الرئيسية / منوعات / تكنولوجيا
هل تبطش حرب السايبر بـ "إسرائيل"؟
تاريخ النشر: السبت 06/05/2023 14:05
هل تبطش حرب السايبر بـ "إسرائيل"؟
هل تبطش حرب السايبر بـ "إسرائيل"؟

رام الله / غزة – وكالة سند للأنباء
"هل العتمة جميلة يا إسرائيل؟ مهاجمة الكهرباء كان لمجرد التسلية" هذا ما نشرته مجموعة "أنونيموس السودان" في تطبيق "تلجرام"، عقب هجوم سيبراني استهدف شركة الكهرباء الإسرائيلية الخميس 27 نيسان/ أبريل الماضي، وتسبب في قطع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة في "إسرائيل" أبرزها مدينة تل أبيب.

قبلها بيوم واحد، تم اختراق حساب رئيس حكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ونشر كلمات باللغة الفارسية، إضافة إلى تسريب ملف يحتوي على 200 ألف سجل، تتضمن أسماء وبطاقات الهوية، والعناوين للمستوطنين في "إسرائيل"، عدا عن عشرات الهجمات السيبرانية التي تعرضت لها "إسرائيل" منذ بداية نيسان وحتى اليوم.

واستهدفت الهجمات الأخيرة منظومة "القبة الحديدية" أثناء إطلاق صواريخ من غزة، والموقع الإلكتروني لشركة "evigilo" المتخصصة في تشغيل الإنذارات، وموقع "iwi" المتخصصة في تصنيع الأسلحة.

إقرأ أيضاً
الاحتلال يعترف بفشل "القبة الحديدية" باعتراض صواريخ غزة قبل يومين
موقع "تيك مونيتور" أشار مؤخرًا، إلى أنّ محاولات الهجوم السيبراني ضد الاحتلال الإسرائيلي قفزت بنسبة 137%، في حين حدد جيش الاحتلال زيادة بنسبة 70% في "النشاط العدائي السيبراني" في السنوات الأخيرة.

على ضوء ما تقدّم تستعرض لكم "وكالة سند للأنباء" في هذه المادة، عبر قراءة تاريخية وتحليلية حول دلالات هذه الهجمات، ودوافع منفذيها، ومدى تأثيرها، وكيف سيكون شكل الحرب المقبلة؟

لمحة عن الحرب

بدأت الحرب الهجمات السيبرانية ضد "إسرائيل" عام 2012، حين وُثقِت أكثر من 100 مليون هجوم إلكتروني ضد مواقع إنترنت إسرائيلية تزامنًا مع عدوان الاحتلال على قطاع غزة، وفي ذات الفترة اخترقت كتائب القسام طائرات الاستطلاع دون طيار من طراز "Skylark1" ضمن مساعيها لمواجهة الاغتيالات الإسرائيليّة لقيادات المقاومة.

وفي عام 2014 خلال عدوان الاحتلال على قطاع غزة، اخترق بث القناة الثانية والعاشرة الإسرائيليتين، وفي 2016 أيضًا، تزامنًا مع موجة الحرائق التي ضربت غابات في الداخل الفلسطيني المحتل.

واستمرت التهديدات السيبرانية لـ "إسرائيل"، حيث صرّح مسؤول أمن الكتروني رفيع لدى الاحتلال، عن اقتراب إيرانيين من اختراق نظام الإنذار الصاروخي الإسرائيلي في 2017.

وشهد العام 2019، محاولة اختراق نظام مراقبة تابع للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، تبعها اختراق هاتف رئيس أركان جيش الاحتلال السابق بيني غانتس، واختراق هاتف إيهود باراك، إضافة إلى هواتف 100 جنديّ إسرائيلي.

تلا ذلك تصاعدًا في الهجمات السيبرانية ضد "إسرائيل" ففي عام 2020، حيث أعلنت "تل أبيب" أنها أحبطت هجوماً إلكترونيّاً كبيراً منظماً، ومتزامناً على شبكات المياه الخاصّة، شملت تحكماً مؤقتاً في نظام التشغيل الخاصّ بشبكات المياه، إضافةً إلى خلط الكلور ومواد كيميائية أخرى في المياه بنسب غير متوازنة، وكان من الممكن أن يؤدي إلى "نتائج كارثية".

وفي ذات العام تعرضت 9 مستشفيات إسرائيلية حكومية إلى هجوم إلكتروني، تسبب في شلل تام لمنظومة الحواسيب وقرصنة المعلومات لنحو نصف مليون مستوطن.

وقد أقرّ نائب رئيس نظام السايبر في "إسرائيل"، العقيد نيتسان عمار، بوجود زيادة مضطردة في عدد هجمات السايبر، فمن متوسط 80 هجوماً شهرياً عام 2021، تضاعف العدد عام 2022 لأكثر من 200 هجوم شهريًا، معقبًا: "هذا يعني أن أعداءنا باتوا يمتلكون جرأة كبيرة لمهاجمتنا من الداخل، وعبر الفضاء الرقمي".

وتزامنًا مع اعتداءات الاحتلال في المسجد الأقصى المبارك والمصلين فيه في شهر رمضان 2023، تعرضت "إسرائيل" لأكبر هجوم سيبراني منذ مطلع العام الجاري، وفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية.

أكثر تعقيدًا وتأثيرًا

الباحث في برنامج الدراسات الإسرائيلية في جامعة بيرزيت، ياسر منّاع، يقول إن هذه حرب مختلفة تمامًا عن الحروب التقليدية، فهي أكثر تأثيرًا وتعقيدًا وقدرةً على شل حركة الخصم.

ويرى مناع خلال حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن هذه الحرب تشكّل تحديًا بارزًا لـ"إسرائيل" التي تدّعى تفوقها التكنولوجي في الشرق الأوسط، كونها تمتلك 82 شركة تعمل في مجال السايبر.

ويوضح أن "إسرائيل" أوجدت ما يُسمى "القبة السيبرانية" لمواجهة الهجمات متعددة الجبهات إلا أنها فشلت في هدفها، ما استدعى اعتماد أساسي على الوحدة "8200" في شعبة الاستخبارات العسكرية.

ويبيّن الباحث، أن الهجمات الالكترونية طالت جميع مواقع ومرافق الجبهة الداخلية الإسرائيلية والمؤسسات العامة والخاصة، مؤكدًا أنه باتت تشكل خطرًا حقيقيًا على "الأمن القومي".

ليست حكرًا على أحد..

ويتفق "منّاع" مع الخبير الأمني محمد لافي، حول أن تأثير هذه الهجمات يمكن في مسارين، الأول، على المجتمع الإسرائيلي نفسه، فلا شيء آمن، الاقتصاد والنظام الصحي والبني التحتية، وحركة الطرق وغيرها، مهددة في أي وقت.

أما المسار الآخر والأخطر بالنسبة للاحتلال، هو انهيار مصطلح "الردع" الذي لطالما تغنت به "إسرائيل" بات ضربًا من الخيال، فكيف لدولة تدعى أنها الأقوى في الشرط الأوسط لا تستطيع حماية بنيتها التحتية؟!

ويضيف "لافي" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن أدوات السايبر اليوم، ليست بالضرورة أن تكون مملوكة لأجهزة المخابرات العالمية ولا لمؤسسات أمنية، فقد باتت متوفرة لدى جهات وجمعيات وحتى الأفراد، وأصبحوا بإمكانهم استخدامها في اختراق دولة "الهايتك".

ويشير إلى أنّ هذا المجال أشبع قليلاً من نهم المتعاطفين والمناصرين للقضية الفلسطينية، لمواجهة غطرسة وعدوان الاحتلال، خصوصًا بعد أحداث المسجد الأقصى في رمضان الماضي.

ويعتقد "ضيف سند" أنّ اعتماد الاحتلال كليًا على الوسائل التقنية والتكنولوجية الحديثة، سهّل على هؤلاء الأشخاص اختراقهم والتأثير عليهم بطريقة أو بأخرى، مشيرًا إلى أنّ الهجمات المتسارعة التي يشهدها الاحتلال اليوم كأنها رسالة له من الجهات المنفذة: "أننا نمتلك مفاتيح الضرر والتأثير عليكم".

وعن دوافع هذه المجموعات التي تبنت الهجمات السيبرانية، يؤكد "لافي" أنها تأتي ثأرًا وانتقامًا لجرائم الاحتلال بحق المسجد الأقصى والفلسطينيين، خصوصًا أن تكلفة هذا المجال ليست باهظة، بدون ملاحقات قانونية.

ويلفت إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون إيران خلف هذه الهجمات، كونها اكتوت بنيران الموساد سواء بالاغتيالات أو اختراقات الأرشيف الإلكتروني أو حتى بمحاولات إعاقة البرنامج النووي، إلا أنها بكل تأكيد تدعم وتساعد كل من يحاول في هذا المجال.

ويوضح أن المقاومة الفلسطينية حققت تقدمًا كبيرًا في هذا الجانب، مستشهدًا بأفعال وإنجازات الشهيد القسامي جمعة الطحلة الذي تم الكشف عنها عقب استشهاده في أيار/ مايو 2021.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر عام 2022، كشفت كتائب القسام، عن "وحدة السايبر" التي أسسها الشهيد "الطحلة"، وقد نفذت العديد من المهمّات والهجمات السيبرانية ضد أهداف الاحتلال.

شكّل الحرب القادمة

ويتفق ضيْفيْنا أنه في الحرب المقبلة، سيكون السايبر أهم الأدوات استخدامًا وفعاليةً، خصوصًا أنها مجال مفتوح دون أفق، لارتباطه بالذكاء الاصطناعي الذي بات يؤثر بشكل كبير على مجال العمل الأمني والاستخباري، ما استدعى تفريغ معظم دول العالم وحدات مختصة في هذا المجال.

فيما يرجح "لافي" أنه حال استثمار المجال السايبرني جيدًا، فذلك سيؤثر في اتجاه المعركة المقبلة مع الاحتلال لصالح المقاومة، التي تعتمد في تحركاتها وأعمالها على طرق بعيدة عن المجال التقني، ما يحافظ على أمن وسلامة عناصرها بخلاف الاحتلال.

ما تقدّم يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه حال نشوب حرب جديدة، سيكون شكلها مختلف تمامًا عما عهدته المنطقة، فتعدد جبهات المواجهة من أكثر من محور، وتنوّع الأساليب القتالية المستخدمة، بات كابوسًا يلاحق صناعي القرار في "إسرائيل".

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017