بقلم د.اياد القرم
الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة ضد وكالة الأونروا في فلسطين:
تأسست وكالة الأونروا عام 1949 بقرار من الأمم المتحدة بهدف تقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين بعد حرب 1948، وأنشئت الوكالة لتقديم خدمات التعليم والصحة والإغاثة، ما ساعد الفلسطينيين اللاجئين على مواجهة الأوضاع الصعبة وسط أوضاع سياسية غير مستقرة، حيث تقدم الأونروا خدمات أساسية تشمل التعليم لأكثر من نصف مليون طفل، والرعاية الصحية من خلال عياداتها، والدعم الغذائي لأسر فقيرة، والمساعدة في إعادة بناء البنية التحتية، وقد باتت هذه الخدمات حيوية لاستقرار حياة اللاجئين الفلسطينيين، خاصة في مناطق مثل غزة والضفة الغربية.
بعد التصعيد الأخير في غزة وتحديدا بعد السابع من اكتوبر 2023، واجهت الأونروا تحديات متزايدة من نقص التمويل والتصعيد العسكري، مما أثر على قدرتها في تقديم المساعدات الغذائية والخدمات الأساسية التي يعتمد عليها الكثير من السكان المتضررين، فقد ادعت إسرائيل أن بعض مرافق الأونروا وموظفيها، مرتبطين ببعض الفصائل الفلسطينية كذريعة لاستهداف الاونروا وتصفية قضية اللاجئين.
ومن هنا شنت إسرائيل هجمات على منشآت الأونروا في غزة ضمن عملياتها العسكرية، كما فرضت قيودًا تحد من وصول الإمدادات الإنسانية، ما أدى إلى توقف بعض الخدمات الأساسية التي كانت الوكالة تقدمها للاجئين في المنطقة، وفي خطوة تصعيدية، أغلقت إسرائيل مكاتب الأونروا في الضفة الغربية، ليثير ذلك القلق والمخاطر حول مصير الخدمات التي تقدمها الوكالة للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، خاصةً في المخيمات التي يعتمد سكانها بشكل كبير على دعم الوكالة.
وفي آخر تصعيد إسرائيلي ضد وكالة الأونروا، أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة رسميًا بحظر عمل الأونروا في الأراضي الفلسطينية، مما يعكس نيتها إنهاء دور الوكالة، ويعزز هذا القرار المطالبات الإسرائيلية بإلغاء تفويض الوكالة في محاولة للضغط على المجتمع الدولي لعدم تجديد دور الأونروا في الأراضي الفلسطينية، ومن شأن حظر الأونروا أن يضاعف معاناة اللاجئين الفلسطينيين، إذ يعتمد ملايين اللاجئين على خدماتها الأساسية، ويهدد هذا القرار بتفاقم الأزمات الإنسانية ويثير مخاوف من انهيار الخدمات الأساسية، مما قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية في المناطق التي تخدمها الوكالة.
من هنا فإن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة ضد وكالة الأونروا تعكس محاولات منهجية للتضييق على عملها في فلسطين، خاصة بعد الأحداث التي تلت السابع من أكتوبر 2023، فقد تصاعدت التحديات التي تواجهها الوكالة، بدءًا من نقص التمويل وضغوطات القيود الإسرائيلية على وصول المساعدات الإنسانية، وصولاً إلى الاتهامات باستخدام منشآتها لأغراض عسكرية، وآخرها قرار إسرائيل الأخير حول إبلاغ الأمم المتحدة رسمياً بحظر عمل وكالة "أونروا" في فلسطين وبالتالي إغلاق مكاتب الأونروا في الضفة الغربية ومنع عملها في الأراضي الفلسطينية يهدف إلى تقويض دورها التاريخي في دعم اللاجئين الفلسطينيين وتوفير الخدمات الأساسية لهم، فهذه الإجراءات تهدد الاستقرار المجتمعي، إذ تعتمد شريحة كبيرة من اللاجئين في الضفة وغزة على خدمات الأونروا في التعليم والصحة والغذاء، ما يعني أن حظر الوكالة سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في فلسطين، فهذه السياسات تهدف اولاً وأخيراً لتصفية قضية اللاجئين وتصفية القضية الفلسطينية برمتها وسعي إسرائيل للسيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية وضم اجزاء كبيرة من الضفة الغربية لإسرائيل كما هو مخطط ومرسوم في خطة الضم الإسرائيلية وتنفيذا حرفياً لصفقة القرن الأمريكية.