mildin og amning mildin creme mildin virker ikke"> 80 سنة مع القرآن الحاج إسماعيل دوله رجل لن يكرره الزمن - أصداء mildin og amning mildin creme mildin virker ikke">
الرئيسية / الأخبار / فلسطين
80 سنة مع القرآن الحاج إسماعيل دوله رجل لن يكرره الزمن
تاريخ النشر: الأربعاء 29/10/2014 22:22
80 سنة مع القرآن  الحاج إسماعيل دوله رجل لن يكرره الزمن
80 سنة مع القرآن الحاج إسماعيل دوله رجل لن يكرره الزمن

 إعداد: حياة دوابشة ووفاء ابعيرات

تصعد سيارة التاكسي متجهاً للجبل الشمالي في مدينة نابلس، يضحك منك سائق التاكسي حين لا تستطيع أن تخبره بالمكان الذي ستقصده، يوصلك على الرحب والسعة وتبدأ قصة فيها من الرضى والإيمان ما إن وزع على أهل الأرض لكفاهم، بيت يتربع على قمة في الجبل الشمالي، تستوقفنا شقة تتقدمها لافتة تشير لبيت شخص يدعى مصطفى دوله ونحن نريد بيت أبيه، تطل علينا إمرأة بوجه بشوش .

الحاج إسماعيل دوله، من مواليد مدينة يافا العريقة ،ثمانون عاماً سطرها  بإنجازات إيمانية بحتة، اليوم وإن دخلت عليه غرفته ستجده ممدداً على سريره، تحيط به صور لأبنائه المغتربين غربة سفر وغربة وطن، وصور له ولزوجته الجميلة وهم في ريعان شبابهم.

إسماعيل رهين غرفة مليئة بالذكريات إن حاولت محادثته فلن يجيبك إلا بصوت خافت، تحس من وجهه بأنه مرهق ومتعب ولكنه بعكس ذلك رجل غدره الزمن ولعب معه لعبة القط والفأر.

لا يذكر الوطن ولا يذكر رائحة يافا، خرج منها أهله  في العام 1948 قسراً، رمى أهله ورائهم وطناً عزيزاً، وكبر إسماعيل ليهديه صوتاً عذباً، فقد عاد لتراب يافا ولمدينة عكا، وتلى في مساجدها آيات عطرة، وصدح صوته في سماعات المساجد في الداخل المحتل، زار سلفيت، زار كل مدن الضفة، لمس أهلها بقلبه الطيب وصوته الحنون، استدعاه الناس ليسمعوا صوته في كل أنحاء المعمورة وفي كل مرة كان يلبي النداء فرحاً وفخوراً.

 

 ابتلاء  على قدر المحبة

تنقل إسماعيل وزوجته في كل مكان، عاشوا فترة في مخيم بلاطة وكم كانت حياتهم صعبة هناك ، انتقلوا إلى البلدة القديمة في شارع الأنبياء، وعاصروا فترة الإنتفاضة وكل ما يتذكروه ألمٌ ألمَ ب6 من أبنائهم، زاروا الأسر مراراً وتكراراً حتى لم يعد بيد الوالد والوالدة أن يثقوا بأحد فالكل يعلم بالعيون الحاقدة التي كانت إسرائيل وما زالت تنشرها في كل زاوية وفي كل حي، أحمد على سبيل المثال لا يزال يقبع في سجون الإحتلال يتجرع العذاب وكذا يفعل أولاده.

تأخذ الحاجة منى زمام الأمور لتتحدث بدلاً من زوجها "لم تترك الحياة زوجي وشأنه" تتوقف لتتمتم بكلام نفهم بأنه دعاء يثير في نفسها الصبر، وبين كل كلمة وكلمة لا تفارق الحمد لله لسانها،تروي" تعرض زوجي لحادث مأساوي فقد اشتعلت به السيارة التي عاشت معه عمراً طويلاً فهو يعمل كسائق أجرة،  كان هذا قبل 12 سنة وحدث أن زلت قدمه أكثر من مرة من مكان مرتفع وأصيب بيده بخلع أوقفها مدة طويلة عن الحركة".

لاحقاً أصيب بجلطة على لسانه ودماغه أفقدته القدرة على الكلام، وذهب ذلك الصوت القرآني أدراج الرياح كل ما يتبقى أشرطة إذاعية لماض يبدو الآن مؤلماً، صحيح أن القرآن لا يغادر يده ولكن تلك النظرة التي ترتسم على وجهه عندما يأخذه ابناؤه على كرسيه المتحرك لأحد المساجد القريبة، تلك النظرة تبدد الألم الذي يتربع في ثنايا وجهه الكهل فمعارفه كثيرة وصوته كان السبيل إلى قلوب الناس.

لا يخرج من بيته إلا للمسجد، لا يذهب لبيت الجيران، لا يرى أحداً سوى من نافذة صغيرة تتربع وسط حائط الغرفة الجنوبي، نافذة تختصر عليه رحلات اشتاق لها، يشتاق أن يذهب لعكا يقرأ فتخشع القلوب، ويشتاق لمساجد يافا وطنه المنسي، يشتاق حتى لوظيفته خلف مقود السيارة، يشتاق لأيام بطولاته الدينية يشتاق لكل شيء عدا ما هو عليه الآن، ومع ذلك لا تلبث تلك الكلمات الطيبة أن تخرج من فمه بصعوبة بالغة، فيقول بصوت غير مسموع: الحمد لله تقرأها على شفتاه، وتقرأها في وجهه الغض الكهل.

نتصوره بعد جلسة طويلة أنه كان يوماً يتنقل من مدينة لمدينة، تستقر زوجته على المقعد بجانبه ويجلس الأولاد بالخلف، ويبدأ مشوار من مدينة لمدينة، يدخل مسجداً فتجلس زوجته وأولاده في أحد الزوايا، ويبدأ صمت يطغى على المكان، حشود جاءت لتسمع صوتاً ترتيلياً ينهي قراءته للقرآن ويبدأ صوت الحضور بقول كلمة وحيدة يتيمة "ما شاء الله".

تلمح في قصة هذا الشيخ الكهل درراً مخفية، عاش وعانى الكثير، تغرب عن وطن جميل، فقد أغلى ما يملك، صوتاً حنون، فقد بيت أهله بيافا وبرتقالها الشهير، فقد الكثير وتمدد على سرير سيمكث عليه زمناً طويلاً، سيصبر صبر أيوب وهو يرى نفسه غير قادر على قراءة القرآن الكريم،قرآن رافقه 80 سنة وحفظه غيباً، وهو الشيء الوحيد الذي يحبه ويشتاقه.

نخرج من بيتٍ إيماني، ترافقنا على الدرجات دعوات من الحاجة منى، فزوجها لم يملك سوى أن يقول لنا "سلام" وهي ودعتنا بقطعة حلوى لن نسسى طعمها،  وبمنظر للجبل الشمالي لم نره مسبقاً، نخرج بأجسادنا من البيت لكن أرواحنا تعلقت بتلك العائلة الراضية بقدر الله.

لحظات ونصل لشارع، يدعونا فيه حاج لكي نتناول الغداء، نشكره وعيوننا للوراء ترنو للعائلة الطيبة، ونحمل على عاتقنا صياغة قصة لكهل لم ولن ننسى شكله ومعاناته.

المزيد من الصور
80 سنة مع القرآن  الحاج إسماعيل دوله رجل لن يكرره الزمن
80 سنة مع القرآن  الحاج إسماعيل دوله رجل لن يكرره الزمن
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017