الرئيسية / الأخبار / فلسطين
مدير جمعية الاغاثة الزراعية منجد أبو جيش: الخسائر تقدر بمئات الملايين والتعافي يحتاج لسنوات العدوان يوجه ضربة قاصمة للقطاع الزراعي ويهدد الأمن الغدائي في قطاع غزة
تاريخ النشر: أمس الساعة 13:16
مدير جمعية الاغاثة الزراعية منجد أبو جيش: الخسائر تقدر بمئات الملايين والتعافي يحتاج لسنوات العدوان يوجه ضربة قاصمة للقطاع الزراعي ويهدد الأمن الغدائي في قطاع غزة
مدير جمعية الاغاثة الزراعية منجد أبو جيش: الخسائر تقدر بمئات الملايين والتعافي يحتاج لسنوات العدوان يوجه ضربة قاصمة للقطاع الزراعي ويهدد الأمن الغدائي في قطاع غزة

نابلس/ سامر خويرة/ الرواد للصحافة والاعلام
يشكل القطاع الزراعي في غزة ركناً أساسياً وحيوياً ضمن مكونات الاقتصاد الفلسطيني، إذ يساهم بشكل ملموس في الناتج المحلي الإجمالي إلى جانب قطاعات إنتاجية أُخرى، ويتميز هذا القطاع بدوره الفعّال في تعزيز الاقتصاد الوطني، وفي توفير فرص العمل والمساهمة في التخفيف من وطأة البطالة.
ووفقاً للبيان الصحافي الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بشأن تأثير العدوان الإسرائيلي على القطاع الزراعي في قطاع غزة لعام 2023، فقد بلغت نسبة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 نحو 11%.
كذلك أظهرت الإحصاءات أن نسبة الصادرات الزراعية من قطاع غزة شكلت 55% من مجمل الصادرات للعام ذاته، بقيمة أولية للصادرات السلعية وصلت إلى 32.8 مليون دولار.
وتركزت هذه الصادرات بشكل أساسي في زراعة الخضروات ومنتوجات البستنة والمشاتل، بقيمة بلغت 16.1 مليون دولار، وبالنسبة إلى المنتوجات، كانت ثمار البندورة الأكثر تصديراً بنسبة 33.1% من إجمالي الصادرات الزراعية لعام 2022، يليها الخيار بنسبة 33%.
وتُعد مناطق شمال قطاع غزة من أشد المناطق تضرراً جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة، حيث تستحوذ على أكثر من ثلث الأراضي الزراعية في القطاع، بنسبة تزيد على 33% من المساحة المخصصة لزراعة الخضروات والمحاصيل الحقلية، وهي تساهم في توفير أكثر من 30% من الحاجات الغذائية للقطاع من الخضروات والمحاصيل الحقلية، كالقمح وباقي أنواع الحبوب، وفقا لاتحاد لجان العمل الزراعي في غزة.
أمّا محافظة خان يونس، فقد شهدت أيضاً دماراً واسعاً لأراضيها الزراعية، إذ تم تدمير أكثر من 90% منها، وهو ما يسلط الضوء على حجم الضرر الهائل الواقع على البنية التحتية الزراعية في القطاع كون مناطق شمال قطاع غزة ووسطه من أكثر المناطق تضرراً خلال هذه الحرب، وتعد مناطق وسط القطاع وشماله العمود الفقري للزراعة في غزة، حيث تبلغ نسبة الأراضي الزراعية في هذه المناطق مجتمعة ما يزيد على 63% من المساحة الزراعية الإجمالية، موفرة الجزء الأكبر من الغذاء لأكثر من 2.3 مليون نسمة يقطنون القطاع، وفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2023.
ويقول مدير جمعية الإغاثة الزراعية في فلسطين، منجد أبو جيش، إن حجم الدمار الهائل الذي لحق بالقطاع الزراعي في قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر، جعل أكثر من 90% من الأراضي الزراعية في القطاع غير صالحة للزراعة، ما أدى إلى انهيار الأمن الغذائي في غزة وتفاقم الأزمة الغذائية بشكل غير مسبوق".
وحذر أبو جيش من أن العدوان الإسرائيلي قد يقضي على الزراعة بشكل كامل، "لدينا حصر أولي مفاده أن هناك 30 ألف دونم استهدفها الاحتلال بشكل مباشر، وهذا أدى إلى خراب مزروعاتها، وعدم مواءمتها للزراعة لاحقاً، نظراً لكمية المتفجرات التي أُلقيت عليها، كما اقتلع الاحتلال وأحرق وأفسد مئات آلاف الأشجار المثمرة، كالزيتون والحمضيات، وعشرات آلاف الدونمات الزراعية، بالإضافة إلى تدمير المنشآت الزراعية كمزارع الماشية والدواجن، ومنع كثيرا من المزارعين من الوصول إلى مزارعهم لاسيما في مناطق التماس".
وفي وقت يصعب احصاء قيمة الخسائر، لكنها تقدر بمئات ملايين الدولارات بشكل مبدئي. ووفقاً لما ذكره الجهاز المركزي للإحصاء في بيان صحافي، تقدر الخسائر في الإنتاج الزراعي بما يقارب 2 مليون دولار، نتيجة تعطل دورة الإنتاج بسبب القصف المتواصل، والتدمير، والتجريف، بالإضافة إلى إغلاق العديد من الأراضي الزراعية على طول حدود القطاع التي تمثل أغلبية الأراضي الزراعية.
وتزداد الخسائر بشكل ملحوظ عند احتساب الدمار الواقع على قيمة الأصول والممتلكات الزراعية وتجريف المساحات الزراعية، الأمر الذي يرفع من إجمالي تكلفة الخسائر.
ووفقاً لتقديرات متنوعة صادرة من قطاع غزة بخصوص القطاع الزراعي، من الممكن أن تتجاوز الخسائر الزراعية الكلية ربع مليار دولار، في ظل استمرار الاحتلال في تدمير آلاف الأشجار وتجريف العديد من المساحات والممتلكات الزراعية.
وإذا ما تمت إضافة الخسائر غير المباشرة للقطاعات التصنيعية الأُخرى المتصلة بالزراعة، فإن حجم الخسائر سيكون أكبر وأشد وطأة، وستستغرق عملية التعافي من هذه الآثار سنوات طويلة.
ويلخص أبو جيش ذلك بقوله "هناك خسارة لكل المزروعات، بسبب عدم قدرة المزارعين على الوصول لأراضيهم لسقايتها ومتابعتها، وحتى لو وصلوا فلن يستطيعوا تشغيل الآبار لعدم وجود الوقود والكهرباء... آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية المحمية والآبار الارتوازية قد تم تدميرها بالكامل، وقطاع النحل لن يعود إلى سابق عهده إلا بعد سنوات من إعادة التأهيل. كما أن قطاع الثروة الحيوانية تضرر بشكل كبير، حيث فقد 60% من الأغنام والأبقار نتيجة لتدمير المزارع ومنع دخول الأعلاف والمواد العلاجية مثل الطعومات اللازمة لحماية المواشي والثروة الحيوانية من الأمراض التي فتكت بها، وأشار إلى نفاد علف الدجاج، وبالتالي نفوق الدواجن.
وفي احصائية نشرت أواخر آذار الماضي، فقد تضرر أكثر من 70% من قطاع الأبقار، حيث أن أكثر من 15 ألف بقرة قتلت أو جرى ذبحها بسبب المجاعة الحاصلة فضلًا عن صعوبة استعادة هذا القطاع على المدى البعيد، لأن إدخال الأمهات أمر صعب حتى قبل العدوان وإضافة إلى تضرر المواشي، فنحو 100 ألف رأس تضرر 70% منها، والدواجن تضرر نحو 80% منها بعد أن كانت تنتج مليوني بيضة يوميًا وتغطي جميع الاستهلاك".
ولفت إلى أن الاحتلال يسيطر على 85% من المياه الفلسطينية الصالحة للشرب والزراعة، ما يزيد من تعقيدات الوضع الزراعي في فلسطين، ويهدد "الأمن الغذائي"، فقد تعمد الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة التدمير الممنهج للأراضي الزراعية في وسط القطاع وشماله، التي تشكل ثلثي المساحة الزراعية، وتساهم في إنتاج أكثر من ثلثي غذاء قطاع غزة، وخصوصاً الخضروات.
وكانت هذه المناطق حتى لحظة اجتياحها توفر 60 ألف طن من الخضروات والمحاصيل الحقلية، وقد حُرم السكان في غزة من هذه الكميات من الغذاء عن طريق منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم لحصادها تطبيقاً لقرار وزير الحرب الإسرائيلي بفرض حصار على القطاع ومنع سكانه من الوصول إلى مقومات الحياة والتي من أبرزها الطعام، وذلك بهدف تجويعهم وإخضاعهم باستخدام الطعام كسلاح!
ورغم التحديات، نجحت الإغاثة الزراعية في تنظيم فرق طوارئ وتوزيع المياه والغذاء في غزة، بالإضافة إلى تقديم خدمات طبية وإغاثية للمتضررين.
ويشيد أبو جيش بلجوء الفلسطينيين إلى "الأرض والزراعة" كوسيلة حيوية لتأمين غذائهم في مواجهة الحصار الخانق، الذي يستخدم الجوع كسلاح فتاك ضدهم.
وتحولت الزراعة في القطاع إلى ملاذ آمن وعنصر مقاومة فعّال ضد الجوع، حيث تمكن المزارعون الفلسطينيون، على الرغم من الحرب والاستهداف المستمر والمباشر للأراضي الزراعية في جميع أنحاء القطاع، من توفير كميات كافية من الإنتاج الزراعي.
كما أن مواصلة بعض المزارعين في قطاع غزة إنتاجهم الزراعي على الرغم من الحصار والقصف ومنع الوصول إلى الأراضي، شكل مفاجأة صادمة للاحتلال، الذي كان يتوقع أن يُسرع حصار الجوع والحرمان في استسلام قطاع غزة، معتبرا ذلك أسلحة مؤثرة لا تقل خطورة عن القصف المتواصل.
وأشار إلى أن العدوان ترك أثارا بليغة على الضفة الغربية، التي كانت تعتمد بشكل كبير على المنتجات الزراعية القادمة من غزة، مثل البندورة والخيار، التي كانت تُسهم في استقرار الأسعار، فقد كنّا نعتمد على المنتجات الزراعية من قطاع غزة لتغطية الطلب خاصة في فصل الشتاء، إذ يكون الإنتاج قليلاً مقابل الاستهلاك المرتفع، كنا نعوض النقص في السوق من بعض المحاصيل من القطاع، إضافة لدور هذه المنتجات في تعديل الأسعار لمساعدة أصحاب الدخل المتوسط والمحدود على الشراء، غير ذلك تأتينا المنتجات الزراعية إما من اسرائيل أو من المستوطنات، وكنا نحارب هذا الأمر بالحصول على منتجاتنا من غزة، وفي ظل الحرب تعذّر ذلك، بالتالي صار توفر المنتج بأسعار عالية جدا تفوق قدرة متوسطي ومحدودي الدخل".
وتقدم الاغاثة سلسلة طويلة من الخدمات وتحاول رغم الظروف تنفيذ ما تستطيع من مشاريع، ومؤخرا أنهت تأهيل وتطوير 6 وحدات إنتاجية للتصنيع الغذائي، وذلك عبر استعادة الأصول والموارد المتضررة وتحسين القدرات التقنية والمالية لأصحاب المشاريع الإنتاجية الصغيرة، من خلال تقديم الدعم المادي لإعادة دمج الوحدات الإنتاجية في السوق المحلي.
ويهدف هذا المشروع الى تعزيز سبل العيش المستدام بما يعزز الصمود والقدرة على التعافي من خلال دعم الفئات الضعيفة والقطاعات الإنتاجية المتضررة في قطاع غزة، نتيجة الحرب والحصار المستمر منذ تسعة أشهر حيث تسببت الحرب في تدمير العديد من الوحدات الإنتاجية وزيادة معدلات انعدام فرص العمل والدخل، مما دفع الإغاثة الزراعية لتقديم هذا الدعم الحيوي.
ومع ذلك، تواجه المشاريع الصغيرة في غزة تحديات كبيرة، منها نقص التمويل وصعوبة الوصول إلى الأسواق ونقص المواد الخام، بالإضافة إلى الأوضاع غير المستقرة التي تجعل من الصعب التنبؤ بالمستقبل وتخطيط النمو.
وشمل الدعم توسيع أعمال الوحدات الإنتاجية وتمكينها من الوصول إلى الأسواق وتشبيك القائمين عليها مع أصحاب المصلحة في السوق المحلى؛ مما يسهم في تحسين سبل العيش للفئات المستهدفة.
ويأتي هذا التدخل في إطار "تعزيز الفرص الاقتصادية والدعم النفسي الاجتماعي والمشاركة في سبل العيش (PEOPLE)"، بتمويل من المفوضية الأوروبية (EU).
وستعمل الإغاثة الزراعية على توقيع مذكرة تفاهم مع الوحدات الإنتاجية المستهدفة والتي تم اختيارها من لجنة متخصصة.
وختم أبو جيش بتأكيده على ضرورة زيادة الميزانية المخصصة للزراعة من الحكومة الفلسطينية، والعمل على حماية الأراضي من المصادرة، مشددًا على أن الاستثمار في الزراعة هو السبيل الوحيد لتعافي هذا القطاع الحيوي.


 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017