رأى الجنرال السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال اسحاق بريك، أنه مع مرور الوقت، تبتعد "إسرائيل" أكثر فأكثر عن تحقيق أهداف الحرب (على قطاع غزة)، والمتمثلة بالقضاء على حركة "حماس" وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وتغرق أكثر فأكثر في وحل غزة.
وقال بريك، في مقال له بصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، اليوم الاثنين، إن هناك مواقف في الحرب يجب إعادة النظر في مسار العمل فيها، وهذا هو الوضع الذي وصلت إليه.
وتابع: "اليوم يتضح للجيش أنه في هذه المرحلة لن يكون من الممكن تحقيق الهدف الذي نسعى من أجله".
وأشار إلى أن الجيش ذهب إلى الحرب للقضاء على حكم "حماس" وقدرتها على مواصلة القتال، لكنه يعترف بعدم وجود نية للدخول إلى رفح، حيث تسيطر حماس سيطرة كاملة، لأنها المكان الأكثر ازدحاما في غزة والشرق الأوسط بأكمله.
وبين أنه من المستحيل مهاجمة مخيمات النازحين في رفح، حيث يعيش مليوني نازح، وبيئتهم مزدحمة بشكل رهيب، "وبكلمة واحدة، من المستحيل القضاء على حماس هناك التي يختلط جنودها باللاجئين".
وأكد أن الفشل في القضاء على حكم "حماس" في رفح، والفشل في السيطرة على الأنفاق الموجودة تحتها، والتي تعتبر بمثابة الممر الرئيسي للأسلحة من سيناء إلى القطاع، "يعني أننا فشلنا في تحقيق المهمة الأساسية التي حددناها لأنفسنا في الحرب، ألا وهي: إسقاط حكم حماس".
وقال إن "حماس" تتمتع في رفح بحرّية الوصول إلى خان يونس، ومن هناك إلى شمال قطاع غزة عبر مئات الكيلومترات من الأنفاق المرتبطة ببعضها البعض.
وأضاف أنه حتى لو تم تدمير أكثر من ألف نفق، فإن لدى "حماس" آلافًا أخرى، وبالتالي فإن التدمير الجزئي لا يؤثر فعليًا على حركتهم في الأنفاق.
ومن هنا، فإن استمرار قتال الجيش بالشكل الحالي في خان يونس، وفي الأحياء والمدن وسط قطاع غزة، لا يضيف إلى تحقيق أهداف الحرب، بل على العكس، فهذا القتال يكبد الجيش كل يوم خسائر فادحة بفعل المتفجرات والأفخاخ والصواريخ المضادة للدبابات.
ودعا بريك لإعادة تقييم طريقة القتال، وتغيير النموذج والخروج من التجمعات السكانية الكثيفة، والهجوم الجراحي بالطائرات، المبني على معلومات استخباراتية دقيقة، وبغارات برية.
ولفت إلى أن أعضاء حكومة الاحتلال من اليمين المتطرف يعلنون ليل نهار أن القتال داخل القطاع يجب أن يستمر بكل قوته حتى هزيمة "حماس"، لكنهم يتجاهلون الحقائق على الأرض ويعيشون واقعاً زائفاً.
وأشار إلى أن الجناح المتشدد في الائتلاف الحاكم ليس مستعدا لعقد مناقشة حكومية حول اليوم التالي للحرب، خوفا من اتخاذ قرار يسمح بدخول إدارة دولية لإدارة غزة. وحسب رأيهم فإن القطاع يجب أن يبقى في أيدي إسرائيل، سواء في الجانب الأمني أو الإداري المدني حتى النهاية.
ومعنى هذا النهج، أن إسرائيل ستقبل المسؤولية عن مليوني لاجئ، وعن كل كارثة تحل وستقع أزمة إنسانية على أكتاف "إسرائيل".
وبذلك ستخسر إسرائيل دعم العالم بشكل عام، ودعم الولايات المتحدة في الحرب، وستخسر الحرب التي دفعت ثمنها باهظاً حتى الآن.
وختم بريك قائلا: "لكن هذا لا يكفي، فوفقاً لنهجهم، ستستمر قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي في البقاء في المناطق الكثيفة السكان في قطاع غزة لسنوات عديدة، وستواجه حرب عصابات مع حماس، التي ستستمر في مواجهتنا بالأفخاخ وإطلاق الصواريخ المضادة للدبابات على قواتنا وتسبب لنا خسائر فادحة".