غزة- وكالة سند للأنباء (ترجمة خاصة)
قالت مجلة "foreignaffairs" الأمريكية إن الفشل في تحقيق أهداف حرب الإبادة المعلنة في قطاع غزة وشتات البيت المنقسم يخيمان على المشهد في دولة الاحتلال الإسرائيلي في وقت تتزايد عزلتها عالميا.
وأبرزت المجلة أن خطر نشوب حرب متعددة الجبهات من شأنه أن يخلف عواقب عميقة على الأمن والاستراتيجية الإسرائيلية بينما تتفاقم الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، والتي قوضت قدرتها على الصمود.
إذ منذ الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1973 لم تشن "إسرائيل" حرباً كاملة على جبهات متعددة في وقت واحد. كما لم تواجه هجوماً كبيراً من قوة إقليمية أخرى.
إقرأ أيضاً
ترجمة خاصة.. قلق إسرائيلي متزايد بشأن وضع الحدود مع الأردن
وعلى مدى عقود من الزمان، ركزت "إسرائيل" بدلاً من ذلك على معالجة التهديد الذي تشكله فصائل مسلحة ضدها، وظل مفهوم الأمن الإسرائيلي يقوم على الحروب القصيرة على أراضي "العدو".
لكن ما يقرب من عام من القتال الشديد والمتوسط الشدة في غزة والقتال المحدود الشدة على الحدود الشمالية مع لبنان قد أرهق هذا النموذج الإسرائيلي بشدة.
كما أن سنوات من الاضطرابات السياسية داخل إسرائيل نفسها قد عرضت قوة البلاد للخطر.
حرب على سبع جبهات
منذ البداية، كانت حرب الإبادة في غزة مختلفة عن أي من الحروب التي خاضتها دولة الاحتلال في العقود الأخيرة.
ومع تطور الهجوم الإسرائيلي، سرعان ما وجدت دولة الاحتلال نفسها في مواجهة سبع جبهات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
ففي غزة، جمعت القوات الإسرائيلية بين الغارات الجوية والمناورات البرية، وعلى طول الحدود الشمالية مع لبنان، بدأت عمليات هجومية ضد حزب الله، الذي بدأ هجمات صاروخية وطائرات بدون طيار وقذائف على دولة الاحتلال بشكل منتظم.
وبمرور الوقت، نفذت دولة الاحتلال ضربات في إيران واليمن، وأجرت عمليات عدوانية في الضفة الغربية المحتلة. وقد جاءت الحرب مصحوبة بتكاليف بشرية واقتصادية وسياسية باهظة.
ومنذ هجوم طوفان الأقصى خسر الجيش الإسرائيلي أكثر من 700 جندي، وأصيب الآلاف غيرهم. والواقع أن العبء الواقع على عاتق قوات الاحتياط ثقيل بالفعل.
وعلى هذه الخلفية، هناك دعوات متزايدة لتجنيد قطاعات إضافية من المجتمع الإسرائيلي في الجيش، وخاصة المتدينين المتشددين، الذين يعفون في الغالب من الخدمة ويعارضون بشدة أي شرط جديد.
تكاليف أعلى
وإلى جانب هذه التحديات القائمة، فإن اندلاع حرب إقليمية شاملة من شأنه أن يضيف ضغوطاً جديدة وتكاليف أعلى. وللتحضير لذلك، يتعين على "إسرائيل" أن تتعهد بإعادة النظر على نطاق أوسع في استراتيجيتها الأمنية.
ومع تهديد الحرب في غزة بالتحول إلى صراع إقليمي شديد الشدة، فإنها تمثل عودة إلى التهديد الذي واجهته "إسرائيل" طوال تاريخها.
وكانت استراتيجية دولة الاحتلال تركز على مفهوم الأمن بناء على ثلاثة ركائز: الردع، والإنذار المبكر، والنصر الحاسم.
وقد تناقضت العديد من الافتراضات التي تقوم عليها العقيدة الأمنية القائمة في دولة الاحتلال.
وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فشلت "إسرائيل" في تنفيذ ثلاثة من الركائز الأربع: فقد ثبت أن ردعها غير فعال، وفشلت أنظمتها للإنذار المبكر، وانهار دفاعها الأرضي الضعيف أمام غزو المقاومة الفلسطينية الهائل.
وعلى نفس القدر من الأهمية، مع تطور الحرب، تناقضت العديد من المبادئ والافتراضات التي تقوم عليها العقيدة الأمنية والتخطيط القائم: تخوض "إسرائيل" حربا بدأت على أراضيها، وقد شردت مجتمعاتها الحدودية في الشمال والجنوب.
وبعد عام من القتال لا تزال "إسرائيل" بعيدة كل البعد عن القضاء على المقاومة في غزة، حيث أظهرت حركة حماس بالفعل علامات على انتعاشها، وتجنيد أعضاء جدد في صفوفها، والحفاظ بعناد على قبضتها على الأرض.
وإذا اتسع نطاق الحرب وأطال أمدها، فسوف تتعرض الافتراضات الأمنية القائمة لمزيد من التحديات.
كما أن اندلاع حرب أوسع نطاقا من شأنه أن يكون أكثر تدميرا من أي شيء شهدناه حتى الآن.
ومن المرجح أن تتصرف إيران ودول المحور بتنسيق عملياتي أكبر كثيرا. ومن المرجح أيضا أن تهاجم قوات المحور القوات الأميركية في المنطقة، فضلا عن الأردن ودول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وعلى المستوى السياسي واللوجستي على الأقل، قد تتورط الصين وروسيا أيضا، وبالتالي فتح مسرح نشط آخر لمنافستهما كقوى عظمى ضد الغرب.
وإن ما يزيد المشكلة تعقيداً هو أن الحكومة الإسرائيلية فشلت إلى حد كبير في معالجة الأبعاد القانونية والسياسية للحرب. وكلما طالت الحرب، كلما واجهت إسرائيل عزلة سياسية وتساؤلات حول شرعية عملياتها، حتى مع بقاء وجهات النظر الدولية السلبية تجاه معسكر "العدو" ــ بين غزة وطهران ــ مستقرة إلى حد ما.
ومن بين الأسباب وراء هذا أن الحكومة الإسرائيلية رفضت التعبير عن أي رؤية إيجابية لما بعد الحرب في غزة. وفي صراع إقليمي واسع النطاق، قد تمتد هذه المشكلة إلى ساحات أخرى أيضاً: وخاصة في لبنان.