الرئيسية / الأخبار / فلسطين
اعتداءات غير مسبوقة للمستوطنين في الضفة.. ما أهداف الاحتلال من ذلك؟
تاريخ النشر: الأثنين 15/04/2024 08:21
اعتداءات غير مسبوقة للمستوطنين في الضفة.. ما أهداف الاحتلال من ذلك؟
اعتداءات غير مسبوقة للمستوطنين في الضفة.. ما أهداف الاحتلال من ذلك؟

تعيش الضفة الغربية منذ أيام على صفيحٍ ساخن، إثر تصاعد خطير في اعتداءات المستوطنين المتطرفين على الفلسطينيين وممتلكاتهم في عدة قرى وسط وشمال الضفة، وذلك بحماية كاملة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما يفرض تساؤلات عن الأهداف التي تسعى الجماعات الاستيطانية لتحقيقها عبر إرهابها المنظم؟

فعلى مدار اليومين الماضيين شهدت بلدت في نابلس ورام الله، اعتداءات مسلحة تخللها إحراق منازل ومركبات وأراضٍ زراعية على نطاق واسع وغير مسبوق، كما أغلقوا طرقات قرب أريحا، ما أسفر استشهاد مواطن وإصابة آخرين بينهم حالات حرجة.

يؤكد مراقبون أنّ اعتداءات المستوطنين في الضفة ليست جديدة، لكنها تضاعفت منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الفائت، وتُنفذ على مرأى ومسمع العالم دون رادع، باستثناء عقوبات محدودة فرضتها أمريكا وبريطانيا على عدد من المستوطنين، فضلًا عن موافقة الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات مماثلة.


 

وفي هذا الإطار يقول مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس إنّ جهود سلطات الاحتلال خلال السنوات الماضية انصبّت حول زيادة أعداد المستوطنين ليصلوا إلى الذروة (مليون مستوطن)، عبر إنشاء 184 مستوطنة و215 بؤرة استيطانية بالضفة، يسكنها حاليًا 735 ألف مستوطن.

ويُضيف دغلس لـ "وكالة سند للأنباء" أنّ بهذه الخطط، سيطر الاحتلال على قرابة ثلثي مساحة الضفة ما بين مستوطنات وبؤر استيطانية، وطرق التفافية مؤدية للمستوطنات، أو ما سمي بـالمناطق العازلة التي تحيط بالمستوطنات، وهي مناطق بدأت سلطات الاحتلال بإنشائها حول المستوطنات بعد الحرب في غزة، استقطع على إثرها ما يزيد عن 150 ألف دونم حتى اللحظة.

ويلفت أنّ الاستيطان وخطط تهجير الفلسطينيين في الضفة خلال السنوات الماضية انعكس على مدينة القدس، التي دُمرت فيها 8 قرى حتى العام 2022، مع وجود قرابة 46 قرية مهددة بالترحيل، فضلًا عن وجود 155 تجمعًا فلسطينيًا في المناطق المصنفة بـ (ج) وجميعها مهددة بالهدم.

photo_2024-04-13_18-33-11.jpg

من جانبه يوضح الناشط في مواجهة الاستيطان بشار قريوتي، أنّ حكومة الاحتلال الحالية عُرفّت منذ تشكيلها بأنها حكومة مستوطنين، خاصة مع وجود غلاة المتطرفين في أركانها، أمثال وزير "الأمن القومي"إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

ويُرى قريوتي في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" أنّ 90% من أراضي الضفة الغربية أصبح مسيطر عليها استيطانيًا، فيما تخضع بقية مساحتها لإجراءات إسرائيلية أمنية مشددة، ما يعني على أرض الواقع أنّ "الضفة كلها تحت هيمنة استيطانية، حتى تقسيمات أوسلوا أُلغيت بالكامل بفعل الاستيطان الذي يتم على قدمٍ وساق وبدعمٍ رسمي غير مسبوق".

تسليح المستوطنين..

عنف المستوطنين الذي بدأ في السنوات الأخيرة يتخذ منحى متصاعدًا وبلغ ذروته منذ الحرب على غزة، لوحظ أنّه يتم باستخدام الأسلحة والرصاص الحيّ، وهو ما يزيد من مخاطر إرهابهم على الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية.

يُنبّه قريوتي إلى أنّ المتطرف "ابن غفير"استثمر منصبه كوزير لـ "الأمن القومي"، وباشر بتسليح المستوطنين في الضفة؛ حتى ذراعه المتطرف الذي يتحكم بالميدان ويقتل الأرواح ويعيث فسادًا في الأرض والممتلكات.

بالإضافة للمستوطنين المسلحين منذ سنوات، فإنّ جيش الاحتلال سلّح ما يقارب 60 ألف مستوطن جديد منذ السابع من أكتوبر، منوهًا إلى أنه تم تسليحهم على دفعتين، وفق الناشط بشار قريوتي.

مستوطن مسلح.jpg

وعن طبيعة التسليح، يُبيّن أن "كل بؤرة استيطانية أصبحت منعزلة بنفسها، لديها أمنها وكيانها ومستوطنيها، ومسلحيها الذين يرتكبون الجرائم، أمام جيشوشرطة الاحتلال، ويطلقون النار بشكل مباشر على الفلسطينيين، بإسناد ودعم الجيش".

ويُتابع قريوتي: "يضاف لموضوع التسليح، هو انخراط عدد كبير من المستوطنين بالجيش الإسرائيلي، خاصة بعد قانون التجنيد الإجباري الأخير(..) هؤلاء يرتدونلباس الجيش، ثم يأتون ليجتاحوا قرى الضفة كما يجري في ترمسعيا والمغير ودوما وغيرها من القرى، يحرقون ويدمرون ويسرقون دون رقيب ولا حسيب".

وتشير آخر الأرقام إلى استشهاد 464 فلسطينيًا في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر منهم 15 برصاص المستوطنين، فضلا عن إصابة 4800، واعتقال أكثر من 8215.

في السياق نفسه، يؤكد الناشط في شؤون الاستيطان صلاح الخواجا، أنّ الجماعات الاستيطانية البالغ عددها 63 مجموعة في الضفة، حصلت مؤخرًا على عمليات تدريب مكثفة حول أساليب الاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم وقطع الطرق بين المدن.

ويقول الخواجا في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" أنّ عمليات التدريب جرت في مستعمرات "براخا، وايتمار، وشيلو، وعوفرا"، وجرى تدريبهم بشكل منفصل من بينها جماعة "كهانا" التي كان ينتمي إليها "ابن غفير"، وجماعة "تدفيع الثمن" التي ينتمي لها "سموتريتش".

وعلى ضوء ذلك، تم اتخاذ قرار لدعم هذه المجموعات بشكل مباشر بنصف مليار شيكل خلال العام 2024 بعدما كانت تتلقى تمويلا من مجالس إقليمية للمستوطنات، وبناء 600 فرقة في مناطق الضفة.

ويرى أنّ الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه الجماعات الاستيطانية، هو إيجاد بيئة طاردة للفلسطينيين من الضفة وتهجيرهم من قراهم وصولًا لتنفيذ أهدافهم الاستيطانية، عبر تنفيذ اعتداءات مسلحة مخططا لها تشن بشكل يومي وتستهدف مئات المواطنين في كل أماكن تواجدهم.

ويشير إلى أنّ التجمعات البدوية في الضفة الغربية كانت هدفًا أوليًا للجماعات المتطرفة، حيث تم عبر إرهابهم، السيطرة على 27 تجمعًا بدويًا، يقطنه نحو 1600 إنسان.

 

ويردف الخواجا أنّ من بين أهداف تسليح الجماعات الاستيطانية وتدريب أفرادها، قطع الطرق والتواصل بين القرى والبلدات في الضفة الغربية، ومنع أي تنقل بينهم، وتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم، خاصة في المناطق المصنفة (ج).

ومن وجهة نظر ضيفنا فإنّ "عمل هذه العصابات تحول فعليًا من العمل الجماعي العشوائي، لعمل منظم للمجموعات، وبدعم وإسناد من الحكومة الإسرائيلية".

وقد خلصت دراسة أنجزها مركز رؤية للتنمية السياسية الفلسطيني، إلى أنّ "الاحتلال يسعى من خلال توزيع السلاح على المستوطنين إلى خلق حالة من الرعب الدائم لدى الفلسطينيين، وإشعارهم بأنهم دائمًا في مرمى الخطر، وهذا لا يمنع المستوطنين من استخدام السلاح وقتل الفلسطينيين في بعض الحالات للتعزيز هذه الحالة".

ومن ناحية أخرى، يوظف هذا الاستخدام (تسليح المستوطنين) في تحقيق أهداف تهجير الشعب الفلسطيني التي يطلق عليها قادة الاحتلال "الهجرة الطوعية"، وفق الدراسة التي نُشرت في فبراير/ شباط المنصرم.

ماذا يقول القانون الدولي؟

من الناحية القانونية، يُشدد أستاذ القانون الدولي في المعهد الكاثوليكي بيير إيمانويل ديبون في تصريحات صحفية، أنه وفقًا للمبادئ ذات الصلة للقانون الدولي، فإن كل استحواذ على أرض بالقوة غير قانوني وله تبعات، كما أن الشعوب لديها القدرة أو الحق لتقرير المصير، والشعب الفلسطيني لديه هذا الحق.

ولفت إلى أنّ الشعب الفلسطيني لديه الحق ليرسي دولة مستقلة وليكون له سيادة على أراضي محددة، ولديه القدرة في أن تكون له سيادته على الموارد الطبيعية، مؤكدًا أن الاستيطان يعد عملًا غير مشروع وغير قانوني بالنسبة للقانون الدولي.

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017