نابلس- وكالة سند للأنباء
لم تتوقف مشاريع الاستيطان عن نهش المزيد من أراضي الضفة الغربية، والتي تصاعدت وتيرتها منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
وتكريسًا لأطماع منظومة الاحتلال بأراضي الضفة الغربية، كشفت تسريبات صوتية لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش مؤخرًا، عن خطة "جذرية" لفرض السيطرة الإسرائيلية الدائمة على الضفة الغربية.
وتشمل خطة "سموتشريتش" نقل السلطات الإدارية في الضفة الغربية من الجيش الإسرائيلي إلى السلطات المدنية للحكومة الإسرائيلية، وتخصيص ميزانيات ضخمة لتوسيع المستوطنات وتدعيم إجراءاتها "الأمنية" بهدف "تجنب أن تصبح الضفة الغربية جزءا من دولة فلسطينية".
إقرأ أيضاً
الاحتلال يصادق على بناء 5300 وحدة استيطانية جديدة في الضفة
ونقل موقع "موندويس" الأميركي المتخصص في علاقات أميركا تجاه فلسطين و"إسرائيل" أن خطة سموتريتش تحتوي على ضم أكثر من 60% من أراضي الضفة إلى "إسرائيل"، في حين يؤكد الخبراء الفلسطينيون بقضايا الاستيطان أن ذلك "يحدث بالفعل".
ووفقا لـ "سموتريتش"، فإن التغييرات الإدارية التي يرغب في تنفيذها تمثّل "تغييرا جذريا" يعادل "تغيير تركيبة النظام"، مشيرًا في إلى أنه وضع الخطة خلال العام ونصف العام الماضيين وعرضها على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي "أيد الفكرة بالكامل".
وقال إنه تم تخصيص ميزانيات كبيرة لمشاريع البنية التحتية للتوسع الاستيطاني و"الإجراءات الأمنية" للمستوطنات، مشيرًا إلى أن الهدف من هذه الخطة هو "ألا تصبح الضفة الغربية جزءا من الدولة الفلسطينية".
واعترف سموتريتش في وقت سابق، بناء حكومته لـ15 مستوطنة جديدة في الضفة، وإنشاء 21 ألف وحدة بناء جديدة، وعن مصادرة 26 ألف دونم، وصرف 7 مليار شيقل على شق طرق جديدة للمستوطنات، وتحويل منطقة "ب" في صحراء القدس لتنفيذ عمليات هدم.
مصادرة واعتداءات للمستوطنين..
وبحسب ناشطين في مقاومة الاستيطان بالضفة الغربية، فقد صدرت عشرات المخططات في الأشهر الأخيرة، تقضي بمنع الفلسطينيين الوصول لأراضيهم الواقعة قرب المستوطنات أو بين البؤر الاستيطانية؛ التي تصنف بمناطق "ج".
وبينت مصادر محلية تابعتها "وكالة سند للأنباء" إقامة سلطات الاحتلال سواتر ترابية وبوابات مغلقة في تلك المناطق، في حين يمارس المستوطنون المتطرفون اعتداءاتهم وهجماتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم لا سيما بالقرى المحاذية للمستوطنات.
الناشط ضد الاستيطان بشار القريوتي، أشار إلى أن تلك المناطق تمثل 40% من مناطق "ج"، وقال: "ترافق ذلك مع شرعنة بناء طرق تربط التكتلات الاستيطانية الكبرى، في محاولة لضمها معا ضمن القانون العسكري الإسرائيلي الرامي لضم الضفة مع القدس تحت ما يسمى بسيادة إسرائيل".
ويرى القريوتي أنّ هذا يعني من الناحية العملية إلغاء اتفاقية أوسلو ومصادرة تصنيف "ج" بشكل كامل، والسيطرة على مداخل المناطق المصنفة "ب"، وهي تعني تجاوز منطقة السيطرة على بقية المساحة في الضفة، وفق قوله.
شرعنة سرية..
من جهته، يقول الباحث في قضايا الاستيطان سهيل خليلة، إن 260 بؤرة استيطانية شرعنها الاحتلال بشكل سري خلال الفترات الماضية، وبشكل تدريجي.
وأوضح خليلية أن ذلك تم بشرعنة 5 مستوطنات بشكل شهري تقريبا، بقي منها 70 بؤرة يريد سموتريتش شرعنتها في هذه المرحلة.
ويرى خليلية أن هدف سموتريتش وحكومة الاحتلال من هذه المخططات هو محاولة شرعنة البؤر "القانونية"؛ لمنحها ميزانيات تتيح لها فرصة إنشاء مخططات هيكيلية وفتح الطرق.
ولفت الباحث أن سموتريتش عيّن نائبًا له في "الهيئة المدنية"؛ لمساعدته في شرعنة إجراءات البناء، ومواجهة أي بناء فلسطيني في المناطق المصنفة "ج"، موضحًا أن هذه الشرعنة يعني من الناحية العملية تعزيز السيطرة على مناطق ج بشكل كامل.
السيطرة على الأماكن الأثرية..
وفي السياق، قال الناشط والباحث في قضايا الاستيطان صلاح الخواجا، إنّ المخططات الهيكلية لـ "سموتريتش"، تستهدف بشكل أساسي السيطرة على 2452 موقعا أثريا فلسطينيا، واعتبارها مناطق توراتية، وقوننة البؤر الاستيطانية، وإقرار موازناتها؛ لتوفير بنية تحتية كاملة لها وتسوية أوضاع ما يقترب من 63 بؤرة.
وبين أنّ هذه الخطة تأتي في سياق توزيع الأدوار بين الجيش والإدارة المدنية وتوسيع صلاحيات الأخيرة، وتثبيت وإرضاء اليمين المتطرف، وتعزيز رواية المستوطنين بأن هذه الأرض ليست أراضي متنازع عليها.
وحذّر الخواجا من أن الهدف النهائي لهذه الخطة استكمال مخطط 2030، الذي يعني دولة مليون مستوطن في الضفة دون القدس، مؤكدًا على ضرورة وجود استراتيجية حماية لمناطق "ج"، وتقديم كل المساعدات والدعم عبر خطة طوارئ وطنية تتكامل فيها الجهود الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، والهيئات الدولية والفاعلين الوطنيين.
ويقيم ما يقارب نصف مليون مستوطن في 146 مستوطنة كبيرة و144 بؤرة استيطانية مقامة على أراضي الضفة الغربية وبما لا يشمل "القدس الشرقية" المحتلة، وفق منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية.
وصنفت اتفاقية أوسلو أراضي الضفة إلى 3 مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية وتُشكّل الأخيرة نحو 60 في المئة من مساحة الضفة.