خاص- وكالة سند للأنباء
أعادت التصريحات التي أدلى بها أمين عام حزب الله يوم أمس، والتي تحدث خلالها عن اعتزام إسرائيل استخدام مطارات قبرصية حال استهداف مطاراتها إذا اندلعت حرب مع لبنان، أعادت تسليط الضوء على العلاقة بين دولة الاحتلال وقبرص، تلك الجزيرة الواقعة غرب لبنان.
ورغم نفي قبرص، اليوم الخميس، تدخلها في الحرب الدائرة في المنطقة وتأكيدها على أنها نها ليست بصدد التورط بأي شكل من الأشكال في المواجهة بين حزب الله وتل أبيب، غير أن العلاقة الحديثة نسبياً والآخذة بالتجذر بين قبرص وإسرائيل، تعطي مؤشراً على مصداقية ما أدلى به السيد حسن نصر الله الاربعاء.
والأربعاء، حذر أمين حزب الله، قبرص بعدما كشف عن معلومات تلقاها الحزب تفيد بأن إسرائيل التي تجري سنوياً مناورات في قبرص، قد تستخدم المطارات والقواعد القبرصية لمهاجمة لبنان، في حال استهداف حزب الله للمطارات الإسرائيلية.
وقال نصر الله: "نحذر الحكومة القبرصية أن فتح مطاراتها وقواعدها للعدو الإسرائيلي لاستهداف لبنان يعني أنها أصبحت جزءاً من الحرب".
وبالعودة للعلاقة بين إسرائيل وقبرص، تلك الجزيرة الصغيرة الواقعة في البحر الأبيض المتوسط والعضو في الاتحاد الأوروبي، نرى أن تلك العلاقة توطدت بعد العام 2000 عندما اكتشفت كل من تل أبيب ونيقوسيا (عاصمة قبرص) كميات كبيرة من الغاز في مياههما الإقليمية، ليتفق البلدان بعدها على توسيع التعاون في مجلات أخرى.
وفي العام الماضي، سعت قبرص لتعزيز علاقاتها في مجال الطاقة مع إسرائيل والضغط من أجل إنشاء خط أنابيب غاز جديد بين البلدين.
قبرص بديل تركيا
ترى إسرائيل في قبرص شريكاً إقليمياً مهماً ونواة لتشكيل تحالف إقليمي عوضاً عن تركيا، التي توترت العلاقات معها في السنوات الأخيرة، كما تعتبر قبرص بالنسبة لإسرائيل الجسر الأقصر إلى أوروبا، وبخاصة في مجال الطاقة.
ووفقاً للكاتب الإسرائيلي "ميخائيل هراري" فإن البلدين حرصا على إقامة شبكة علاقات قوية تستند إلى التقاء مصالح سياسية استراتيجية ناجمة عن التغيرات الدراماتيكية في المنطقة واكتشافات الغاز في البحر المتوسط والبرودة التي طرأت على العلاقات بين إسرائيل وتركيا منذ العام 2010.
قوات إسرائيلية تتدرب في جبال قبرص
وخلال السنوات الماضية، أجرت إسرائيل وقبرص مناورات عسكرية مشتركة، ووقعتا مجموعة من اتفاقيات شراء الأسلحة، هذا بالإضافة إلى التعاون الأمني المشترك بين البلدين في مجال ما يسمى "مكافحة الإرهاب".
ففي أيّار/ مايو 2023، أعلن الجيش الإسرائيلي تنظيم مناورة عسكريّة في قبرص، يشارك فيها سلاح الجوّ وقوّات بريّة لمحاكاة سيناريوهات القتال في لبنان، وذلك بعد عامٍ من تنظيم مناورةٍ عسكريّة أخرى لمدة 4 أسابيع باسم "عربات النار"، شملت اشتراك آلاف الجنود الإسرائيليين في تدريبات لمحاكاة الدخول إلى عمق الأراضي اللبنانيّة.
وخلال الحرب الحالية على غزة والتوتر المتواصل شمال فلسطين المحتلة، استغلت إسرائيل علاقاتها الاستراتيجية مع قبرص لأغراض عسكرية، حيث استخدمت القوات الجوية الإسرائيلية المجال الجوي القبرصي لإجراء تدريب يحاكي سيناريو هجوم إيراني على إسرائيل.
نصر الله ورقعة الشطرنج
وفي هذا الإطار، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس: "علاقة إسرائيل العسكرية بقبرص عميقة جداً، فبعض التقارير تتحدث عن وجود مخازن أسلحة وذخيرة لإسرائيل قد تضطر لاستخدامها حال تعرضها لضربات كبيرة".
مؤكداً لـ"وكالة سند للأنباء" على أن حزب الله يهدد ولأول مرة على لسان أمينه العام حسن نصر الله دولة غير إسرائيل بهذا الشكل الواضح والصريح.
ويرى أبو العدس أن حزب الله لديه المقدرة على تنفيذ تهديداته ويوجه ضربات لقبرص، فالمسافة بين لبنان ووسط فلسطين لا تختلف كثيراً عن المسافة بين لبنان وقبرص.
مشدداً على أن قبرص ستعيد حسابتها بعد خطاب نصر الله، فمن المتوقع أن لا تتدخل في هذا الصراع بشكل مباشر، وهذا سيؤدي إلى الحد من قدرات سلاح الطيران الإسرائيلي.
وختم:"اليوم يبدو نصر الله كمن يقف أمام رقعة شطرنج، يحرك أحجاره استباقاً لخطوات الخصم، وهو يرد أن يحرمه من خططه الاحتياطية، من خلال سحب ورقة قبرص من خطط إسرائيل العسكرية في حال اندلعت المواجهة مع حزب الله".
وكان جنرال قبرصي متقاعد قد أشار إلى أن بلاده يجب أن تشعر بالقلق وتتخذ الإجراءات المناسبة وذلك في أعقاب تحذير"حزب الله" للحكومة القبرصية من فتح مرافقها للحرب على لبنان".
ونقلت مصادر صحفية عن الجنرال المتقاعد "يوانيس بالتزوتيس" قوله إن حزب الله لديه أنظمة عسكرية وأسلحة قوية تمكنه من ضرب قبرص.