الرئيسية / مقالات
انتفاضة ثالثة...لا ليس الآن ! بقلم : مريم شواهنة
تاريخ النشر: الجمعة 28/11/2014 10:13
	انتفاضة ثالثة...لا ليس الآن !                                                                      بقلم : مريم شواهنة
انتفاضة ثالثة...لا ليس الآن ! بقلم : مريم شواهنة

 ما حدث مؤخراً في القدس من عمليات دهس وطعن للمستوطنين ،والاشتباكات على الحواجز، وحادثة خطف ثلاث مستوطنين في الخليل ،وما تركته حرب غزة الأخيرة  ومقاومتها من أثر تفاؤلي ، أوهمت الكثيرين أن انتفاضة ثالثة في طريقها إلينا ،وأن الشعب الفلسطيني لن يسكت عن انتهاكات تُرتكب بحقه بعد الآن .هذا حلم  يقظة تسلل إلى مخيلاتنا بسبب السنوات الطويلة التي مرت و الضفة الغربية في سبات مقيت لا تحرك ساكناً تجاه ما يجري بسبب الانقسام والتشتت والمستوطنات التي شلت كيانها ومفاوضات مر عليها  ما يقرب ربع القرن ولا نتائج لها تذكر ! وهل يعقل أن نكون في طريق انتفاضة ونحن نجلس أمام شاشات التلفاز نراقب النشرات الإخبارية ونكبر ونهلل حال سماع خبر جيد ؟! أم  أن الانتفاضة عند بعضنا أصبحت تُفهم بالمشاركة  بِوَسم على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان (#انتفاضة_ثالثة)؟!

 

       لن تقوم انتفاضة ثالثة ونحن "العرب عربين" ،قامت الانتفاضتان الأولى والثانية وقادها الكل الفلسطيني بكل فصائله وأحزابه وطوائفه وفئاته، في الضفة وغزة  ،كانت للانتفاضة قيادة موحدة ،وهدف أوحد، فلا يوجد انتفاضة فيها  كل يغني على ليلاه . عن أي انتفاضة نتحدث ومنذ عام 2006 ونحن في شقاق ونزاع ومصالحة أبت إلا أن تكون تسعين جزءاً  ولا حل للانقسام ؟!، وأي انتفاضة تلك التي ستقوم والشعب الفلسطيني هو الوحيد الذي تقوده حكومتان واحدة للضفة والأخرى لغزة ؟!،ناهيك عن  التجريح والتخوين والتراشق الإعلامي بين الفصائل  مسؤول يشتم آخر ،وآخر يخون مسؤولاً ، أي انتفاضة ستحدث ونحن إن خرجنا دعماً للأسرى رفعنا أعلام الفصائل وليس علم وطننا فلسطين ! ، وإذا ارتقى شهيد تنازعت الفصائل لتنسب كل منها هذا الشهيد  لها ؟، فما بالكم  إذا قامت انتفاضة ثالثة؟!  سيكون بدهيا ً أن يحاول البعض أن يركب موجة الانتفاضة وينسبها لنفسه،حينها ستفشل ثورتنا من الداخل ،وسنتنازع أمام أعدائنا لنثبت من الأحق بقيادة الانتفاضة . أما إذا خرجت الأمور عن السيطرة وخرج الشعب عن طوره وقامت انتفاضة ثالثة ، بيد من سيكون السلاح ؟ وما الذي سيضمن عدم تحول الانتفاضة لفلتان أمني ؟... وشتان ما بين المصطلحين ! ما يجعل قيام انتفاضة ثالثة عنيفة ومسلحة ضئيلاً جداً  حال عدم وجود قيادة موحدة ، فالأولى هو أن نثور وننتفض على انقسامنا ,على تشتتنا الذي لطالما باركه الاحتلال ،إذ أنه خدم الاحتلال وحقق له أهدافا لم تحققها إسرائيل بقوة السلاح منذ قيامها.

    

       سيقول أحدهم الأوضاع التي نشهدها والتصعيدات الإسرائيلية بحقنا كفيلة باندلاع انتفاضة   سيكون ردي : صحيح ،ولكن متى لم تكن الإجراءات الإسرائيلية بحقنا في تصعيد مستمر ،ألم يكن حرياً أن تندلع الانتفاضة منذ بدء الحفريات تحت المسجد الأقصى ؟! وها هو الأقصى يستصرخ منذ أعوام هبة الشعب على قلب رجل واحد ولا من مجيب ..استمرت الحفريات ولا نرى سوى تظاهرات تدعو إليها فصائل وترفع فيها أعلام أحزاب ثم يعود الجمع وكأن شيئاً ما كان ،وكأن المسيرة ستزيل عن واقع يمس مسرى رسول الله شيئاً !، الأقصى يقتحم ويدنس من قطعان المستوطنين لتأدية صلواتهم التلمودية في باحات مسرانا وجل ما نفعله هو الدعاء للأقصى وأهل القدس ،وكأن الله قال لنا ادعوني فقط ولا تفعل شيئا ً! ... لماذا لم تقم الانتفاضة وحروب متكررة كل عامين تشن على القطاع ؟ ولم تقم انتفاضة وقت حوصرت غزة ذلكم الحصار الهمجي الذي فتك بالبشر والحجر ؟

  

       ثم إن قيام انتفاضة يتطلب  التخطيط وإقناع الجماهير ووضع أهداف  وتوعية لطبقات المجتمع كافة ؛ حتى تصنع شيئاً يستحق أن تضحي الأرواح بنفسها لأجله  ، وهذا الشيء لا يمكن أن يأتي بعدد محدود من العمليات الفردية، بل يحتاج لشهور وربما سنون من التخطيط والتنظيم حتى يتبعها تنفيذ، وهذا للأسف، لن يحصل في الضفة الغربية وواقعها المرير الممزق بالحواجز والجدار العازل ، والوحدات الاستيطانية التي تنتشر في أرجاء الضفة انتشار النار في الهشيم ،الاعتقالات وهدم البيوت ،المراقبة الإسرائيلية الحثة لكل ما هو فلسطيني يمشي على الأرض ،والتضييق الإسرائيلي الدؤوب ، يمنع أي تحرك فلسطيني فعلي أن يتم فهو غالباً ما يبوء بالفشل ،وكذلك التنسيق الأمني الذي  يميل لحماية العدو و لا يمت للمصلحة  الفلسطينية بصلة ، والمفاوضات التي تنازلت عن الغالي والرخيص ، وجعلت الموقف الفلسطيني هشاَ  ضعيفاً أمام العالم أجمع ، ما يجعل أولوية الشعب الفلسطيني أن ينظف بيئته لكي تكون مهيئة لقيام انتفاضة ننظف بها وطننا من الأعداء .

 

       حري بالشعب الفلسطيني صاحب الخبرة بالمواجهات والانتفاضات ألا يتوجه مجدداً إلى طريق لم تؤدِ إلى أي مكان وقد دفع تكاليف باهظة مقابلها،وفي حال أراد الشعب أن يفرغ ضغطه ووصل درجة عدم التحمل فإن الأمور لن تتعدى هبات فردية كما في القدس ،وستكون مؤقتة وتنتهي . لكن من يدري ؟! قد تحدث الانتفاضة الثالثة إذا تغيرت المعطيات الحالية والوضع الراهن ،وأصبح الفلسطيني أكثر وطنية وتوحداً وتخطيطاً وتصميما ًعلى تغيير موازين القوى أو – على الأقل - أن يضع حجر عثرة أمام المخططات الإسرائيلية .

 

 

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017