة السياسية مع كل ما كان بينها من خلافات ومرارات؛ حيث لم تتخل عن الحوار فيما بينها طول الوقت، ولذلك نجحت في تجنيب الثورة القتل والفتن؛ ولا ننسى عدم تدخل قوة الجيش في السياسة بعكس مصر، ووعي حركة النهضة المتميز.

الانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت يوم الأحد 26/10 انتصرت فيها الديمقراطية؛  وحرية الاختيار والإرادة؛ فالشعب التونسي اختار ممثليه بحرية وشفافية، وقد شاءت المقادير أن تنطلق أجواء التغيير  العربي من تونس، وألا يبقى لها أثر ظاهر بعد مضي نحو أربع سنوات إلا في تونس؛ وهذا لا يعني أنها انتهت في بقية البلدان؛ بل أنها تراجعت مؤقتا لتتقدم لاحقا.

صحيح أن لكل دولة ظروفها الخاصة؛ وما ميز التجربة التونسية أن الخريطة السياسية التي خرجت بها الانتخابات كانت بإرادة حرة؛  ولم يرسمها أو يفرضها أحد من الخارج، ولكن الشارع التونسي هو الذي قررها، وهي جولة من جولات متتالية؛ فقد سبق وان فازت حركة النهضة جولة سابقا؛ وألان هي تخسر جولة، وغدا قد تربح جولة.

اهتم العالم العربي والغربي بانتخابات تونس؛ كونها تأتي في ظل حروب وفتن عمياء طاحنة داخل الدول العربية، فيما يتم الصراع على الكرسي في  تونس بدون دماء وسجون وقتل؛ وهو ما يعتبر نموذجا يحتذى به.

ستحاول دول الخليج النفطية استمالة السبسي؛ وهو ما تجلى بدعوته لزيارة أبو ظبي؛ ولكن نتوقع عدم استجابة السبسي لحظر النهضة على غرار مصر؛ لان التجربة التونسية  من الصعب قتل انجازها ونموذجها تحت إغراء ملايين الدولارات؛ ولان تونس نجحت في  تخطي الثورة المضادة وليس  من السهل جرها إليها.

هناك كلام غير علمي لتحليل نتائج الانتخابات التونسية؛ بالقول بان الإسلاميين خسروا؛ فهي جولة من جولات متتالية؛ وأفضل في ظل التقلبات غير معروفة العواقب التنحي جانبا؛ وترقب ما بعد نهاية الزلزال. 

تميزت حركة النهضة بأنها تقبلت النتائج وباركت للسبسي؛ ولا اتهامات بالتزوير؛ وليس انتخابات لمرة واحدة، ولا خوف من انقلاب، وعلى النهضة اخذ الدروس والعبر من التراجع المؤقت، وشحذ الهمم للفوز بالجولة القادمة.

ما الذي يقلق الغرب وحكام العرب من التجربة التونسية؟ ينبع قلقهم من الخشية بتعميم التجربة التونسية على بقية الدول العربية وخاصة النفطية منها؛ وبالتالي اختيار الشعوب العربية من يمثلهم بحق وصدق؛ ووقف هيمنة وسرقة الغرب  على النفظ وخيرات العرب.

مخاوف الدول الغربية من مواصلة نجاح التجربة التونسية؛ وتعميما في محله، بالنسبة لهم؛ فبديلها هو حرب وفتن داخلية عربية تحصد الأخضر واليابس كما يجري في  كل من العراق وسوريا واليمن، ومصر مرشحة أيضا أن ظل الحال على ما هو عليه من قمع للحريات وامتلاء السجون بالمعارضين، فالمنطقة العربية على كف  عفريت، وفوق برميل بارود؛ والدول الغربية تريد بيع سلاحها، ومواصلة اقتتال العرب وسرقة خيراتهم.

دولة الاحتلال تتفاخر الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ولكن ها هي التجربة التونسية الرائدة تتم بنجاح وعرس، وتبطل مقولات ومزاعم دولة الاحتلال، والمطلوب المزيد من الأعراس الديمقراطية في الوطن العربي؛ بدل القتل والفتن والحروب والدمار.

 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017