قال المؤرخ الفلسطيني سلمان أبو ستة، إن القضية الفلسطينية تشهد تحولات مهمة وغير مسبوقة على صعيد الدعم الشعبي تحديدا في الساحة الغربية، الأمر الذي يدفع بالـتأثير على الموقف الرسمي لهذه الحكومات.
وأكدّ أبو ستة ضرورة الاستثمار السياسي لهذه التحولات، التي يمكن فحصها بوضوح لدى النخب السياسية والطلابية والنقابية في الساحة الأوروبية.
وأوضح المؤرخ في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن عملية الاستثمار تحتاج أولا لتشكيل قيادة وطنية موحدة، تنهي العمل باتفاق أوسلو، بوصفه أخطر اتفاق سياسي تتعرض له القضية الفلسطينية، وصولا إلى تبني برنامج مقاومة شاملة، يفعل كل أدوات المواجهة مع الاحتلال.
وأكمل: "من تعترض مصلحته مع شعبه الفلسطيني على أساس مواجهة الاحتلال، فعليه بدلا من أن يكون عونا لنا على الأقل ألّا يكون عدوًا لنا".
ويرى ضيفنا، أن المعركة الجارية بغزة أحدثت تحولا مهما في سياق الوعي الشعبي العربي والدولي عموما، وأظهرت حجم الاهتمام الأجيال المتعاقبة التي نشأت بعد اتفاق أوسلو، وكشفت حالة الإخفاق الاستراتيجي للدولة العبرية، وفق قوله.
وأوضح أن إسرائيل تتعامل مع الحروب على قاعدة خوفها المطلق من إمكانية زوالها، فهي تعتبر كل معركة وجودية بالنسبة لها؛ لكن هذه المعركة مثلّت المنعطف الأهم في مسيرة الكيان.
وأردف "أبو ستة": "الأزمة الإسرائيلية الحقيقية تتمثل في الفكر السياسي لمفهوم الصراع الذي نشأ بعد طوفان الأقصى، فقد كانوا يراهنون بتصفية القضية وكتابة السطر الأخير في صفحتها؛ لكنّ الجيل الفلسطيني الصغير كبر ووجه صفعة مدوية".
وتابع: "كل شيء بدا ممكنا لتصفية القضية تبخر فجأة، ونظرية شرطي المنطقة سقطت، وإمكانية حماية الغير لم تنجح في ظل الإخفاق الاستراتيجي بحماية الذات، لا شيء يبرر استمرار الرهان على المشروع الإسرائيلي في المنطقة، ما أفقد أي علاقة طبيعية معه جوهر الحياة".
كما نبه "ضيف سند" لأهم إنجازات المعركة، بأنّ الاحتلال يشعر من الناحية الفعلية خطرا وجوديا، "خاصة وأن نتنياهو نفسه حذر من إمكانية الانهيار في العقد الثامن، وأوكل مهمته الرئيسية الوصول بإسرائيل للمئوية".
وبيّن أبو ستة أن من بين ثمرات المواجهة، إعادة تفعيل الدور الحقيقي لفلسطينيي الشتات في المواجهة، والتذكير بأنهم جزء أساسي من مشروع المقاومة، بعد سنوات من محاولة تدجينها.
وأوضح أنّ الدور الشعبي لفلسطينيي الشتات في أوروبا واحد من أهم مفاعيل التأثير على الساحة الغربية، كما أنّ المقاومة في لبنان، وانخراطه في المواجهة، أعاد حيوية الشتات في حمل البندقية الفلسطينية والحفاظ عليها.
ورأى أن هذا الدور أعاد الشتات الفلسطيني لطاولة صياغة القرار الوطني، "المهم أن يترجم هذا كله في سياق مشروع وطني يبني على مرحلة الطوفان، فما بعده ينبغي الا يكون كما قبله".