بين الامل وفقدانه، يستطيع الفلسطيني رواية فصول حكايات كثيرة، جميعها تحشر الغصة في الحلق، فالسياسيون فشلوا في ايجاد طريقة لشعبهم تعزز من صمودهم و وحدتهم، فهم يعانون من امواج الانقسام وحالة الضياع.
في الاونة الاخيرة طلت بوادر وحدة وتوافق، ما اغاظ العدو واثلج قلب الصديق، ولكن سرعان ما تبدد الحلم والامل وعادت حليمه لعادتها القديمه، ظلت الوحدة الوطنيه والمصالحة الهدف الاسمى لمسيرة النضال الفلسطيني، لذلك فان المصالحة هي هدف طليق لسهام اسرائيل
تعلمون انتم ان اسرائيل تريد غزة منفصله عن الضفه، وغي كل منهما سلطة تنوب عنها في ادارة شؤون الناس وتوفير الامن لمستوطنيها في سماء غزة وارض الضفة، ويراس كل منهما فصيل-فتح في الضفة وحماس في القطاع- ، يقمع كل طرف الطرف الاخر فيفقدان شعبيهما وينتهي الحلم الفلسطيني.
فهل نحن في فتح وحماس والفصائل الاخرى بحاجة الى دعوة من مصر الشقيقة، او من تركيا المؤيدة لقضيتناا او اي دولة اخرى صديقة او مؤيدة لحل خلافاتنا وتناقضاتنا..او تنازعنا على (جلد الدب) الحر الطليق الذي يتربص بجبال ضفتنا ويذبح غزتنا من الوريد الى الوريد؟...وهل ما نعيش فيه ليس الا مسرحية بنهاية مبهمة؟ ام اننا اعتدنا تمثيل دور القط الذي يحب خناقه؟.
كل طرف يلقي باللوم على الطرف الاخر والعالم الاسود جمهور يستمتع بما تراه مقلتيه، يتفرج على اختلافنا واتهام بعضنا بعضا، والعالم الثلجي المتمثل بالشعب الفلسطيني، يقف دامع العينين بغصة خانقة في حنجرته، لا يستطيع سوى ان يكتب او يلملم كلماته في طيات صفحات الجرائد الهشة.
حقيقة، ما التقى مسؤول من الضفة واخر من القطاع في برنامج تلفزيوني الا و 'فضحونا' امام الخلق، حيث يتسيد اسلوب التآمر الحوار، وليتهم يتآمرون على بعضهم بعضا من اجل تامين الخبز للشعب، او اغاثة الفقراء او حماية السكان من اقتحامات جنود الاحتلال اليومية للبيوت، او من مصادرة اشجار الزيتون، ليتهم يتامرون من اجل اللاجئين الذين يدنون اكثر فاكثر من اليأس، ليتهم يتآمرون لسد الشرخ الذي صنعته اناملهم بين ابناء الضفة والقطاع، وبين ابناء المخيمات والقرى والمدن، او بين فلسطيني الشتات و (العائدين).
الانفصال جعل لقاء الفلسطيني بالفلسطيني اللذان يختلفان في توجههما السياسي، مصحوبا بالتأزم والتشنج وكأن التجزئة مقصودة والضغينة مقصودة، فما اجتمع فلسطينيان الا وكان التآمر ثالثهما والتراشق رابعهما ويقاوم كل منهما نجاح الاخر..
اخيرا.. هم ليسوا حطب نيرانكم، حاولوا ان ترو ما خلف ستار المسرح، رؤوس ملغمة بالضحكات المستهزئة بما تفعلونه، توقفو عن التبجح امام الميكروفونات متباهين بعشرات الآلاف التي تحمل الرايات الخضر والصفر والحمر والسود، لقد اطعم الفلسطيني من لحمه التراب، وسقى بدمه الاشجار حتى خضبها، فلا تدفعوه الى جهنم الفرقة، بل ادفعوه الى احضانكم، ادفعوه الى احضانكم لكن ..بعد تنظيفها!!